أثار التقدّم الكبير الذي أحرزته قوات البشمركة الكردية أخيراً في الموصل، مخاوف حكومة بغداد ورئيسها، حيدر العبادي، الذي دعا حكومة إقليم كردستان إلى عدم استغلال الظرف الحالي والتوسع في المناطق المتنازع عليها في نينوى، مطالباً إياها بالانسحاب وتسليم المواقع التي حررتها للجيش العراقي، وهو ما رفضته كردستان بشدة.
وأحرزت قوات البشمركة تقدّماً ملحوظاً في معاركها ضدّ تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، إذ انتزعت منه عدّة مناطق في المحافظة، في وقتٍ لم تستطع القوات العراقيّة حسم معاركها جنوب المحافظة.
وتتخوف بغداد من أن تؤدي الهجمات الكردية الناجحة في محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل، والمسنودة بدعم أميركي، إلى استيلائها على أراضٍ جديدة لضمّها إلى الإقليم، الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.
وفي هذا السياق، قال المتحدّث باسم مكتب رئيس الحكومة العراقية، سعد الحديثي، في بيان صحافي "لا نقبل بانتهاز الظروف الحالية والفرص لفرض أمر واقع في نينوى"، مبيناً أنّ "أي صراع سياسي في المناطق المتنازعة عليها يجب أن يؤجّل، وعلينا التركيز الآن على تحقيق الانتصار على داعش".
وأكد الحديثي أنّ "الصراعات الجانبية لا تصب بمصلحة أحد إلّا (داعش)"، داعياً إلى "تآزر وتضافر جميع المنظومات الأمنية، بما فيها البشمركة والحشد الشعبي وباقي التشكيلات الأمنية في مواجهة الإرهاب".
وكانت حكومة إقليم كردستان قد أعلنت أمس الأربعاء، أنّها ستستمرّ بتقدمها في الموصل، وأنّها لن تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها، رداً على تصريح للعبادي طالبها بالانسحاب وتسليم ما حررته للقوات العراقية.
من جهته، أكّد المتحدّث باسم حكومة الإقليم، سفين دزيي، أنّ "قوات البشمركة ستستمر بتقدمها في الموصل"، مشدداً في تصريح صحافي، على أنّ "تقدّم البشمركة سيتواصل حتى تحرير كل المناطق الكردستانية في محافظة نينوى"، في إشارة إلى المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور، المعروفة بمصطلح المناطق المتنازع عليها، وهي خليط عربي وكردي، وذات تعدد إثني يصل إلى 7 ديانات ومذاهب في القرية أو البلدة الواحدة، وكانت قبل الاحتلال الأميركي تعيش بشكل طبيعي بلا مشاكل.
وأكد المتحدث باسم حكومة الإقليم أنّ "البشمركة لن تنسحب من المناطق التي حرّرتها، أو التي ستحررها في المستقبل".
يأتي هذا الخلاف، في وقت ينتظر فيه أهالي الموصل تحرير محافظتهم التي سيطر عليها تنظيم "داعش" منذ أكثر من عامين، وسط تصاعد حدّة الجدل السياسي في مرحلة ما اصطلح عليها حديثاً "مرحلة ما بعد داعش".