العراق: 711 قتيلاً في الفلوجة... والرمادي تترنّح

13 يونيو 2016
قوات عراقية على مداخل الفلوجة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
دخلت الفلوجة، أمس الإثنين، أسبوعاً جديداً من المعارك، وسط إعلانات خجولة للقوات العراقية، تتحدث عن نجاحها في تحقيق تقدم واختراق أول أحياء المدينة من المحور الجنوبي، غير أن الواقع يتحدث عن غير ذلك مع اتساع المعارك واستمرار القصف الجوي والمدفعي على أسوار المدينة. في هذه الأثناء، عادت الرمادي إلى الواجهة، بعد هجوم وُصف بـ"المفاجئ" لعشرات المسلحين التابعين لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أدى إلى احتلال التنظيم مناطق عدة من الرمادي، وإيقاع خسائر كبيرة في صفوف القوات العراقية والمليشيات.

في هذا السياق، تكشف مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد"، أن "سخونة المعارك انتقلت من المحور الجنوبي والجنوبي الشرقي إلى غربي الفلوجة، تحديداً في منطقتي الفلاحات والحلابسة، اللتين لا يفصلهما عن الفلوجة سوى نهر الفرات". وتشير المصادر ذاتها إلى أن "القوات العراقية تعوّل على نفاد الانتحاريين لدى التنظيم، كونه السلاح الأخطر الذي أوقع المئات من القوات العراقية والمليشيات منذ بدء المعارك".

في هذا الإطار، يقول المقدم، فراس أحمد الطائي، من اللواء 15 في الجيش العراقي في المحور الجنوبي، لـ"العربي الجديد"، إن "المعارك مستمرة، ولا توجد أية نية لإيقاف العمليات كما تروج لها وسائل إعلام". ويبيّن أن "لا اقتحام لمركز الفلوجة، والمعارك تدور على أطراف المدينة".

وحول مصير المدنيين، يشير إلى أنه "لا نعلم أين هم ولا يمكن التواصل معهم، والمعركة مفصلية، وتحوّلت إلى إثبات وجود للدولة". وينوّه إلى أن "الحرس الثوري ما زال متواجداً مع مليشيات الحشد ويشارك في المعارك بشكل مباشر". وفيما كشفت مصادر بالطبابة العسكرية العراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن ارتفاع خسائر مليشيات الحشد والجيش العراقي والشرطة الاتحادية إلى نحو ثلاثة آلاف قتيل وجريح، شككت مصادر سياسية عراقية بتلك الأرقام، متهمة الحكومة بـ"عدم المصداقية في الكشف عن عدد الخسائر الحقيقي وتوظيف الملف سياسياً".




ويكشف مصدر في مستشفى الطبابة العسكرية بمنطقة الصرّافية ببغداد، لـ"العربي الجديد"، عن أن "مجمل خسائر معركة الفلوجة منذ انطلاقها وحتى يوم الإثنين بلغت 711 قتيلاً، موزعين على الشكل التالي: 248 من الجيش العراقي، بينهم 76 ضابطاً برتب مختلفة، فيما قُتل 388 من مليشيات الحشد الشعبي، و75 من الشرطة الاتحادية، فيما بلغ عدد الجرحى 2020 جريحاً، غالبيتهم من مليشيات الحشد والجيش"، لافتاً إلى "تسجيل فقدان نحو 80 عنصراً من القوات المشتركة".

وحول خسائر قوات العشائر، يؤكد المصدر أنها "لا تصل إليهم كونهم من أهل المنطقة كما لا تصل الجثامين إلى بغداد". ويضيف أن "الضحايا سقطوا في قواطع الكرمة وإبراهيم ابن علي والصبيحات والسجر والصقلاوية والأزركية والنعيمية والهياكل والنساف والفلاحات، فضلاً عن مناطق مشارف الفلوجة".

غير أن القيادي في التيار الصدري العراقي، وائل الطائي، يعتبر أن "تلك الأرقام غير حقيقية". ويضيف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة تستثمر معركة الفلوجة لإخماد المطالب بالإصلاح، وتحاول التسويق للمعركة على أنها ناجحة، ولا توجد شفافية فيها، وأن أبناء الحشد يقاتلون هناك، وينقلون لنا صورة تختلف عن صورة الإعلام الحكومي". من جهتها، تؤكد مصادر عشائرية مقتل 57 عنصراً من مقاتليها في تلك المعارك.

في سياق متصل، تنوّه مصادر مطلعة في الفلوجة، إلى أن "عدد قتلى داعش ارتفع إلى أكثر من 300 عنصر منذ بدء المعارك، ويشمل ذلك الفلوجة والكرمة والصقلاوية والنعيمية (ريف الفلوجة المحيط بها)". وتتحدث المصادر الخاصة، لـ"العربي الجديد"، عن أن "غالبية قتلى التنظيم سقطوا جراء القصف الجوي للتحالف الدولي على الفلوجة". ووفقاً للمصادر ذاتها فإن الغالبية العظمى منهم عراقيون، فيما تؤكد السلطات الطبية بالفلوجة ارتفاع عدد الضحايا المدنيين إلى 94 قتيلاً، من بينهم 51 طفلاً وامرأة، فضلاً عن جرح 178 آخرين، أكثر من نصفهم أطفال، سقطت غالبيتهم جراء قصف مليشيات الحشد للفلوجة بصواريخ محلية الصنع. كما تفيد معلومات عدة بقيام "داعش" بإعدام عدد من المواطنين داخل الفلوجة، بتهمة التعاون والتجسس وإعطاء إحداثيات للقوات العراقية. ووفقاً للمصادر فإن من بين الذين أعدمهم التنظيم صبيان دون سن الرابعة عشرة في جريمة جديدة لـ"داعش".

في الرمادي، تمكن التنظيم من السيطرة على مناطق البو ريشة وطوي والبو جدعان وجزيرة البو علي الجاسم، شمال وشمال غرب وشمال شرق الرمادي، على الرغم من القصف الجوي والمقاومة التي أبدتها قوات الجيش والشرطة والعشائر في تلك المناطق، والتي اضطرت ظهر أمس إلى الانسحاب منها إلى داخل الرمادي، وإعلان حظر التجوال، خوفاً من وصول عناصر "داعش" إلى داخل المدينة.

ويقول العقيد، محمد الدليمي، من قوات الشرطة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "الخرق والانتكاسة حصلت بعد انسحاب قوات فوج المغاوير السادس عشر من إحدى مناطق التماس مع جزيرة الخالدية، شرق الرمادي، التي يتواجد فيها داعش منذ أشهر".

ويضيف الدليمي أن "التنظيم سيطر على تلك المناطق، ونخشى تمدده إلى مناطق أخرى مجاورة، وصولاً إلى مركز الرمادي"، لافتاً إلى أن "تعزيزات انتقلت إلى الرمادي، وفُرض حظر تجوّل، منعاً لأي تمدد، وجرى طلب مساعدة من قوات بمدن مجاورة". ويصف الوضع في الرمادي بالـ"مترنح".