كشف المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرصوص" في ليبيا، في لقاء مع أحد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، كان شاهد عيان على ذبح الأقباط المصريين في مدينة سرت، عن تفاصيل هذه الجريمة، بعد الكشف عن مكان دفن الجثامين واستخراجها، لتسليمها إلى ذويها.
ونشر المركز، يوم السبت، على صفحته على "فيسبوك"، ما رواه هذا العنصر، في إطار ما أفضت إليه النتائج الأولية للتحقيقات مع عناصر تنظيم "داعش"، ممن تم القبض عليهم أثناء عملية لـ"البنيان المرصوص".
وشهدت العملية، أيضاً، الكشف عن المقبرة الجماعية التي دفنت فيها جثامين من قتلوا ذبحاً على أيادي عناصر "داعش"، والتي بثها الأخير في إصدار حمل عنوان "رسالة موقعة بالدماء".
وقتل فرع تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا، وتحديداً ما يسمى "ولاية طرابلس"، في فبراير/ شباط 2015، 21 شخصاً ذبحاً وبطريقة وحشية على شاطئ البحر المتوسط، بطرابلس الليبية. وبثّ التنظيم، مقطع فيديو لقي استهجاناً واستنكاراً واسعين، يوضح عملية ذبح الرهائن المصريين.
وأعلنت إدارة مكافحة الجريمة في مدينة مصراتة، أمس السبت، عن العثور على المقبرة الجماعية، التي تضم رفات الأقباط المصريين، مشيرة إلى أنّه عُثر على الجثث، مقطوعة الرؤوس، وبملابس برتقالية، بينما الأيادي كانت مكبلة للوراء.
ولفتت إلى أنّ الجثث التي عُثر عليها، هي 20 جثة لمصريين مسيحيين، إضافة لأفريقي، وقد نُقلت كلها إلى مدينة مصراتة لمعاينتها من قبل الطبيب الشرعي.
وعن دوره في الجريمة، أكد عنصر "داعش" الشاهد، للمركز الإعلامي لـ"البينان المرصوص"، أنّه كان جالساً خلف كاميرات التصوير ساعة الذبح، وحضر دفن الجثامين في جنوب مدينة سرت، قائلاً إنّ "القدر قاده في العام 2016 ليكون صيداً بحوزة مقاتلي قوات البنيان المرصوص".
قوة تأمين وحماية سرت بعملية البنيان المرصوص Saturday, 7 October 2017" style="color:#fff;" class="facebook-post-link" target="_blank">Facebook Post |
ويروي عنصر "داعش"، الذي لم يُكشف عن اسمه، أنّه كان نائماً، في يوم من أيام أواخر ديسمبر/ كانون الأول من عام 2014، في مقر "ديوان الهجرة والحدود" بمنطقة السبعة في سرت، حيث قام "أمير الديوان" هاشم أبو سدرة، بإيقاظه من نومه، والطلب منه تجهيز سيارته، وتوفير معدات حفر ليتوجه كلاهما إلى شاطئ البحر خلف فندق "المهاري".
ولفت إلى أنّه شاهد عند الوصول إلى المكان المقصود، عدداً من أفراد تنظيم "داعش" يرتدون زياً أسود موحداً، و21 شخصاً آخرين بزي برتقالي اتضح أنّهم مصريون، ما عدا واحد منهم كان أفريقياً: "كانت الطقوس الجنائزية قد بدأت، بل وتكاد تصبح إصداراً مرئياً سيُرعب العالم" بحسب الشاهد، والذي أشار إلى وقوفه خلف كاميرات التصوير، إلى جانب "والي شمال أفريقيا" أبو المغيرة القحطاني، ليعلم من الحاضرين أنّ مشهداً لذبح مسيحيين سيتم تنفيذه، لإخراجه في إصدار للتنظيم.
ووصف الشاهد بعض تفاصيل المكان الذي تم اعتماده مسرحاً للجريمة خلف فندق "المهاري" في مدينة سرت، قائلاً إنّه كان يحتوي على قضيبين لسكة متحركة، عليها كرسي جلس فوقه "أمير ديوان الإعلام" في "داعش" محمد تويعب، وأمامه كاميرا، وذراع طويلة متحركة في نهايتها كاميرا يتحكم بها أبو عبد الله التشادي، سعودي الجنسية، على كرسي أيضاً.
وأشار إلى وجود كاميرات مثبتة على الشاطئ، فيما تولّى الإخراج أبو معاذ التكريتي ("والي شمال أفريقيا" اللاحق بعد مقتل القحطاني)، حيث أشرف على كل حركة في المكان، وكان يعطي الإذن بالتحرّك والتوقّف للجميع.
وأكد أنّ التكريتي أوقف التصوير أكثر من مرة، لإعطاء توجيهات خاصة لـ"والي طرابلس" أبو عامر الجزراوي، كي يعيد الكلام أو النظر باتجاه إحدى الكاميرات، مشيراً إلى أنّ التصوير توقّف أيضاً في إحدى المرات، عندما حاول أحد الضحايا المقاومة، فتوجّه إليه رمضان تويعب، وقام بضربه.
أما بقية الضحايا، بحسب الشاهد، فقد كانوا مستسلمين بشكل تام، إلى أن بدأت عملية الذبح، حيث أصدروا بعض الأصوات، قبل أن يلفظوا أنفاسهم، فيما كان التكريتي مستمراً بإصدار التوجيهات، إلى أن وضعت الرؤوس المقطوعة فوق الأجساد ووقف الجميع.
وذكر الشاهد، أنّ التكريتي طلب من الجزراوي، بعد ذلك، أن يغيّر مكانه ليكون وجهه مقابلاً للبحر، حيث وضعت الكاميرا أمامه وبدأ يتحدّث، في آخر لقطات التصوير.
وبعد انتهاء عملية التصوير، وفق الشاهد، أزال الذين شاركوا في الذبح أقنعتهم، حيث تعرّف حينها على كل من وليد الفرجاني، وجعفر عزوز، وأبو ليث النوفلية، وحنظلة التونسي، وأبو أسامة الإرهابي وهو تونسي، وأبو حفص التونسي، مشيراً إلى أنّ اآخرين كانوا من أصحاب البشرة السمراء، ومؤكداً أنّ قائد المجموعة أبو عامر الجزراوي، هو من كان يلوح بالحربة ويتحدّث باللغة الإنجليزية في الإصدار.
وبينما أمر القحطاني بإخلاء الموقع، أكد الشاهد أنّ المهمة أوكلت إليه بأخذ بعض الجثامين بسياراته، والتوجّه بإمرة المهدي دنقو، لدفنها في جنوب مدينة سرت، بالمنطقة الواقعة بين خشوم الخيل وطريق النهر.
وقال المركز الإعلامي لـ"البينان المرصوص"، إنّ "الشهادة المهمة" لهذا العنصر من داعش، هي من قادت النيابة العامة إلى مكان دفن الجثت، حيث تم الكشف عليها، أمس الجمعة، لتستكمل باقي الإجراءات من أخذ الحمض النووي، ومن ثم تسليم الجثت إلى ذويها، ليسدل الستار على جريمة بشعة أرقت الرأي العام العالمي لسنوات".
(العربي الجديد)