وقالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة، أليساندرا فيلوتشي، خلال إفادة صحافية في جنيف، أمس الجمعة: "أستطيع تأكيد أنّ مكتب المبعوث الخاص أرسل دعوات للحكومة اليمنية والحوثيين". وكان غريفيث قد دعا، في مطلع أغسطس/ آب الحالي، الأطراف المتحاربة إلى الاجتماع في جنيف، يوم السادس من سبتمبر، لمناقشة إطار لمحادثات سلام وإجراءات لبناء الثقة. وقال غريفيث، خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي، إنّ هذه المحادثات "تأتي في إطار المساعي لإنهاء الحرب المستعرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام". وأضاف أن الخطوة، في حال نجاحها، ستكون الأولى من نوعها منذ عامين، مشيراً إلى "تضييق فجوة الخلافات"، لكن من دون تقديم توضيحات حول ذلك.
وسبق أن أكد غريفيث، في تصريحات صحافية، أنّ المحادثات المقررة الشهر المقبل، ستركز على اتفاق للحكم الانتقالي ونزع السلاح. وقال في هذا الإطار: "بشكل أساسي، نحن نحاول أن نتوصل إلى أن تتفق حكومة اليمن وأنصار الله (الحوثيون) على القضايا الضرورية لوقف الحرب والاتفاق على حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع". وأضاف "سيتطلب ذلك اتفاقاً موقعاً من قبل الجميع يتضمن أولاً خلق عملية انتقالية سياسية مع حكومة وحدة وطنية. وثانياً سيتطلب وضع ترتيبات أمنية لانسحاب جميع المجموعات المسلحة من اليمن ونزع سلاحها". ولفت إلى أن "مسألة مستقبل الجنوب لن يتم التفاوض بشأنها في هذه المشاورات، بل ستكون جزءاً من نقاش يمني في المرحلة الانتقالية"، مضيفاً أن الأمم المتحدة تدعم وحدة اليمن.
على الرغم من ذلك، تبدو الآمال المعلقة على الجولة الجديدة من المفاوضات منخفضة باستثناء السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، الذي نقل عنه قوله قبل أيام إنه من الممكن لهذه المشاورات أن تخرج بنتائج إيجابية في ما يتعلق بالتخفيف من المعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب على اليمنيين وإطلاق الأسرى والمعتقلين، وفتح المطارات أمام الرحلات التجارية والمدنية، وفي مقدمتها مطار صنعاء وبناء الثقة بين الطرفين، واتخاذ إجراءات مع البنك المركزي لتثبيت سعر العملة اليمنية.
وبينما نقل عن المتحدث باسم جماعة الحوثيين، محمد عبد السلام، رفضه إطلاق مسمى مفاوضات على المشاورات المقبلة واضعاً إياها في سياق "تحديث أفكار وليست مفاوضات تفضي إلى حلول جادة"، نقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التي يديرها الحوثيون، عن رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الذي يديره الحوثيون، مهدي المشاط، قوله أول من أمس: "على صعيد المفاوضات أؤكد من خلالكم لأبناء هذا الشعب بعموم المحافظات أنه بحسب قناعتي لا جديد ولن تأتي بشيء، لأنه كما يقال الأمر بمقدماته، المقدمات لدينا لا توحي بأن هناك شيئاً يمكن أن يعول عليه الناس".
أما على صعيد الحكومة الشرعية، فيكرر المسؤولون فيها باستمرار استعداد الحكومة للتعامل الإيجابي مع مشاورات السلام التي تدعو إليها الأمم المتحدة، لكنهم في الوقت نفسه يلقون بمسؤولية تعثر ذلك على الحوثيين متهمين إياهم بالتمسك بالحرب ورفض تقديم أي تنازلات.
كما تتمسك الحكومة بالمرجعيات المعتمدة دولياً للعملية السياسية كأساس لأي حل، وتتضمن المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن.
وسبق أن أكد رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والمتضمن انسحاب ما وصفها بـ"المليشيا الحوثية"، وتسليم السلاح وعودة السلطة الشرعية إلى العاصمة صنعاء، وإطلاق كافة الأسرى والمعتقلين بنسبة 100 بالمائة، بمن فيهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي (الأخ الشقيق للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي)، بالإضافة إلى القائد العسكري اللواء فيصل رجب، والسياسي محمد قحطان.
في غضون ذلك، بدت لافتة محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، الدفع باتجاه إشراكه في المفاوضات على الرغم من أن غريفيث كان واضحاً لجهة أن "مسألة مستقبل الجنوب لن يتم التفاوض بشأنها في هذه المشاورات.
وفي السياق، أصدرت الجمعية الوطنية التابعة للمجلس بياناً، أول من أمس، رحبت فيه "بالجهود المخلصة والحيادية والواقعية التي يبذلها غريفيث، وأبدت رغبتها الشديدة وإرادتها الكاملة في المشاركة بإيجابية في المفاوضات القادمة من أجل إحلال السلام في المنطقة والإقليم والعالم"، وذلك بعد أيام من قول رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، في مقابلة تلفزيونية على فضائية "أبوظبي" الإماراتية، إن "المجلس الانتقالي لن يسمح بتجاوزه في مفاوضات جنيف المقبلة". وأضاف "أي تجاهل للمجلس وحضوره السياسي سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر"، فيما كانت لافتة إشارة الزبيدي إلى أن "المجلس الانتقالي لا يريد إعلان الانفصال في الوقت الراهن، لكنه يسعى للحصول على حق تقرير المصير للجنوبيين في المستقبل".
يذكر أن سويسرا سبق أن استضافت جولتي مشاورات يمنية منذ تصاعد الحرب في اليمن عام 2015، حيث انعقدت الأولى في يونيو/ حزيران والثانية في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، إلا أنّ الجولتين انتهتا بدون التوصل إلى اتفاق.
وبعد ذلك استضافت الكويت في عام 2016 مشاورات امتدت لنحو 3 أشهر إلا أنها انتهت بالفشل أيضاً، وهو ما دفع الأخيرة إلى التأكيد مراراً على أنها لن تستضيف الأطراف اليمنية مجدداً إلا للتوقيع على اتفاق سلام. وفي السياق، كانت مصادر يمنية قريبة من مكتب المبعوث الأممي قد كشفت أخيراً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ اختيار جنيف كمقرّ لانعقاد المشاورات، جاء بعد التشاور مع كلٍ من الحكومة اليمنية والحوثيين، على ضوء رفض الكويت، التي كانت على رأس الخيارات، استضافة جولة ثانية قبل وصول الأطراف المعنية إلى اتفاق.