أكدت مصادر إسرائيلية مختلفة، اليوم الجمعة، أن جيش الاحتلال واصل خلال الأسبوع الحالي، استعداداته الميدانية، لوصول قوات النظام إلى المنطقة العازلة بين الجولان السوري المحتل والأراضي الفلسطينية المحتلة، مع ارتفاع التقديرات الإسرائيلية باستعادة بشار الأسد سيطرته على جنوب غربي سورية خلال أسابيع معدودة، بعد الانتهاء من حصار درعا، والتوصل إلى اتفاق مع المعارضة بما ينتج من المفاوضات الجارية بينها وبين روسيا.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "هآرتس"، التي تتحدث منذ أسبوعين تقريباً، كغيرها من الصحف الإسرائيلية، عن موافقة وتسليم إسرائيليين بعودة النظام إلى مناطق جنوب غربي سورية على الحدود مع الجولان السوري المحتل، بأن استعدادات الجيش الإسرائيلي على امتداد الحدود مع الجولان، تتمحور في تعزيز عيني لقوات المدفعية والمدرعات، ومنح المساعدات للاجئين الفارين من وجه النظام السوري ومذابحه، وفقاً للشروط والخطوط الحمر التي وضعها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بمنع انتقال القتال إلى الجانب الإسرائيلي.
وبحسب "هآرتس"، فإن هذه الخطوط الحمر، هي التي دفعت إلى قصف إسرائيلي اليوم لمواقع سورية بعد سقوط قذيفة في المنطقة العازلة بين الجولان المحتل وبين الأراضي السورية، وهي تشمل التركيز بشكل واضح على إلزام النظام السوري بتطبيق اتفاق فصل القوات بين سورية وإسرائيل من العام 1974 بحذافيره.
وكانت الصحف الإسرائيلية قد نقلت، قبل يومين، تصريحاً لمصدر رفيع المستوى في جيش الاحتلال يقول فيه "سنقف عند كل فاصلة ونقطة في الاتفاق، ونُصرّ على تطبيقه حرفياً".
وتأتي هذه الاستعدادات تتويجاً لسلسلة من الاتصالات غير المباشرة، وبالأساس عبر روسيا والولايات المتحدة، من خلال لقاءات عقدها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي أيزنكوط الأسبوع الماضي في واشنطن مع نظيره الأميركي جوزيف دنفورد، ولقاءات بين وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، قبل أكثر من أسبوعين.
ويبدو أن لقاء نتنياهو - بوتين المقرر عقده الأسبوع المقبل، بعد انتهاء مباريات كأس العالم، سيكون اللقاء الفاصل في وضع الترتيبات النهائية لطبيعة وحدود انتشار قوات النظام السوري في الجولان، بعدما كانت الاتصالات واللقاءات الأولية هدفت إلى ضمان موافقة إسرائيلية، بعد الاعتراض على عودة النظام إلى السيطرة على مناطق جنوب غربي سورية.
وهذا ما دفع "هآرتس" وصحيفة "يديعوت أحرونوت" أيضاً إلى الإشارة اليوم، إلى أن "العمليات الكبرى لاستعادة النظام سيطرته على الحدود مع هضبة الجولان المحتل، ستكون خلال أسابيع معدودة بعد "الانتصار في درعا"، وأن العمليات مرشحة لأن تبدأ بشكل مكثف في هذا السياق بعد اختتام كأس العالم، وبعد اللقاء المرتقب بين بوتين ونتنياهو". ووفقا لما ذكرته "هآرتس" اليوم مثلاً، فإن "إسرائيل لا تعتزم الدفاع عن القرى المعارضة السنية القريبة من حدودها، على الرغم من المساعدات الكثيرة التي قدمتها لها".
ولفتت "معاريف" في هذا السياق إلى أن المراقبين الدوليين "طالبوا منذ أشهر بإدخال معدات إنذار مبكر ومراقبة للمنطقة العازلة في الجولان، بما في ذلك معدات لاكتشاف العبوات الناسفة ومراقبة الجهات المخولة بالدخول للمنطقة، وهو ما لقي موافقة إسرائيلية".
وعلى الرغم من حديث الصحف الإسرائيلية عن القلق الإسرائيلي من احتمالات وصول وتسلل عناصر إيرانية وأخرى من مليشيات موالية لإيران ضمن القوات السورية النظامية، إلا أنها أشارت في الوقت ذاته إلى قوات النظام تدرك حقيقة موازين القوى بينها وبين إسرائيل، كما أن إسرائيل وجهت رسائل عدة في هذا الشأن للقيادة السورية، منها ما هو بشكل مباشر، ومنها ما تمّ عبر طرف ثالث، لا سيما روسيا.
وركز عاموس هرئيل في تحليل له، في "هآرتس"، على "الجوانب الإيجابية في عودة نظام الأسد إلى جنوب غربي سورية"، بخاصة قوله إن "النظام سيبحث عن تكريس استقراره ولا يبحث عن تصعيد أو مواجهة ضد إسرائيل"، مشيراً إلى" نظام الأسد، منذ أيام حافظ الأسد وحتى فقدانه سيطرته على جنوب غربي سورية، حافظ على مرّ عقود على حدود هادئة، وهو ما ينتظر منه بعد عودته للمنطقة وإعادة سيطرته عليها".
في المقابل، ذهب محلل الشؤون العربية في الصحيفة إلى القول إن عودة النظام إلى جنوب غربي سورية تلزم تفاهمات وترتيبات جديدة، خصوصاً أن القنيطرة، وفقاً لاتفاق فصل القوات بين الطرفين من العام 1974، هي ضمن المنطقة العازلة التي لا يمكن نظام الأسد إدخال قوات عسكرية إليها.
ولفت تسفي برئيل في هذا السياق إلى أن إسرائيل والأردن يمارسان ضغوطاً على الوفد المفاوض من المعارضة السورية مع روسيا، للمطالبة والإصرار على جعل درعا والقنيطرة منطقتين محميتين وآمنتين، بما يخدم مصالح "الدولتين" (الأردن وإسرائيل).
في المقابل، أشار برئيل إلى تصريحات لافروف الأخيرة، خلال لقائه بوزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إلى أن "خروج القوات الإيرانية بالكامل من الأراضي السورية ليس واقعياً"، بما يشكل رسالة لإسرائيل ولإيران في الوقت ذاته، فهو يحمل تراجعاً عن تصريحات سابقة للافروف طالبت بوجوب خروج كافة القوات الأجنبية من سورية، إلى التصريح الأخير الذي يعني أن هناك ما يمكن الحديث عنه بشأن إخراج جزئي لهذه القوات. ووفقاً للمطلب الإسرائيلي يعني ذلك ربما موافقة روسية قادمة على إبعاد القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها، ومن ضمنها "حزب الله"، عن الحدود مع إسرائيل.
واعتبر برئيل "أن الوضع الحالي يطلب حلاً للوضع القائم، فخلافاً للوضع الذي ساد قبل الثورة، حيث كانت هضبة الجولان في الشق السوري من الحدود منطقة منزوعة السلاح، فإن سكانها في ذلك الوقت كانوا من العاملين في القوات المسلحة السورية وأجهزة الأمن السورية، وهو ما تغير الآن، لأن من يسكن هذه المناطق هم من نشطاء القوات والفصائل التي يسعى الأسد إلى طردهم والحلول مكانهم، وهذا يعني بعد طرد هذه الفصائل دخول قوات عسكرية للنظام السوري إلى هضبة الجولان، وهو أمر مخالف من الناحية الرسمية لاتفاق فصل القوات، وبالتالي يستلزم حلولا جديدة، وفق سيناريوهات أو خيارات ممكنة".
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن "السيناريو الأول هو أن تقنع إسرائيل الفصائل التي تقيم علاقات معها بالانسحاب من المكان، لمصلحة إدخال قوات الأمم المتحدة كقوات مراقبة دولية، والخيار الآخر هو أن ترسل روسيا قوات شرطية ومراقبة لهضبة الجولان كما تعتزم القيام به في درعا، وأن تكون روسيا بذلك الضامن لأمن إسرائيل".
وخلص يرئيل إلى القول إنه "في ضوء المهام الكثيرة والمهمة التي ستقع على عاتق روسيا في توجيه دفة النظام السوري والمصالح المختلفة، بما في ذلك مع الأردن وإسرائيل، ولكون الدور الروسي قد يستمر لوقت طويل، فإنه يفترض بإسرائيل تحسباً لاحتمالات تراجع في الدور الروسي لاحقاً، أن تسعى الآن إلى المبادرة للتوصل إلى تسوية، أو اتفاق، أو وثيقة تفاهمات مع النظام السوري، حول خريطة السيطرة المستقبلية على هضبة الجولان في الجانب السوري".