اعتبر محللون في الصحافة الإسرائيلية، أن الصمت الروسي على الغارة التي شنتها إسرائيل في سورية، فجر الأربعاء، بمثابة تسليم روسي بالخطوط الحمراء التي أعلنتها إسرائيل بشأن عدم قبولها بنقل أسلحة وصواريخ من سورية إلى لبنان.
وأشار المعلق العسكري للقناة الثانية الإسرائيلية، روني دانييل، إلى أن الغارة التي نفذتها إسرائيل بحسب تقارير أجنبية، تمت في ساعات الليل، وهو أمر اعتبره دانييل يتكرر باستمرار.
وقال إنه من الملاحظ، أن الطيران الروسي المساند للنظام السوري، يشن ضربات جوية عادة في ساعات النهار، بينما تقوم إسرائيل بعملياتها عادة في ساعات الليل.
وأضاف أنه على الرغم من أن إسرائيل تلتزم الصمت، فإنه من الواضح أنه لا يوجد هناك سلاح جو آخر بعد السلاح الروسي، ينشط أو له نشاط معين في الأجواء السورية.
في المقابل، لفت محلل الشؤون العسكرية في موقع "والاه"، أمير بوحبوط، إلى أن الكرملين لم ينشر أي تعليق أو بيان يتحدى أو يعترض على الخطوط الحمراء الإسرائيلية، وأنه من المحتمل أن ينطوي هذا الصمت على إقرار وموافقة على السياسة الإسرائيلية طالما لا تمس بمصالح روسيا.
ومع أن بوحبوط أشار إلى أن روسيا تواصل توثيق تعاونها العسكري مع كل من إيران ونظام الأسد و"حزب الله"، إلا أن "حزب الله" لا يتمتع كلياً بحماية الطيران الروسي، وهو ما يتيح للجيش الإسرائيلي حرية العمل والحركة.
وكشف بوحبوط أن جهات سياسية وأمنية إسرائيلية وروسية مشتركة أجرت أخيراً، سلسلة محادثات سرية ومغلقة، وقال خلالها الجانب الروسي بشكل واضح أن روسيا لا تعتبر "حزب الله" عدواً ولا إيران دولة عدوة، بل جزء من الجهد العسكري لحماية نظام الأسد والإبقاء عليه.
مع ذلك لفت بوحبوط إلى أن روسيا تملك أجهزة رصد ورادارات متطورة، ولذلك يمكن "الافتراض بأنه في حال نفذت إسرائيل عملية القصف الجوي ضد قافلة أسلحة لحزب الله، كان بإمكان الجيش الروسي رصدها، ولم يتحرك لوقفها أو مواجهتها لأنها لم تكن موجهة ضد مجال اهتماماته".
من جهته، اعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنه في حال "صحت" التقارير عن الغارة الإسرائيلية فإن ذلك يدل على حاجة عملياتية عاجلة.
وكرر هرئيل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من خطابه الأخير في الأمم المتحدة، في سبتمبر/ أيلول الماضي أن إسرائيل ستواصل العمل لمنع تهريب الأسلحة المتطورة من سورية إلى حزب الله في لبنان.
أما فيما يتعلق بتفاهمات روسية إسرائيلية تقوم على غض روسيا النظر عن شن إسرائيل غارات في الأراضي السورية، فأشار إلى أنه في حال وجود مثل هذه التفاهمات فإن الطرفين لا يفصحان عن ذلك بشكل مباشر.
مع ذلك يتفق هرئيل وبوحبوط في كون الغارة الإسرائيلية، يجب أن تأخذ في سياق نظرة أوسع تتعلق بالدور الأميركي في المنطقة، وما يبدو بعدم وجود رغبة لدى إدارة باراك أوباما في استغلال الأيام المتبقية له في البيت الأبيض لوقف تقدم نظام الأسد وروسيا.
واعتبر هرئيل أنه في حال واصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دعمه الكامل لنظام بشار الأسد وتمكن الأخير من تحسين أوضاعه الميدانية لدرجة فرض شروطه على المعارضة السورية، فإن ذلك سيكون تطوراً سلبياً من وجهة نظر إسرائيل. فبالنسبة لنتنياهو، حتى وإن لم يعترف بذلك علناً، فقد كانت الحرب الدائرة في سورية منذ أزيد من خمس سنوات بمثابة تطور استراتيجي إيجابي لصالح إسرائيل، لجهة استنزاف المعسكرات المعادية.