يجتمع مجلس الشورى العسكري التركي، اليوم، برئاسة رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، في العاصمة التركية أنقرة، وذلك للمرة الثانية منذ المحاولة الانقلابية في منتصف يوليو/تموز 2016، لبحث موضوع ترفيع أو تسريح الضباط الأتراك، وسط تغييرات لم تشتمل على بنية المجلس التي غلب عليها الثقل المدني فحسب، بل أيضاً على طريقة تناوله لملفات الضباط. وسيحضر الاجتماع كل من رئيس الأركان التركية، الجنرال خلوصي أكار، وقادة كل من القوات البرية والبحرية والجوية، وكل من نواب رئيس الوزراء الأربعة، بكير بوزداغ، وفكري إشق، ورجب أكداغ، وحاقان جاووش أوغلو، ووزير العدل عبد الحميد غول، ووزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، ووزير الداخلية، سليمان سويلو، ووزير الدفاع، نور الدين جانكلي. ويعد هذا الاجتماع الثاني من نوعه منذ المحاولة الانقلابية، والثالث من نوعه بعد نقل مقر الاجتماع من رئاسة الأركان، حيث كان يعقد عادة، إلى مقر رئاسة الوزراء في قصر جانكايا.
ويتزامن عقد الاجتماع مع بدء محاكمة الضباط الذين قاموا بإدارة محاولة الانقلاب من قاعدة أكنجي الجوية قرب العاصمة التركية أنقرة، بما في ذلك الطيارون، الذين قاموا بقصف عدد من منشآت الدولة، منها المقر الرئاسي ومجلس النواب، وتجمعات المتظاهرين الذين قاوموا الانقلاب، ما أدى إلى مقتل 250 شخصاً، بينهم عدد من قوات الشرطة وضباط الجيش الذين اشتبكوا مع الانقلابيين. وفي الوقت الذي لا ينتظر فيه إجراء تغييرات واسعة في قيادة الأركان، سيعمل المجلس على ملء الشواغر التي نتجت عن تنحية وإقالة الضباط الانقلابيين. وبالإضافة إلى موضوع ترفيع الضباط من رتبة لواء، سيتناول المجلس ملف إحالة 53 عميداً، مع عدد كبير من العقداء، إلى التقاعد. وبعد أن اعتمد جدول أعمال مجلس الشورى العسكري الأخير على التحقيقات التي أجراها العسكريون، فقد تم خلال العام الحالي تنويع مصادر المعلومات عن الضباط الذين سيتم بحث ملفاتهم، إثر منح وزارة الدفاع السلطة العليا في موضوع تقييم الضباط، وتم تحديد مهمة قيادة القوات في الجيش التركي بتحويل ملفات الضباط إلى وزارة الدفاع التي قامت بتحويل الملفات إلى أمانة سر مجلس الشورى العسكري، بعد إضافة تقييماتها وملاحظاتها.
وبعد أن كانت مصادر المعلومات، التي يتم بموجبها تقييم ملفات الضباط، تنحصر في جهاز الاستخبارات التابع لرئاسة الوزراء وأجهزة الاستخبارات التابعة لمختلف القوات المتواجدة في الجيش التركي، فقد تم في العام الحالي، إضافة المعلومات الآتية من أجهزة الاستخبارات الموجودة في الشرطة والدرك التابعين لوزارة الداخلية التركية، وكذلك من تتبع المسيرة التعليمية للضابط المعني، وأيضاً المعلومات التي يتم الحصول عليها من رفاق الضابط. كما تم إحداث تعديلات في القوانين الداخلية الخاصة بعملية الترفيعات، لمواجهة النقص الكبير الذي يعاني منه الجيش بما يخص الرتب العليا، وكذلك تجاوز سيطرة حركة "الخدمة" على امتحانات الأركان. وتم تعديل القانون لإتاحة الفرصة للضباط من خارج أركان الجيش التركي بالترفع لرتبة لواء، وأيضاً تعديل قوانين أخرى تتعلق بترفيع الضباط، بموجب المراسيم التي أصدرتها رئاسة الوزراء بموجب قانون الطوارئ، والذي سمح للضباط من رتبة لواء، ممن أتموا عاماً واحداً فقط في رتبتهم، بالترفع إلى رتبة أعلى، بينما ينتظر أن تشهد رتب صف الضباط ترفيعات كبيرة في الاجتماع الحالي.
ومن المنتظر أن يتم منح الأولوية في عملية الترفيع للضباط الذين أدوا أدواراً في عملية مكافحة حركة "الخدمة"، سواء قبل المحاولة الانقلابية أو خلالها، وبالذات للضباط الطيارين الذين استجابوا لنداء وزارة الدفاع لترك عملهم في الطيران المدني والعودة إلى الطيران العسكري. كما لن يكون مفاجئاً أن يتم منح بعض المناصب لضباط من رتب أدنى، بعد الشواغر الكبيرة التي حصلت إثر الإطاحة بالمشاركين في المحاولة الانقلابية.
ويبدو أنه سيتم أخذ دروس من المرحلة التي وصلت لها الإدارة التركية، بعد أن تم ترفيع أعداد كبيرة من الضباط الموالين لحركة "الخدمة" في اجتماعات مجلس الشورى العسكري في أعوام 2013 و2014 و2015، إذ ستكون نسبة من تم ترفيعهم من الضباط ذوي الرتب الكبيرة من تلك السنوات قليلة للغاية.