بدا أن اجتماع المكتب التنفيذي لحزب "نداء تونس"، الذي عُقد أمس الأحد، زاد من الخلافات داخل الحزب، مع توجيه اتهامات للأمين العام لـ"النداء" محسن مرزوق بضرب مصالح تونس الخارجية، في وقت لم يخرج فيه الاجتماع عن المتوقع بتبني خارطة الطريق التي وضعتها لجنة الـ13 التوافقية، والتي أوصت بعقد مؤتمر توافقي بداية يناير/كانون الثاني المقبل والإعداد لمؤتمر انتخابي بداية الصيف. فيما يبدو أن الاجتماع لن يثني عدداً من النواب الغاضبين عن تقديم استقالاتهم.
وانعقد الاجتماع بحضور كل وزراء "النداء" في الحكومة وأغلبية نواب الكتلة، وحضور 12 نائباً من كتلة الـ32 الغاضبة التي استقال منها رسمياً ثلاثة نواب وخرجوا من الكتلة نهائياً. في المقابل، غاب عن الاجتماع عدد من قيادات الحزب التي تُمثّل شق مرزوق، مع انضمام رجل الأعمال فوزي اللومي إلى المقاطعين للاجتماع وللمؤتمر المقبل الذي وصفه بـ"الإقصائي والمغشوش". وقالت تسريبات لـ"العربي الجديد" إن غضب اللومي مردّه إلى عدم وجوده في قائمة الستة التي سيفرزها المؤتمر التوافقي، بما أن شقيقته وزيرة السياحة سلمى اللومي موجودة في القيادة التي تُعدّ للمؤتمر.
وأعلن المكتب التنفيذي لـ"النداء" في بيان بعد اجتماعه، تبنّيه قرار الهيئة التأسيسية بتفويض الصلاحيات الكاملة للجنة الـ13 لإعداد وتنظيم المؤتمر الأوّل ومنحها كلّ السند القانوني والمالي لذلك. وأكد المكتب التنفيذي ضرورة "مواصلة الحوار الأخوي ورعاية روح التعاضد بين كافة المناضلات والمناضلين، باعتباره الشرط المطلوب لتنظيم المؤتمر التوافقي وإنجاحه، بإفراز قيادة سياسية تحظى بالشرعية والكفاءة وبمساندة القواعد المناضلة والهياكل المناطقية والمحلية والرأي العام الوطني".
اقرأ أيضاً: "نداء تونس" يبحث عن تعويض المستقيلين من كتلته النيابية
وعبّر أعضاء المكتب، بحسب البيان، عن اقتناعهم بأنّ المؤتمر المقبل سينجز المهمات التنظيمية والسياسية العاجلة، وفي مقدّمتها وضع الخطة السياسية المستقبلية لتوضيح الرؤية على قاعدة المبادئ والأهداف التي من أجلها بعثت الحركة، وأوصوا بأن "يكون المؤتمر المقبل فرصة للحزب كي يستقطب المزيد من الطاقات الشبابية والكفاءات التي يزخر بها المجتمع، وكي يفعّل الحزب من جديد نهج الإدماج والتجديد والانفتاح على كافة النخب والشرائح الاجتماعية".
وفي إشارة إلى أزمة النواب الـ32، دعا أعضاء المكتب التنفيذي، "كافة نواب الحزب للحفاظ على وحدة الكتلة النيابية وتماسكها صوناً لمكانته وموقعه المتقدّم في المؤسسات التمثيلية والتنفيذية للدولة".
وأوضح حسونة الناصفي، أحد النواب من مجموعة النواب الـ32 الغاضبين، قبيل إعلان بيان المكتب، أن عدد النواب الذي يهددون بالاستقالة يقارب الـ17 وقد ينسحب منهم نائب أو اثنان آخران اليوم الاثنين أو غداً. غير أن اخباراً تتحدث عن تفتت كتلة الـ32 نائباً المهددين بالاستقالة وتراجع عدد منهم عن ذلك، وهو ما تأكد خلال اجتماع أمس، ولكن المشهد لم يتغير في مجمله. وكان لافتاً خلال اجتماع المكتب التنفيذي أمس، توجيه وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش، اتهامات إلى مرزوق، بالعمل على ضرب مصالح تونس في الخارج. وقال البكوش "إنّ مرزوق عطّل العديد من الاتفاقيات التي أبرمتها الوزارة مع الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ما حال دون تطبيقها وأضر بالبلاد"، واصفاً ما أقدم عليه محسن مرزوق "بالخطير"، مستغرباً خروج هذه التسريبات إلى وسائل الاعلام.
يُذكر أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، كان قد أشار أيضاً في لقاء مغلق مع عدد من قيادات الحزب، إلى أن مرزوق حاول الإضرار بمصالح تونس خصوصاً بعد زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية. ورد مرزوق وقتها بأن زيارته تمت بعلم السفير التونسي وكان الغرض منها إلقاء محاضرات حول الانتقال السياسي في تونس. ولكن مصادر عديدة أكدت أن مرزوق التقى بعدد من المسؤولين في الاستخبارات الأميركية، ورجّحت أن يكون قد قدّم معطيات سلبية عن الوضع في تونس.
وتُشكّل تصريحات البكوش قطعاً للعلاقة مع شق مرزوق في الحزب، بعد أن كان يُتهم بالانتماء إليه، بالنظر إلى تماهي المواقف بخصوص التقارب مع حركة "النهضة". وتأتي هذه التصريحات أيضاً عشية التشكيل الحكومي الجديد الذي يستعد رئيس الحكومة الحبيب الصيد لإجرائه، وسط تشكيك في إمكانية الإبقاء على البكوش في منصبه.
اقرأ أيضاً: مشروع تعديل وزاري "جذري" بتونس:حكومة سياسيين تخلف فريق الكفاءات