يواصل القضاء الجزائري، حتى فجر اليوم الاثنين، التحقيق مع 118 مسؤولا بينهم رئيسا الحكومة السابقان، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وعدد من الوزراء ومسؤولون في قطاعي النقل والجامعات والصناعة في قضية فساد جديدة بدأ القضاء التحقيق فيها منذ صباح الأحد.
وعند حدود منتصف الليل سمح قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي امحمد وسط العاصمة الجزائرية، لأويحيي بالمغادرة بعد تسع ساعات من مثوله للتحقيقات في قضية منح امتيازات والموافقة على صفقات غير قانونية لصالح رجل أعمال محيى الدين طحكوت وتبديد المال العام، تخص حصول الأخير على عقد طويل الأمد لنقل الطلبة في العاصمة والولايات القريبة، وإنشاء مصنع سيارات تحوم بشأنه شكوك في مدى مطابقته للمواصفات المطلوبة، وتضخيم فواتير توريد قطع الغيار وهياكل السيارات.
وقبل ذلك بقليل سمح قاضي التحقيق بمغادرة سلال والوزير السابق للصناعة يوسف يوسفي الذي حقق معه القاضي بشأن مصنع السيارات الذي أنشأه طحكوت. كما سمح القاضي لوزير السياحة السابق عبد القادر بن مسعود ومحافظ العاصمة الجزائرية السابق عبد القادر زوخ بمغادرة المحكمة بعد إنهاء التحقيقات معهما.
وتستمر التحقيقات في القضية مع ثلاثة وزراء نقل سابقين، هم عمار غول (رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر")، وبوجمعة طلعي وزعلان عبد الغني، بشأن استفادة طحكوت من صفقة احتكار النقل الجامعي في العاصمة ومنها إلى الولايات القريبة، وافتكاك هذه الصفقة من مؤسسة النقل العمومية لولاية الجزائر.
وتشمل التحقيقات في القضية مسؤولين من وزارة الصناعة وبالوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار والشركة الحكومية للنقل لولاية العاصمة حول ظروف استفادة طحكوت من الامتيازات الاستثمارية غير القانونية.
ومثل أولا طحكوت وعدد من أفراد عائلته أمام قاضي التحقيق، لمساءلته عن الامتيازات التي حصل عليها، وتم منعه من السفر ومغادرة التراب الجزائري.
وبحسب ما رشح من تسريبات، فإن قاضي التحقيق يسعى للحصول على أجوبة بخصوص مدى مطابقة الامتيازات التي حصل عليها طحكوت للقوانين المعمول بها، خاصة وأن شكوكا تحوم منذ فترة طويلة حول صعوده المشهد الاقتصادي في البلاد بشكل مفاجئ ودون سوابق له في عالم الأعمال.
وبعد انتهاء التحقيقات سيرفع قاضي التحقيقات ملف القضية إلى المحكمة العليا المخولة حصرا بمحاكمة الوزراء بسبب صفة الامتياز القضائي التي يتمتعون بها، فيما يتوجب، لمحاكمة كل من أويحيى وسلال، انتظار إنشاء محكمة عليا للدولة مختصة بحسب الدستور في محاكمة رؤساء الحكومات والجمهورية.
وهذه هي قضية الفساد الثانية التي يلاحق فيها أويحيى وسلال والوزراء المذكورون أنفسهم تقريبا بعد قضية فساد أولى كان النائب العام لمجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي قد أحال ملفها إلى المحكمة العليا في 26 مايو/ أيار الماضي، وتخص تورطهم في منح صفقات عمومية بطريقة غير قانونية لصالح زعيم الكارتل المالي علي حداد الموقوف في السجن، الذي كان مقربا من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة.
وينتظر القضاء الجزائري رفع الحصانة البرلمانية على ثلاثة وزراء سابقين، هم إضافة إلى عمار غول، كل من وزيري التضامن السابقين جمال ولد عباس، والسعيد بركات، لبدء ملاحقتهم بتهم الفساد ومنح والحصول على امتيازات غير مشروعة.
وتأتي هذه القضايا ضمن حملة مكافحة الفساد التي يقودها القضاء الجزائري بدعم من الجيش، لملاحقة رموز النظام السابق المتورطين في قضايا فساد.