تسعى الحكومة البريطانية إلى إقناع عددٍ من نواب حزب العمال، لدعم صفقة "بريكست" المرتقبة، وذلك بهدف الالتفاف على معارضة متشددي "بريكست" لخطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
وكان نحو 20 نائباً من حزب المحافظين الذي تنتمي إليه الحكومة البريطانية، قد تعهدوا بالتصويت ضد أي اتفاق مبني على "خطة تشيكرز" الخاصة بماي، ما سيمنع تمريره في البرلمان البريطاني.
ونقلت صحيفة "التلغراف" المقربة من دوائر حزب المحافظين، أن حكومة ماي دخلت في محادثات مع نحو 25 نائباً من "العمال" لضمان تمرير صفقتها المرتقبة بداية ديسمبر/كانون الأول المقبل، ما يهدد عملياً بحرب أهلية في صفوفِ حزبها.
ودفعت هذه الأنباء نواب المحافظين من أعضاء مجموعة الأبحاث الأوروبية التي تؤيد "بريكست" مشددا، إلى التعهد بالتصويت ضد ميزانية الحكومة، في محاولة للضغط عليها للتخلي عن خطها التفاوضي مع الاتحاد الأوروبي.
كما حذر متشددو "بريكست" رئيسة الوزراء من إبقاء بريطانيا في عضوية الاتحاد الجمركي إلى ما بعد موعد الانتخابات العامة عام 2022، مع دخول المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي أسبوعها الحاسم.
وكانت قيادات حزب المحافظين وافقت على منح رئيسة الوزراء مساحةً للمناورة، بالموافقة على تمديد عضوية بريطانيا في الاتحاد الجمركي، حتى يتم التوافق على حلٍّ لمعضلة الحدود الأيرلندية.
وتسعى ماي لتجاوز انسداد المفاوضات من خلال الموافقة على شمل كامل المملكة المتحدة في عضوية الاتحاد الجمركي الأوروبي في إطار خطة المساندة التي سيتم العمل بها، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري بين الطرفين، يمنع الحدود الصلبة في الجزيرة الأيرلندية.
وتشمل خطة المساندة الحالية إبقاء أيرلندا الشمالية فقط في الاتحاد الجمركي، ما يعني نقل نقاط التفتيش الجمركية من الجزيرة الأيرلندية إلى البحر الأيرلندي الذي يفصل الجزيرتين الأيرلندية والبريطانية.
وبينما تكمن أهمية غياب نقاط التفتيش الحدودية بين أيرلندا الشمالية والجمهورية الأيرلندية في الحفاظ على اتفاق الجمعة العظيمة الذي أنهى عقوداً من الحرب الأهلية في الجزيرة، تخشى لندن من الافتراق التنظيمي بينها وبين أيرلندا الشمالية، حيث تراه الخطوة الأولى في انفصالها عن المملكة المتحدة، وهو ما حذرت منه أرلين فوستر، زعيمة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، حليف ماي في ويستمنستر، بقولها إن نقاط التفتيش الحدودية "خطٌ أحمر من دم".
إلا أن عدداً من قيادات الحزب، ومنهم وزير "بريكست" دومينيك راب، حذروا من تمديد عضوية الاتحاد الجمركي إلى اللانهاية، مطالبين ماي بألا تمتد هذه العضوية المؤقتة إلى ما بعد موعد انتخابات 2022، كي لا تتاح الفرصة حينها لحكومة عمالية محتملة لحرف مسار "بريكست".
من جانبه تجاوب الاتحاد الأوروبي بسرعة مع مثل هذه التصريحات بقوله إن أي تسوية يتم التوافق عليها بين الجانبين، يجب ألا تتأثر بالتوجهات الحزبية المختلفة في بريطانيا.
وبينما ينتظر أن يرفض الاتحاد الأوروبي بعد غدٍ الأربعاء عدداً من النقاط الرئيسية في "خطة تشيكرز"، خاصة الانتقائية في امتيازات السوق الأوروبية المشتركة التي تسعى إليها ماي، إلا أن أجواء إيجابية تشوب تصريحات الجانبين البريطاني والأوروبي في الأيام القليلة الماضية، وصلت إلى حدّ القول إن الجانبين على وشك التوصل إلى اتفاق، والتي كانت آخرها تصريحات سيمون كوفيني، وزير الخارجية الأيرلندي.
وينتظر أن يتقدم الاتحاد الأوروبي بصفقة بديلة مبنية على النموذج الكندي، ولكن بامتيازات فريدة وواسعة لصالح بريطانيا، من دون أن تؤثر على تكامل السوق الأوروبية المشتركة. وينتظر أن تتطور المفاوضات بين الجانبين انطلاقاً منها، في حال تحقيق تقدم خلال القمة الأوروبية المرتقبة في17 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
ويقترب هذا الموقف أيضاً من مطالب متشددي "بريكست"، الذين يرغبون باتفاق تجارة حرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، يتمّ فيه إلغاء التعرفة الجمركية على تبادل البضائع بين الطرفين، تماماً كالاتفاق الذي وقعه الاتحاد الأوروبي مع كندا عام 2016.
وفي إطار الـ"البريكست" أيضاً، دعا رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، بريطانيا، إلى الانضمام إلى اتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، ما سيتطلب من بريطانيا عملياً الابتعاد عن السوق الأوروبية وقواعد الاتحاد الأوروبي التنظيمية. كما حثّ ماي أيضاً على تخفيف وطأة "بريكست" على الشركات اليابانية العاملة في بريطانيا.