حكومة عراقية ناقصة: انتكاسة للمالكي وعلاوي تكتمل معالمها غداً

27 ابريل 2016
حاصر الصدريون المنطقة الخضراء (حيدر محمد/فرانس برس)
+ الخط -
يوم فوضوي جديد عاشه العراق أمس، الثلاثاء، انتهى على شاكلة شبه انفراجة حكومية ولدت على أثرها تشكيلة وزارية جديدة مجتزأة، ظلت العقدة الأبرز فيها مؤجلة على خلفية استبدال الوزير الحالي، إبراهيم الجعفري، بالشريف علي ابن الحسين من عدمه. فوضى داخل قاعة البرلمان وخارجه كادت تتحول انفجاراً أمنياً كبيراً، لو لم يتأمن الغطاء السياسي لتحييد النواب المعتصمين (من كتلتي نوري المالكي وإياد علاوي) ونقل جلسات التصويت على لائحة وزراء رئيس الحكومة، حيدر العبادي، إلى قاعة أخرى بوجود الجيش والكلاب البوليسية على وقع تهديد الصدريين باقتحام المنطقة الخضراء.
وداخل قاعة بديلة أغلقت أبوابها بعشرات من الجنود وقوات الأمن الخاصة، وسط انتشار الجيش ومدرعات اللواء الرئاسي الخاص، وآلاف المتظاهرين حول المنطقة الخضراء، تمكن البرلمان العراقي من عقد جلسته بصعوبة بالغة منتزعاً بذلك مكاسب كبيرة تحتسب لصالح العبادي ورئيس البرلمان، سليم الجبوري، الذي استعاد شرعيته أخيراً بدعم من النواب الأكراد والعرب السنة، وعدد من كتل التحالف الوطني (ذات الغالبية الشيعية) فضلاً عن الكتلة المسيحية والتيار المدني. وفشل نحو 40 نائباً من كتلتي المالكي وعلاوي فضلا عن نواب آخرين وصفوا بأنهم منشقون عن كتلهم الأم في البرلمان، في إيقاف جلسة البرلمان بعد اقتحامهم القاعة الرئيسية وإحداث فوضى كبيرة وقطع أسلاك الصوت ورمي منصة الرئاسة ورئيس الوزراء بقناني المياه وترداد شعارات مناوئة لهم، وهو ما دفع برئيس البرلمان إلى الخروج مستدعياً قوات أمنية إضافية، قامت بدورها بعملية إخلاء قاعة مجاورة انتقل اليها النواب بشكل فردي وجرى تحقيق النصاب بواقع 181 نائباً قبل أن يدخل رئيس الوزراء عارضاً كابينته الوزارية. وشاركت أغلب الكتل البرلمانية في الجلسة باستثناء كتلتي المالكي والعلاوي، اللتين قاطعتا بشكل كامل، وحاولتا العودة إلى القاعة البديلة، إلا أن قوات الأمن منعت نواب الكتلتين وهددت باستخدام القوة ضدهم.
وتمكن العبادي خلال الجلسة من تحقيق تعديل وزاري جزئي شمل ستة وزراء فقط من خلال مرحلتين، عبر التصويت على إقالة الوزراء القدامى، ثم طرح أسماء الوزراء الجدد والتصويت عليهم. وجرت تسمية وزراء الصحة لعلاء مبارك، والموارد المائية لحسن الجنابي، ووزارة العمل لوفاء المهداوي، والتعليم العالي لعبد الرزاق العيسى، والكهرباء لعلاء دشر، والثقافة لعقيل مهدي، على أن يتولى مؤقتاً منصب وزير الشباب بالوكالة أيضاً. في المقابل، فشل العبادي في الحصول على الأغلبية في تغيير وزراء العدل والتربية والخارجية بسبب اعتراضات بعض الكتل على مرشحي تلك الوزرات، رغم استقالة الوزراء القدامى وأبرزهم الجعفري. ورفع البرلمان جلسته إلى يوم غد، الخميس، لاستكمال باقي التصويت على كامل الكابينة الوزارية.


وقال نائب رئيس البرلمان العراقي، همام حمودي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما تحقق في البرلمان يصب في صالح الشعب العراقي بشكل عام"، لافتاً إلى أن جلسة الخميس ستكون مخصصة للتصويت على باقي الكابينة مع إجراء حوارات مع الكتل السياسية حول بعض الشخصيات المرشحة لتولي الوزرات. ويلاحظ على أسماء الوزراء الجدد أنهم جميعاً من التشكيلة الوزارية الأولى، التي قدمها العبادي للبرلمان في جلسة الواحد والثلاثين من الشهر الماضي، والتي ضمت معها أسماء بارزة، مثل الشريف علي ابن الحسين لوزارة الخارجية، وعلي عبد الأمير علاوي، وتسببت بردود فعل رافضة لها من قبل عدد من الكتل السياسية خاصة تلك المقربة من إيران. ويتمتع الوزراء الستة، الذين شملهم التعديل اليوم، بصفة التكنوقراط، إذ يحمل كل منهم شهادة تقابل تخصصه الوزاري الذي اختير لها. وقال قيادي بارز في التحالف الوطني العراقي إن القائمة الأولى وعدد من أسماء القائمة الثانية للعبادي، هي التي قدمت اليوم (أمس)، موضحاً، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "يوم الخميس سيتم استكمال غالبية الوزارات الجديدة"، واصفاً كتلة المالكي بأنها "باتت منبوذة".

أما القيادي عن التحالف الكردستاني، حمة أمين، فكشف أن تحفظ كتلته على الشريف علي ابن الحسين أجل الموضوع إلى يوم الخميس. وأوضح أمين في حديث مع "العربي الجديد" أن الأكراد بحاجة إلى مشاورات داخلية قبل التصويت عليه ومنحه الثقة، "وذلك لا يعني رفضنا له". وأشار إلى أن ما جرى يمثل معركة كسر عظم بين المالكي من جهة، ورئيس الوزراء من جهة أخرى. من جانبه، أوضح القيادي في حزب الدعوة الإسلامية، المتحدث باسم النواب المعتصمين، هيثم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، أن "جلسة اليوم (أمس) غير معترف بها وقدمنا طعناً عاجلاً للمحكمة الاتحادية." وأضاف: "نحن قررنا على خلفية التطورات تعليق حضورنا لجلسات البرلمان لحين إجابة المحكمة على طعننا بالسلب والإيجاب"، ووصف الجبوري التعديل الجزئي، الذي جرى في غيابه وزملائه، بأنه "تمرير صفقات إرضاء بين الكتل". من جانبه، هدد معاون زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الشيخ كاظم العيساوي، بإكمال التغيير الوزاري غداً الخميس "وإلا ستكون لنا وقفة أخرى" على حد وصفه.

ولوّح العيساوي، في كلمه ألقاها أمام بوابات المنطقة الخضراء، بأنه "على الحكومة أن تغيّر وتصلح ولا نقبل بإصلاحات جزئية، وإن لم تفعل فستكون لنا أفعال أخرى". وتابع العيساوي كلامه بأن "المصلح مقتدى الصدر، إن أمرنا بدخول الخضراء فإنا داخلوها، وإن أمرنا بالانسحاب فما لنا غير الطاعة". أكثر من ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة في بغداد لـ"العربي الجديد" أن "العبادي أبلغ مقربين منه بأنه يفكر بالاستقالة من حزب الدعوة" الذي يترأسه المالكي. ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن "العبادي بعد الانتهاء من التغيير سيباشر بفتح ملفات الفساد بحكومة المالكي" وهو ما قد يعتبر ورقة تهديد للمالكي في حال أصر على موقفه من الأزمة الحالية. ولفتت المصادر إلى أن "ما تحقق في التعديل الحكومي الجزئي يمكن وصفه بأنه جرى رغماً عن أنف المالكي". وحول الأسماء، التي ستطرح للتعديل يوم غد، الخميس، تجيب المصادر أنها ستشمل حقائب العدل والخارجية والتربية والنقل والدفاع والداخلية والمالية والاتصالات. وعن هذا الموضوع، تكشف المصادر أن تغيير الوزراء الحاليين لهذه الحقائب متوافق عليه، "لكن ليس متوافقاً بعد على بدلائهم".

المساهمون