وكان السيسي حرص خلال الاجتماع على توجيه "التحية لشهداء الأمن وأسرهم، والذين لولا تضحياتهم لما وصلت مصر إلى مرحلة الاستقرار"، حسب كلامه. وحضر اللقاء كل من القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي، ورئيس أركان الجيش الفريق محمد فريد، ووزير الداخلية اللواء محمود توفيق، وعدد من الوزراء والمحافظين، وقادة الأفرع الرئيسية في القوات المسلحة والشرطة، ومجموعة من الضباط وضباط الصف والجنود.
وحسب مصادر حكومية مصرية، فقد وضع جهاز الأمن الوطني في وزارة الداخلية خطة احتياطية لإخلاء أقسام الشرطة وقت الأزمات، مؤكدة أن الخطة تمت تجربتها، قبل نحو أسبوعين، بعد انتشار دعوات للتظاهر في ميدان التحرير، تحت عنوان "راجعين التحرير"، مشددة على أن هناك تعليمات صارمة بمواجهة أي محاولات للتظاهر في ميدان التحرير، ومنعها مهما بلغت الخسائر. وأوضحت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه تم نقل كافة السجناء الجنائيين والسياسيين من أقسام الشرطة في القاهرة الكبرى، والواقعة بالقرب من الميادين الكبرى، مثل الأزبكية وقصر النيل والدقي، وكذلك في مراكز المحافظات، إلى السجون المركزية. وأشارت إلى اتخاذ المناطق العسكرية إجراءات على نطاق الجمهورية بإلغاء الإجازات الخاصة بالضباط، والحدّ من إجازات المجندين، مع تكليف قيادة المنطقة المركزية العسكرية، بالإشراف على أداء وزارة الداخلية، ومراقبتها خلال الفترة المقبلة، مع رفع درجات الاستعداد للتحرك السريع في أي وقت، حال خروج الأمور عن السيطرة، عبْر خطة مجهزة مسبقاً، تشمل غلق مداخل العاصمة، بدءاً من الطرق الرئيسية القادمة من المحافظات، والسيطرة على المرافق والمباني الحيوية والميادين الكبرى، وفي مقدمتها ميادين منطقة وسط البلد.
وأكدت المصادر أن هناك حالة من القلق تسيطر على أروقة دوائر صناعة القرار المصري، نتيجة اتجاه التظاهرات الاحتجاجية في الجزائر والسودان لتحقيق أهدافها الخاصة بمنع ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإسقاط نظام الرئيس عمر البشير في السودان، ووقْف التعديلات الدستورية. وتخشى مؤسسة الرئاسة المصرية والأجهزة السيادية من انتقال عدوى التظاهرات إلى مصر في الوقت الراهن، في ظل موجة الغضب ضد التعديلات الدستورية التي يعتزم الرئيس المصري تمريرها عبر البرلمان، وتسمح للسيسي بالبقاء في منصبه حتى العام 2034، كما تسمح له بالسيطرة الكاملة على السلطة القضائية، عبر انقلابه على كافة الأعراف الدستورية المستقرة، والخاصة باستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، إذ تقترح التعديلات تشكيل مجلس أعلى للقضاء برئاسة رئيس الجمهورية.
ووفقاً لمصدر سياسي بارز، فقد صدرت تعليمات عن جهاز سيادي، في إشارة إلى الاستخبارات العامة التي يترأسها اللواء عباس كامل، بمنع تطرُّق مجلس النواب في الوقت الراهن للحديث عن التعديلات، أو البدء في ما يسمى بالحوار المجتمعي حولها، وذلك لعدم إشعال المشهد السياسي في ظل الأزمات الاقتصادية، والأزمات المتعلقة بارتفاع الأسعار الخاصة بالسلع والخدمات اليومية للمواطنين. ولفت المصدر إلى أن التعليمات الصادرة للبرلمان تتضمن التخفيف من الغضب الخاص بالتعديلات الدستورية، عبر تصريحات تشمل أنها غير نهائية، وأنها قابلة للتعديل، بما يوحي بالاستجابة للمخاوف الشعبية، وذلك إلى حين مرور الفترة المليئة بالأحداث الإقليمية.
وبينت مصادر سياسية مصرية أن الضوء الأخضر الذي حصل عليه النظام المصري من دوائر أميركية وغربية، بشأن التعديلات الدستورية وبقائه في السلطة، كان مشروطاً بعدم اصطدامها بموجات غضب شعبية رافضة، أو تسببها في تظاهرات وإثارة الأزمات بما يؤثر على استقرار المنطقة. تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي المصري أصدر تعليمات للبنوك العاملة في مصر بمنع تداول أي من فئات النقد الورقية التي تحمل على أحد وجهيها أي نوع من الكتابات أو العلامات الخاصة أو أختام لشخصيات وشعارات كتابية أو رسومية، مؤكداً أنها غير قابلة للتداول الرسمي. وجاءت تلك التعليمات رداً على حملة معارضة للسيسي عبر التدوين على العملات النقدية الورقية، بشعارات رافضة للنظام السياسي الحالي، منها "ارحل يا سيسي"، و"راجعين التحرير"، و"اطمن أنت مش لوحدك". وتصدر وسم "#اطمن_انت_مش_لوحدك" قوائم الأكثر تداولاً في مصر، وبعض الدول العربية، وهي الحملة التي تبناها عدد كبير من معارضي النظام المصري، وصاحبتها دعوات لإطلاق الصافرات وقرع الأواني من المنازل. وشهد الوسم مشاركة واسعة من ناشطين مصريين وعرب، مع نشر الفيديوهات والصور لفعاليات معارضة للنظام. واعتقلت قوات الأمن المصرية، على مدار الأيام القليلة الماضية، نحو 30 شاباً وفتاة من منازلهم، أو من مناطق وسط القاهرة، بسبب دعواتهم الإلكترونية للتظاهر ضد النظام الحاكم، في حين أعلنت وزارة الداخلية، الخميس الماضي، مقتل سبعة معارضين في محافظة الجيزة، بحجة تبادلهم إطلاق النار مع قوات الشرطة.