نظام السيسي يرفض محاولات رفع التضييق على المعارضة

08 مايو 2018
السيسي يرفع شعاراً أمنياً في السلطة (صلاح ملكاوي/Getty)
+ الخط -
يبدو أن النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي لا ينوي الاتجاه إلى انفراجة في المشهد السياسي الراهن في مصر، لناحية خنْق المجال العام وكبت الحريات والتوسع في ملاحقة المعارضة وتحديداً من الشباب، والتضييق عليها.

ووجّه السيسي رسائل مباشرة للمعارضة من غير التيار الإسلامي، خلال مناسبات عامة، مفادها بـ"أنه ليس شخصاً سياسياً"، مؤكداً بذلك ما نشرته "العربي الجديد" حول تطلُّع الجهات الأمنية بإدارة هذا الملف بالكامل. وكشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن "مدير مكتب السيسي، عباس كامل، والمكلف بإدارة جهاز الاستخبارات العامة، عرقل كل المطالبات والمحاولات، لتهدئة الأوضاع السياسية المحتقنة في البلاد".

وقالت المصادر إن "بعض المقرّبين من دائرة اتخاذ القرار ومؤسسة الرئاسة، حاولوا التدخل من أجل إتاحة المجال العام والحريات السياسية، وعدم ملاحقة المعارضين والشباب، من دون أن يكون للأمر علاقة بجماعة الإخوان المسلمين". وأضافت أن "هذه المحاولات جاءت قبل انتخابات الرئاسة الماضية، في إطار تحسين صورة النظام خارجياً، وعدم فتح مجال لانتقادات غربية سواء رسمية أو غير رسمية من صحف ومؤسسات دولية، للأوضاع والتضييق على المعارضة، قبل الانتخابات".

وأوضحت المصادر أن كل "هذه المحاولات لم يكن لها صدى لدى مؤسسة الرئاسة، وكانت الردود عبارة عن وعود لاتخاذ خطوة لتقليل القيود على المعارضة لكن عقب انتخابات الرئاسة، إلا أنه في الفترة التي سبقتها كان الرفض سيد الموقف". وحول ما إذا كانت هذه المحاولات مرتبطة بمبادرة عضو مجلس النواب السابق محمد أنور السادات أم لا، أشارت إلى أن "المبادرة كانت مؤشراً جيداً، على وجود أصوات من المعارضة ترغب في الحوار مع النظام الحالي، ولكنها لم تكن أساس التواصل مع مؤسسة الرئاسة".

وأكدت المصادر نفسها أن "المعارضة لم تكن طرفاً أو طلبت هذه الوساطة، لكن كانت بمبادرة من بعض المقربين من النظام الحالي، وغير المحسوبين على الجناح الموالي تماماً". وعن هذه الشخصيات، قالت المصادر إنها "مكوّنة من أساتذة جامعيين وشخصيات عامة، بعضها يقدم استشارات محددة لمؤسسة الرئاسة وبعض أجهزة الدولة". واستبعدت المصادر "وجود انفراج كبير في الوضع العام بالدولة خلال الفترة المقبلة، ولكن ربما تقل حدة ملاحقة المعارضين والشباب"، متوقعة "تخفيف حدة التضييق على المعارضة إذا كان النظام جادّاً في مسألة إشراكها في انتخابات المحليات المقبلة". وأشارت إلى أن "التعامل مع ملف المعارضة لا يخضع لأي آراء سياسية ولكن يتم النظر لهذا الملف من وجهة نظر أمنية فقط، ومدى تأثير المعارضة على اهتزاز النظام الحالي".



وشددت  المصادر على أن "هناك تصوراً يتعلق بأن إتاحة المجال للمعارضة بشكل واسع، قد تسهم في توظيف حالة الغضب الشعبي ضد السيسي وقراراته السلبية التي أثّرت على الطبقات الفقيرة والمتوسطة على حد سواء، بما يعبئ مشاعر الغضب الشعبي". وأظهرت استطلاعات رأي لمؤسسات بحثية وجهات سيادية، "تراجع شعبية السيسي وسط مؤيديه لدرجة غير مسبوقة قبل انتخابات الرئاسة الماضية، بما دفع النظام الحالي إلى اللجوء لأسلوب الإجبار والضغوط لحشد المواطنين للإدلاء بأصواتهم".

وبموازاة ذلك، وبحسب ما كشفته مصادر خاصة قبل انتخابات الرئاسة الماضية، فإن "الدائرة الأمنية التي يترأسها عباس كامل، وجهت تحذيرات شديدة للمعارضة سواء الحزبية أو الحركات الشبابية، بعدم الحديث عن مقاطعة الانتخابات الرئاسية".

من جهته، قال خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن "الحياة الحزبية في مصر متوقفة تماماً، فلا يوجد على الساحة إلا الأحزاب المؤيدة للنظام الحالي، وبالتالي فإن المعارضة تعرّضت لتضييق شديد، حجّم من قدرتها على ممارسة أي دور". وأضاف الخبير السياسي في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع العام في مصر لا يبشّر بممارسة سياسية وحزبية جيدة، في ظل وجود رغبة لتكرار تجربة الحزب الوطني المنحل، عبر تأسيس حزب للسيسي، وهذه الفكرة في حد ذاتها مقبرة للحياة الحزبية، وتفسر جزءاً من التضييق على المعارضة".

ولفت الخبير نفسه إلى أن "هامش الحرية التي اكتسبته القوى الحزبية والحركات الشبابية عقب ثورة 25 يناير وفي بعض الأوقات عقب الإطاحة بمحمد مرسي من سدة الحكم، أغلق تماماً الآن، بما يعني أن ثمة ردة حقيقية على مكتسبات ثورة يناير". وأشار إلى أن "النظام الحالي يحاول التضييق على المعارضة إلى أقصى حد، لتصبح الأحزاب والكيانات السياسية عبارة عن مقار فقط، ومن يتجاوز الخط الأحمر يتم الإطاحة به، وأبرز مثال على ذلك عبد المنعم أبو الفتوح، الذي اكتشف النظام الحالي أنه إخواني وينسق مع الجماعة فجأة، بمجرد إطلاق تصريحات تعارض بشدة توجهات السيسي".