أعلن الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أمس الثلاثاء، استعداده لرعاية مفاوضات جديدة لتوحيد الفصائل الفلسطينية "لتحقيق مصالحة حقيقية وسريعة بين التيارات المتصارعة على الساحة الفلسطينية"، قاصداً بذلك في المقام الأول توحيد الحكومة الفلسطينية بين حركتي "فتح" و"حماس"، وتحقيق مصالحة نهائية بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وحكومة قطاع غزة، كما دعا إلى استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل على أرضية إحدى المبادرات المعروضة حالياً.
جاء ذلك خلال جزء خصصه السيسي للحديث عن مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل بمناسبة الذكرى 68 للنكبة الفلسطينية وإعلان إنشاء كيان الاحتلال الصهيوني، في معرض خطاب له في أثناء افتتاحه مشروعات طاقة وخدمات في محافظة أسيوط. ويبدو أن السيسي، ولأول مرة، يبحث عن دور سياسي في القضية الفلسطينية، التي ابتعدت عنها مصر اختيارياً بعد الإطاحة بالرئيس، محمد مرسي، منتصف عام 2013، بعد سنوات طويلة من مشاركتها في إدارة الملف الفلسطيني الداخلي والملف الفلسطيني الإسرائيلي، برعاية الولايات المتحدة، سواء في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، أو الرئيس المعزول، محمد مرسي.
واستطاع مبارك البقاء طوال فترة حكمه حليفاً للولايات المتحدة، التي كانت تغض نظرها عن العديد من تجاوزات نظامه، خصوصاً في الملفين الحقوقي والأمني، في مقابل استطاعته "ترويض" الفصائل الفلسطينية، والتفاهم معها في الأوقات الصعبة، والضغط عليها خلال جهود محادثات السلام في التسعينيات، بالإضافة إلى توليه دوراً حيوياً في إدارة الحصار على قطاع غزة والتحكم في المعابر بعد عام 2008 بالتشديد تارة وبالتخفيف تارة أخرى.
أما مرسي، فقد نجح في إدارة مفاوضات هدنة إنهاء العدوان على غزة عام 2012، وظهر آنذاك الأثر القوي لعلاقة "الإخوان المسلمين" التاريخية بحركة "حماس"، وهو ما اعتبر آنذاك عودة قوية للدور المصري لإدارة الأزمة بعد عامين من عدم الاستقرار السياسي المصاحب لأحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
وتحدث السيسي لأول مرة علناً منذ توليه السلطة عن ضرورة توحيد الفصائل الفلسطينية، وذلك بعد أسابيع من لقاءات رسمية سرية بين قيادات في حركة "حماس" ومسؤولين في الاستخبارات المصرية، نتج عنها حلحلة للأوضاع المتوترة بين الطرفين، وبعد أسبوع من لقائه بعباس في القاهرة، حيث كان الرئيس الفلسطيني راغباً في معرفة الموقف المصري الرسمي إزاء الوضع المنقسم حالياً في السلطة الفلسطينية.
وقال السيسي إن "المضي قدماً في أية عملية سلمية بين فلسطين وإسرائيل يتطلب من إخواننا الفلسطينيين تحقيق مصالحة حقيقية وسريعة وتوحيد الفصائل"، من دون أن يسميها. وشدد على ضرورة العمل الجاد لتحقيق السلام النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتفعيل واحدة أو أكثر من المبادرات المعروضة حالياً على الساحة، ومن بينها المبادرة العربية والمبادرة الفرنسية، التي كانت إسرائيل قد أعلنت رفضها، كما دعا إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية العربية والأميركية والأوروبية.
وطالب السيسي الفلسطينيين والإسرائيليين باستلهام تجربة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، الذي وصفه بالشهيد، قائلاً: "أنا عشت فترات النكسة (1967) والانتصار (1973) ومفاوضات السلام (1977) وأعرف جيداً الفارق بين المشاعر، التي كانت لدى المصريين قبل النكسة والمشاعر الآن. الزمن كفيل بحل العديد من المشاكل والخلافات... والسلام بين مصر وإسرائيل قائم منذ 40 عاماً".
وأضاف السيسي أن "حل القضية الفلسطينية سيؤدي إلى حل العديد من المشاكل الأخرى في المنطقة"، علماً بأنه كان يشير سابقاً في بياناته الصحافية إلى أن "استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعطي الفرصة والمبرر للقوى المتطرفة لممارسة أعمال العنف".
اقــرأ أيضاً
وأكد السيسي في خطابه أيضاً أن "مصر لا تبحث عن دور ريادي أو قيادي في ما يتعلق بمحادثات السلام بين الطرفين، لكنها ستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الخطوة التاريخية، التي ستشعر شعوب المنطقة بقيمتها مستقبلاً"، مستطرداً بقوله: "البعض قد يعتبر أن الوقت غير ملائم حالياً لذلك، لكني أرى أن الوقت مناسب لاتخاذ هذه الخطوة، ويجب أن يُقبل عليها كل من يسمعني في فلسطين وإسرائيل". ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى "بث كلمته أكثر من مرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية"، كرسالة داعمة للسلام.
وجاء حديث السيسي قبل ساعات من لقائه مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي يزور مصر اليوم، ومن المتوقع أن تسيطر على محادثاتهما مستجدات الأزمة الليبية، التي يدفع السيسي بها في اتجاه جذب الدعم السياسي والعسكري إلى حليفه قائد الجيش الليبي التابع لبرلمان طبرق، خليفة حفتر.
وتؤكد المعلومات، التي حصلت عليها "العربي الجديد"، أن السيسي يرغب في إعادة إنتاج الدور المصري في الملف الفلسطيني في عهد مبارك، لكسب ثقة المجتمع الدولي وخصوصاً الولايات المتحدة، في إطار التحسن المطرد في العلاقات بين الطرفين على صعيدي السياسة الإقليمية والتعاون العسكري للحرب على الإرهاب، مع تجنيب الاعتراضات الأميركية الدائمة على ممارسات نظام السيسي في الملف الحقوقي.
وتقول مصادر دبلوماسية مصرية إن "هناك تحركات إقليمية جديدة تقودها الولايات المتحدة لتخفيف أعبائها في منطقة الشرق الأوسط، تعتمد في جزء منها على استغلال مصر كدولة متماسكة في محيطها الإقليمي في تنفيذ مخططات التقارب العربي الإسرائيلي، بالإضافة إلى محاربة القوى التكفيرية في سيناء والحدود المصرية الليبية، لتتفرغ أميركا لمراقبة الأوضاع المرتبكة في سورية والعراق وليبيا".
وتشير المصادر إلى أن "استئناف الدعم الأميركي العسكري لمصر بإرسال مدرعات ودبابات أخيراً لاستخدامها في سيناء، هي خطوة متقدمة لتنفيذ هذه الخطة، كما أن واشنطن تشرف على التعاون الاستخباراتي بين مصر وإسرائيل في مجال مكافحة الإرهاب في سيناء، ومن مصلحة أميركا أيضاً أن تبقى على تواصل، من خلال المصريين، بالفصائل الفلسطينية".
ويرى مراقبون أن الدور الفلسطيني للسيسي أصبح ضرورة لبقاء نظامه حائزاً الحد الأدنى من ثقة واشنطن، لا سيما في ظل استمرار تراجع مصداقيته دولياً في الملفين الحقوقي والأمني، وتكرار الانتقادات الأميركية اللاذعة لسياساته في تضييق الخناق على المجال العام ومحاربة أنشطة منظمات المجتمع المدني.
ويعتبر هؤلاء أن إحياء معادلة "الصمت الأميركي على الانتهاكات الحقوقية مقابل محاربة الإرهاب والمشاركة في إدارة الملف الفلسطيني" هي طوق نجاة للسيسي، خصوصاً في ظل تراجع دوره بصورة ملحوظة في ليبيا وسورية وحتى اليمن، لا سيما أن واشنطن دفعت بثقلها لإدارة الأزمة الليبية واقتصار دور السيسي في الآونة الأخيرة على الترويج لضرورة رفع الحظر عن دعم الجيش الليبي، الذي يقوده اللواء خليفة حفتر، في ظل الأزمة المكتومة بينه وبين رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج.
جاء ذلك خلال جزء خصصه السيسي للحديث عن مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل بمناسبة الذكرى 68 للنكبة الفلسطينية وإعلان إنشاء كيان الاحتلال الصهيوني، في معرض خطاب له في أثناء افتتاحه مشروعات طاقة وخدمات في محافظة أسيوط. ويبدو أن السيسي، ولأول مرة، يبحث عن دور سياسي في القضية الفلسطينية، التي ابتعدت عنها مصر اختيارياً بعد الإطاحة بالرئيس، محمد مرسي، منتصف عام 2013، بعد سنوات طويلة من مشاركتها في إدارة الملف الفلسطيني الداخلي والملف الفلسطيني الإسرائيلي، برعاية الولايات المتحدة، سواء في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، أو الرئيس المعزول، محمد مرسي.
واستطاع مبارك البقاء طوال فترة حكمه حليفاً للولايات المتحدة، التي كانت تغض نظرها عن العديد من تجاوزات نظامه، خصوصاً في الملفين الحقوقي والأمني، في مقابل استطاعته "ترويض" الفصائل الفلسطينية، والتفاهم معها في الأوقات الصعبة، والضغط عليها خلال جهود محادثات السلام في التسعينيات، بالإضافة إلى توليه دوراً حيوياً في إدارة الحصار على قطاع غزة والتحكم في المعابر بعد عام 2008 بالتشديد تارة وبالتخفيف تارة أخرى.
أما مرسي، فقد نجح في إدارة مفاوضات هدنة إنهاء العدوان على غزة عام 2012، وظهر آنذاك الأثر القوي لعلاقة "الإخوان المسلمين" التاريخية بحركة "حماس"، وهو ما اعتبر آنذاك عودة قوية للدور المصري لإدارة الأزمة بعد عامين من عدم الاستقرار السياسي المصاحب لأحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
وقال السيسي إن "المضي قدماً في أية عملية سلمية بين فلسطين وإسرائيل يتطلب من إخواننا الفلسطينيين تحقيق مصالحة حقيقية وسريعة وتوحيد الفصائل"، من دون أن يسميها. وشدد على ضرورة العمل الجاد لتحقيق السلام النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتفعيل واحدة أو أكثر من المبادرات المعروضة حالياً على الساحة، ومن بينها المبادرة العربية والمبادرة الفرنسية، التي كانت إسرائيل قد أعلنت رفضها، كما دعا إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية العربية والأميركية والأوروبية.
وطالب السيسي الفلسطينيين والإسرائيليين باستلهام تجربة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، الذي وصفه بالشهيد، قائلاً: "أنا عشت فترات النكسة (1967) والانتصار (1973) ومفاوضات السلام (1977) وأعرف جيداً الفارق بين المشاعر، التي كانت لدى المصريين قبل النكسة والمشاعر الآن. الزمن كفيل بحل العديد من المشاكل والخلافات... والسلام بين مصر وإسرائيل قائم منذ 40 عاماً".
وأضاف السيسي أن "حل القضية الفلسطينية سيؤدي إلى حل العديد من المشاكل الأخرى في المنطقة"، علماً بأنه كان يشير سابقاً في بياناته الصحافية إلى أن "استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعطي الفرصة والمبرر للقوى المتطرفة لممارسة أعمال العنف".
وأكد السيسي في خطابه أيضاً أن "مصر لا تبحث عن دور ريادي أو قيادي في ما يتعلق بمحادثات السلام بين الطرفين، لكنها ستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الخطوة التاريخية، التي ستشعر شعوب المنطقة بقيمتها مستقبلاً"، مستطرداً بقوله: "البعض قد يعتبر أن الوقت غير ملائم حالياً لذلك، لكني أرى أن الوقت مناسب لاتخاذ هذه الخطوة، ويجب أن يُقبل عليها كل من يسمعني في فلسطين وإسرائيل". ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى "بث كلمته أكثر من مرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية"، كرسالة داعمة للسلام.
وجاء حديث السيسي قبل ساعات من لقائه مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي يزور مصر اليوم، ومن المتوقع أن تسيطر على محادثاتهما مستجدات الأزمة الليبية، التي يدفع السيسي بها في اتجاه جذب الدعم السياسي والعسكري إلى حليفه قائد الجيش الليبي التابع لبرلمان طبرق، خليفة حفتر.
وتؤكد المعلومات، التي حصلت عليها "العربي الجديد"، أن السيسي يرغب في إعادة إنتاج الدور المصري في الملف الفلسطيني في عهد مبارك، لكسب ثقة المجتمع الدولي وخصوصاً الولايات المتحدة، في إطار التحسن المطرد في العلاقات بين الطرفين على صعيدي السياسة الإقليمية والتعاون العسكري للحرب على الإرهاب، مع تجنيب الاعتراضات الأميركية الدائمة على ممارسات نظام السيسي في الملف الحقوقي.
وتقول مصادر دبلوماسية مصرية إن "هناك تحركات إقليمية جديدة تقودها الولايات المتحدة لتخفيف أعبائها في منطقة الشرق الأوسط، تعتمد في جزء منها على استغلال مصر كدولة متماسكة في محيطها الإقليمي في تنفيذ مخططات التقارب العربي الإسرائيلي، بالإضافة إلى محاربة القوى التكفيرية في سيناء والحدود المصرية الليبية، لتتفرغ أميركا لمراقبة الأوضاع المرتبكة في سورية والعراق وليبيا".
ويرى مراقبون أن الدور الفلسطيني للسيسي أصبح ضرورة لبقاء نظامه حائزاً الحد الأدنى من ثقة واشنطن، لا سيما في ظل استمرار تراجع مصداقيته دولياً في الملفين الحقوقي والأمني، وتكرار الانتقادات الأميركية اللاذعة لسياساته في تضييق الخناق على المجال العام ومحاربة أنشطة منظمات المجتمع المدني.
ويعتبر هؤلاء أن إحياء معادلة "الصمت الأميركي على الانتهاكات الحقوقية مقابل محاربة الإرهاب والمشاركة في إدارة الملف الفلسطيني" هي طوق نجاة للسيسي، خصوصاً في ظل تراجع دوره بصورة ملحوظة في ليبيا وسورية وحتى اليمن، لا سيما أن واشنطن دفعت بثقلها لإدارة الأزمة الليبية واقتصار دور السيسي في الآونة الأخيرة على الترويج لضرورة رفع الحظر عن دعم الجيش الليبي، الذي يقوده اللواء خليفة حفتر، في ظل الأزمة المكتومة بينه وبين رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج.