أحال رئيس البرلمان المصري علي عبد العال النائب المعارض أحمد الطنطاوي إلى لجنة القيم، بناءً على طلب 95 نائباً، لاتخاذ ما يلزم ضده من إجراءات، رداً على ما طرحه من بنود في مبادرته للإصلاح السياسي، مشدداً على أن رئيس الجمهورية والجيش والشرطة "خطوط حمراء" لا يجب التعرض لها، وأن من يتناول القيادة السياسية بالسلب "لا مكان له على أرض مصر"، على حد تعبيره.
وقال عبد العال، في جلسة البرلمان، اليوم الثلاثاء، رداً على ما أثاره بعض النواب بشأن مبادرة الطنطاوي التي أطلقها أول من أمس، بشأن تشكيل 12 لجنة برلمانية لإحداث حالة من الحوار الوطني حول الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد: "إحنا ما عندناش مبادرات، واللي يعلن يعلن زي ما هو عايز، فنحن لا نلتفت إلى مثل هذا الكلام".
وأضاف: "حرية الرأي والتعبير مكفولة بحكم الدستور لكل مواطن، لكن مش معنى ذلك أن عضو البرلمان له الحق في أن يتحدث في كل شيء بلا حدود، لأن هناك محددات دستورية وقانونية معروفة للجميع"، مستطرداً: "هناك ممارسات تقع في دائرة التجريم في كثير من الحالات، ومن غير المقبول انتقاد تعديلات الدستور التي شهدت حواراً مجتمعياً أقر بنزاهته الداخل والخارج معاً"، حسب زعمه.
وتابع: "جميع نواب البرلمان الذين كان لهم رأي مخالف في هذه التعديلات، بل متطرف في بعض الأحيان، أدلوا بأحاديثهم أمام الجميع، وأمام وسائل الإعلام، حتى وافق المجلس (البرلمان) عليها نداءً بالاسم"، مردفاً "مجلس النواب الحالي هو فريد في كل مكوناته، ويمثل كافة اتجاهات المجتمع المصري، والشعب المصري صوّت بالموافقة على التعديلات التي أعدها أمام العالم أجمع، وفي حضور منظمات دولية".
وزاد عبد العال: "من يشكك في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، أو يطالب بالعدول عنها، إنما هو يشكك في شرعية المسؤولين الحاليين... ومن يتناول هذا الوطن أو القيادة السياسية بالسلب لا مكان له في مصر عموماً، وعليه أن يذهب بعيداً إلى بلد آخر، لأن هناك خطوطاً حمراء في هذا البلد لا يجب المساس بها على وجه الإطلاق".
بدوره، قال المتحدث باسم البرلمان صلاح حسب الله: "هناك محددات وطنية تفرض على أي مواطن، حينما يتحدث عن أي قضية، أن يضع نصب عينيه مقدرات ومصلحة الوطن"، مضيفاً "مجلس النواب استدعى مجموعات من المؤيدين والمعارضين على حد سواء خلال مناقشات التعديلات الدستورية، والشعب المصري قال كلمته في الاستفتاء الشعبي عليها".
واستطرد حسب الله: "أحد نواب تكتل (25-30) أعلن رفضه للتعديلات الدستورية، وهو النائب ضياء الدين داوود، الذي قال في هذه القاعة إنه يرفض استغلال موقفه في الخارج، وهذه هي المعارضة الوطنية التي نريدها، وليس معارضة الاستقواء بالخارج، ومخاطبته، فنحن نستمد قوتنا من قوة الشعب، والشعب وحده هو من يأتي برئيس الجمهورية ونواب البرلمان في انتخابات نزيهة"، حسبما قال.
وواصل حديثه: "نحن نرفض أن يستقوي أحد نواب البرلمان بالخارج، أو أن يعتدي على الإدارة الشعبية، فهذا ليس خلافاً سياسياً، وإنما خلاف على الوطن... وأضم صوتي إلى صوت جميع النواب المطالبين بإحالة هذا الزميل (الطنطاوي) إلى لجنة القيم، للبدء في إجراءات إسقاط عضويته، لأنه وضع خارطة للطريق تتفق مع السهام والسموم التي تأتينا من القنوات الإرهابية".
وقال عضو اللجنة التشريعية في البرلمان سامي رمضان: "لولا القيادة السياسية والجيش ما كنا جلسنا على هذه المقاعد، والجميع يشهد أن مصر انطلقت في كافة المجالات، واقتصادها بدأ في التعافي والاستقرار"، مستدركاً "ادعاءات هذا النائب كلها كاذبة، وعلى رئيس البرلمان أن يتصدى لها، فهذه الرسالة موجهة لدغدغة مشاعر المواطنين، أو للعب دور البطولة".
وأضاف رمضان: "مبادرة الطنطاوي الغرض منها هو أن تتلقفها منظمات مغرضة، وعلى الإعلام أن يلبس ثوباً جديداً في إطار التصدي لهذه الادعاءات... فليس من حق أي إنسان نشر الفوضى في البلاد مجدداً، والتشكيك في أداء البرلمان والقيادة السياسية هو صورة من صور التواصل مع المنظمات الهادفة إلى هدم الوطن، والقول إن التعديلات الدستورية وراءها أغراض خبيثة هو حديث مغرض".
واستكمل بقوله: "الرئيس عبد الفتاح السيسي هو إرادة الشعب، وجاء بالشعب، وسيظل تحت حماية الشعب، ولولاه ما كانت انطلقت مصر اقتصادياً... والقضية هي إما كلنا مع مصر أو لا".
فيما قال النائب علي بدر: "مقطع الفيديو الخاص بالنائب نُشر على إحدى القنوات الإرهابية، وتعرض بالسلب لجميع مؤسسات الدولة، بما فيها القضاء"، مستطرداً "هذا الحديث يظهر للعاملين المصريين في الخارج أن هناك أزمة في الدولة المصرية، فضلاً عن أنه يمثل تحريضاً على التظاهر، ويتناول أوضاع حقوق الإنسان وفقاً تقارير صادرة من منظمات مشبوهة عن الشأن المصري".
وأضاف بدر: "حينما يتناول الأمر هيبة رئيس الدولة المصرية، أو رئيس مجلس النواب، فهو يمثل خطورة على الأمن القومي المصري... وهذا المجلس صوت من قبل على إسقاط عضوية أحد النواب (محمد أنور السادات) الذين حاولوا الاستقواء بالخارج"، مختتماً "حين يتطرق الحديث عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية فهو أمر خطير ضمن مسلسل من الادعاءات الكاذبة خلال السنوات الأخيرة".
وقال النائب محمود بدر إن "مبادرة الطنطاوي تعدّ انتهاكاً صريحاً لأحكام الدستور، ودهساً لإرادة الملايين من المصريين الذين صوتوا بالموافقة على التعديلات الدستورية باسم الديمقراطية".
وكان الطنطاوي قد طرح في مقطع فيديو مطول "مبادرة إصلاحية"، تتضمن تشكيل 12 لجنة برلمانية تستهدف إحداث حالة من الحوار الوطني حيال المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد، نتيجة عدم الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وانفراد رئيس الجمهورية بسلطة اتخاذ القرار.
ودعا الطنطاوي السيسي إلى مغادرة الحكم في عام 2022، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة لا يكون مترشحاً فيها أو منافساً، التزاماً منه بالعهد الذي قطعه على نفسه مراراً بعدم الاستمرار في الحكم لأكثر من دورتين رئاسيتين، مشدداً على أهمية العدول عن التعديلات التي أدخلت على دستور 2014، لما مثلته من انتكاسة كبيرة في التوازن بين السلطات.
واعتبر الطنطاوي أن "العدول عن تعديلات الدستور هو الضمانة لتجنيب البلاد خطر الانجرار إلى مسارات لا يتحمّلها الوطن"، مشدداً على أن "التحول الديمقراطي هو السبيل والضمانة الحقيقية لاستقرار البلاد، لا الاستقرار المبني على الإكراه، وإخضاع شرائح واسعة من المواطنين لسلطة بعينها على غير رغباتها، بما يدفع الكثير منهم إلى خيارات لا يوجد داعٍ للمخاطرة بها في هذه المرحلة من عمر الوطن".
وأوضح بقوله: "كان البديل الأول هو تشكيل تحالف سياسي لخوض الاستحقاقات الانتخابية، وتقديم البديل للمصريين، لأنه من غير المقبول لدولة بقيمة وحجم وعراقة مصر أن تشهد انتخابات يتنافس فيها الرئيس مع أحد أعضاء حملته الانتخابية... وهذا التحالف كان اسمه المقترح هو (الأمل)، ولكنه تعرض لعنف شديد وغير مبرر من السلطة الحاكمة، لتوصيل رسالة مفادها أن هذا الطريق ليس متاحاً الآن".