لا تكتفي سلطات الاحتلال، بكل ما سرقته من أراضٍ للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ولا حتى بانتهاك قرار مجلس الأمن الذي صدر مؤخراً بوقف الاستيطان، فتعمل بشكل يومي على أن تسيطر على قدر أكبر من الأراضي لصالح التمدد والتوسع الاستيطاني الذي يبتلع أراضي الضفة الغربية يوماً بعد يوم.
حيث اضطر المواطنون الفلسطينيون، في قرى وبلدات مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، بسبب الاكتظاظ السكاني داخل بلداتهم، إلى أن يُنشئوا بيوتاً لهم في أراضيهم المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو، التي وُقعت بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
وسلّم ما يسمى بـ"الإدارة والتنظيم" التابع للاحتلال الإسرائيلي مؤخراً، نحو 20 إخطارا بهدم بيوت قيد الإنشاء، بالإضافة إلى محطة وقود ومنشآت تجارية (بركسات) في قرى ديراستيا والزاوية وحارس وكفر الديك ورافات وبروقين قضاء مدينة سلفيت، عدا عن الاعتداء المستمر على الأراضي الزراعية والطرق التي شقّتها البلديات للتسهيل على المزارعين للوصول إلى أراضيهم لرعايتها.
رئيس بلدية ديراستيا شمال غربي مدينة سلفيت، سعيد زيدان، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الإدارة المدنية أخطرت، منذ أسبوع، 6 منشآت تشمل بيوتا وبركسات زراعية، وذلك في منطقة الواد الشامي المصنفة "ج"، حيث يعمل بها أصحابها منذ سنوات، ولكن الاحتلال يتحجج بأنها في مناطق ممنوع البناء فيها للفلسطينيين، وتابعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي".
زيدان الذي أزال الإخطارات المعلقة على البيوت و"البركسات"، قام بتصويرها وتسليمها لأصحاب "البركسات"، كما أكد أن "البلدية تتابع هذه القضايا قانونيا مع الأهالي والمؤسسات الحقوقية من أجل إيقاف إخطارات الهدم".
وتحاصر بلدة ديراستيا، البالغة مساحتها 36 ألف دونم، ثماني مستوطنات من جميع اتجاهاتها، وتسيطر هذه المستوطنات على مئات الدونمات الزراعية التابعة لأهالي البلدة، إضافة إلى وجود محمية طبيعية بمساحة 12 ألف دونم، يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي الذي يمنع الفلسطينيين من العمل بها أو البناء فيها، إلا أنه يفسح المجال للمستوطنين بأن يبنوا فيها ويتمددوا من خلالها.
كذلك في بلدة حارس شمال سلفيت، سُلم المواطنون، قبل أيام أربعة، إخطارات بوقف البناء في أربعة منازل قيد الإنشاء، كان أصحابها يعملون على إنجازها للسكن فيها، وكذلك قام الاحتلال بتصوير محطة وقود ومغسلة، تمهيدا لإخطار صاحبيهما بالهدم، وفق ما قال رئيس بلدية حارس، عمر سمارة، لـ"العربي الجديد".
وأضاف سمارة أن "الاحتلال يسعى بشكل مستمر إلى الاستيلاء على أراضي البلدة، لحساب مستوطنة رفافا القائمة على أراضي حارس وديراستيا، والتي لا تفصلها سوى 200 متر عن منازل البلدة".
ويشير سمارة إلى أن "المزارعين وأصحاب المنازل في مثل هذه الحالات يتوجهون إلى مركز القدس للمساعدات القانونية، كي يقدموا طعونا في هذه الإخطارات، وهو بدوره يساعد في تجميدها مبدئيا إلى حين وقف قرار البناء مبدئيا"، لافتا إلى أن "هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمتلكها الأهالي لتفادي خطر الهدم".
محامي مركز القدس، وائل قط، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن "مهمة المركز تبدأ في الوقت الذي يتسلم فيه الأهالي إخطارات وقف البناء الممهدة لعملية الهدم، حيث يوضح المركز للأهالي ما هي الإجراءات التي يجب عليهم فعلها من تجميع أوراق وإثباتات بملكية الأرض، كما يتم تقديم طعون إدارية في المحكمة وطلبات ترخيص للبناء، حتى يتم تجميد الإخطارات والخروج من دائرة خطر الهدم، في حين يتابع المركز مع الإدارة المدنية الإسرائيلية في بيت إيل، وذلك خلال جلسات معينة منسقة بشكل مسبق"، بحسب محامي المركز.
ويشير قط إلى أن "ما يقوم به الاحتلال هو مخالفة واضحة للقانون الدولي، وللاتفاقات الدولية التي تقر بضرورة تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان تحت حكم الاحتلال، ومنها الاحتياجات التنظيمية"، ويضيف أن "أهالي القرى في مدينة سلفيت يعانون بشكل كبير من التوسع الاستيطاني، وكذلك الاكتظاظ في البناء، ما يضطرهم إلى البناء خارج حدود المخطط الهيكلي المسموح والمرخص بالبناء فيه، وهو ما يعارضه الاحتلال ويمنعه".
ويلفت أيضا إلى أن "المركز يعمل بشكل دائم على متابعة هذه القضايا حتى النهاية"، مع الإشارة إلى أن "المركز نجح في استرداد أراض كان الاحتلال قد صادرها وسيطر عليها. بالإضافة إلى ذلك، يعمل المحامون في المركز على إثارة القضايا الحساسة التي يستطيع أن يواجه من خلالها انتهاكات الاحتلال في أراضي الفلسطينيين من سرقة للأراضي".