وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في تصريحات له في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الفلسطينية، رفض المخططات الاستيطانية الإسرائيلية العدوانية، خصوصاً في مدينتي القدس والخليل، وأن الحكومة ستفعل كل ما يمكن لوقفها.
وقال اشتية: "إن المشاريع المعلنة تشكل حلقة جديدة في غزو قلب المدن والمخيمات الفلسطينية، عبر المخطط الاستيطاني الجديد على سفح جبل المبكر أو المستوطنة الجديدة في مطار القدس في قلنديا، وهو أمر منع الفلسطينيين من استخدامه منذ العام 1967، والملاصق لواحد من أكثر الأماكن معاناة، وخصوصاً من حيث الكثافة السكانية والازدحام، تضاف إلى هذا المشروع الاستيطاني المستوطنة الجديدة في مجمع سوق الجملة في الخليل، وهنا الاصطدام المباشر ضمن مخطط تدميري بأهداف سياسية واسعة، حيث يأتي ذلك مع تصاعد عنف المستوطنين، تحت حماية وقيادة الجيش الإسرائيلي في الأحياء والقرى الفلسطينية"، فيما أكد اشتية أنه مطلوب من العالم الردّ العملي والفعلي على هذه الإجراءات.
بدوره، طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، دول العالم بالمقاطعة الشاملة لكل الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي بشكل تام، رداً على أية خطوات قد تتخذها حكومة الاحتلال لضم مناطق في الضفة الغربية وفرض القانون الإسرائيلي عليها.
وقال عريقات: "إن إقامة حي استيطاني في قلب مدينة الخليل هو النتيجة الملموسة الأولى من محاولة الإدارة الأميركية شرعنة الاستيطان وتدمير القانون الدولي"، مؤكداً أن المطلوب من دول العالم محاسبة إسرائيل ومعاقبتها على انتهاكاتها للقانون الدولي، متسائلاً: "ما الذي يمنعها من الاعتراف بدولة فلسطين؟".
ويقول خبير الاستيطان والخرائط عبد الهادي حنتش لـ"العربي الجديد"، "إن خطوة مصادرة سوق الحسبة أو الجملة وإقامة مستوطنة عليها، يمكن قراءتها من ناحيتين، الأولى أن هذه الخطوة هي جزء لا يتجزأ من خطة دولة الاحتلال لتهويد مدينة الخليل، بعد أن تم إعطاء مستوطنة كريات أربع - أكبر مستوطنات الخليل وواحدة من أكبر التجمعات الاستيطانية الثلاث في الضفة الغربية، بالإضافة إلى مجمع غوش عتصيون ومستوطنة آرائيل - صفة البلدية قبل عام واحد، والثانية إحكام التواصل الإقليمي بين البؤر الاستيطانية الموجودة في قلب مدينة الخليل، وهي: أبراهام أفينيو، والبؤرة الاستيطانية المقامة في محطة الباصات القديمة، وبؤرة بيت رامانو المقامة على أراضي مدرسة فلسطينية، وبؤرة بيت هداسا، وبؤرة رامات يشاي المقامة على أراضي تل إرميدة".
وبحسب حنتش، فإن البؤر الاستيطانية في وسط مدينة الخليل، يربط فيما بينها شارع الشهداء الذي تُغلقه سلطات الاحتلال منذ مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، وعلى الرغم من حصول الفلسطينيين وبلدية الخليل على قرار من المحكمة العسكرية الإسرائيلية يقضي بفتح الشارع منذ ما يزيد عن 5 سنوات، إلا أن قوات الاحتلال رفضت تنفيذ القرار وفتح الشارع أمام الفلسطينيين.
وتبلغ مساحة سوق الجملة في الخليل حوالي 12 دونماً؛ والذي يضم مئات المحلات التجارية: 17 محلاً تابعاً لبلدية الخليل، و6 محلات تابعة للأوقاف الفلسطينية، و20 محلاً تعود ملكيتها للمواطنين، بينما تُغلق سلطات الاحتلال، منذ مجزرة الحرم، 400 محل تجاري.
ويستغرب خبير الاستيطان عبد الهادي حنتش تصريحات وزير جيش الاحتلال نفتالي بينت المتناقضة بين الإعلان عن نية إقامة حي استيطاني جديد على حساب سوق الحسبة في البلدة القديمة في مدينة الخليل من جهة، وبين ادعائه حفظ حقوق الفلسطينيين في هذا السوق من جهة ثانية.
وحول الأدوات التي قد يمتلكها الفلسطينيون لإحباط تنفيذ هذا المشروع، يقول حنتش: "هناك عدة قرارات اتُخذت من قبل المحاكم الإسرائيلية لصالح الفلسطينيين في قلب مدينة الخليل، كفتح شارع الشهداء وإزالة البؤرة الاستيطانية والمعسكر بجانبها في محطة الباصات القديمة، وعلى الرغم من أن اللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية قد يكون هو وعدمه واحد، فإن للفلسطينيين حقا في رفع دعوى قضائية في المحاكم الإسرائيلية، وعلى محكمة الجنايات الدولية أن تتخذ قراراً مستقلاً عن الإملاءات الإسرائيلية والأميركية، رداً على الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال، ومن بينها المخططات الاستيطانية".
من جهة أخرى، طالب عضو اللجنة المركزية لـ"حركة فتح" جمال محيسن، في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، بالإعداد لخطة ميدانية على المستوى الشعبي لمواجهة مخططات الاستيطان في الخليل.
وقال محيسن: "إن ما يجري بالخليل هو تكريس للاحتلال والاستيطان، ويجب أن يواجه على الصعيد الشعبي وتعزيز التحركات على المستوى الدولي"، مطالباً بموقف عربي أكثر جدية في مواجهة هذا الاحتلال. وحمّل محيسن المحكمة الجنائية الدولية مسؤولية تمادي الاحتلال في إجراءاته الاستيطانية بسبب تباطؤ المحكمة بفتح تحقيق جنائي حول جرائم الاحتلال.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان لها: "إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوظف الانحياز والتواطؤ الأميركي كمظلة في مواجهة المجتمع الدولي لإعادة رسم خريطة مصالح الاحتلال من جديد".
وقالت الخارجية الفلسطينية: "إن قرار وزير جيش الاحتلال بإقامة بؤرة استيطانية في قلب مدينة الخليل يشكل اعتداءً صارخاً على القانون الدولي واتفاقيات جنيف، واستخفافاً متواصلاً بالشرعية الدولية وقراراتها"، فيما طالبت الوزارة المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المختصة، وفي مقدمتها "اليونسكو"، بسرعة التحرك لوقف تنفيذ هذا القرار، وطالبت الأمين العام للأمم المتحدة بسرعة تفعيل نظام الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وطالبت أيضاً الجنائية الدولية بسرعة فتح تحقيق في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال وفي مقدمتها جريمة الاستيطان، مؤكدة أن صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم، وعدم اتخاذه الاجراءات الكفيلة بوقفها، يهدّد مصداقية الأمم المتحدة ويقوض مرتكزات النظام العالمي.
وأكدت الخارجية الفلسطينية أنها تتابع باهتمام بالغ حرب الاحتلال التهويدية المفتوحة على البلدة القديمة بالخليل، وقامت بالتعميم على سفارات دولة فلسطين وبعثاتها، وطالبتها بسرعة التحرك تجاه وزارات الخارجية ومراكز صنع القرار والرأي العام في البلدان المضيفة، لفضح هذا المخطط الاستعماري التوسعي ونتائجه وتداعياته، وطالبتها بحشد أوسع إدانة دولية ورفض دولي لقرار وزير الحرب الإسرائيلي، ووضع الدول والأمم المتحدة أمام مسؤولياتها السياسية والأخلاقية والقانونية تجاه هذه الخطوة التصعيدية العنصرية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات يفرضها القانون الدولي واتفاقيات جنيف لوقفها.
بدوره، حذر مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في الخليل محمد عمرو، في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، من خطورة الحي الاستيطاني الجديد في قلب البلدة القديمة، مؤكداً أنه ترجمة للدعم الأميركي لشرعنة الاستيطان، مشدداً على ضرورة الإعداد من كل المؤسسات الوطنية لبرنامج شامل للتصدي لهذه الإجراءات.