عانى جيريمي كوربن، رئيس حزب "العمال" البريطاني، من أكبر تمرّد في قيادته، مساء أمس الأربعاء، حين تحدّى 90 نائباً من "العمال" تعليماته، في تصويت حاسم على "بريكست".
واستقال أحد الأعضاء الرئيسيين مع خمسة مساعدين برلمانيين، بعدما أمر كوربن نوابه بالامتناع عن التصويت في مجلس العموم، حول ما إذا كان على بريطانيا أن تبقى في السوق الموحدة.
وأيّد 75 في المئة من أعضاء البرلمان اقتراح البقاء في المنطقة الاقتصادية الأوروبية، فيما صوّت 15 لصالح مغادرتها.
ونقلت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية أنّ كوربن وكير ستارمر، وزير الظل في "بريكست"، أرادا أن يصوّت الحزب لخطة بديلة من شأنها أن تحافظ على الوصول الكامل إلى السوق الموحدة من دون تحمل التزامات العضوية. بيد أنّ النواب المؤيدين للاتحاد الأوروبي لم يرضوا بهذا الاقتراح، وأدى الخلاف إلى استقالة لورا سميث كوزيرة ظلّ في مكتب مجلس الوزراء، حتى تتمكن من التصويت ضد المنطقة الاقتصادية الأوروبية.
الأمر لم ينته عند هذا الحد، بل استقال خمسة نواب آخرون كانوا مساعدين في حكومة الظل، وهم غيد كيلين، إيلي ريفز، روزي دوفيلد، تونيا أنطونيازي وآنا مكمورين.
ويعتبر هذا التمرّد الأكبر من نوعه، منذ أن تحدّى 66 نائباً من حزب "العمّال" كوربن وصوّتوا لهجوم جوي على سورية في ديسمبر/كانون الأول 2015. كذلك صوّت 64 نائباً من الحزب قبل عيد الميلاد الماضي للبقاء في السوق الموحدة، وذلك ضد رغبة زعيمهم.
من جهته، أعرب كوربن في بيان، عن "تفهمه" للصعوبات التي يواجهها أعضاء البرلمان الذين يمثّلون الدوائر الانتخابية، والذين صوّتوا بقوة على الخروج أو البقاء بشأن مسألة المنطقة الاقتصادية الأوروبية. ولفت إلى أنّ حزب "العمال" يحترم نتائج الاستفتاء في الاتحاد الأوروبي، ولا يدعم نموذج المنطقة الاقتصادية الأوروبية أو النرويجية، لأنّه ليس الخيار الصحيح لبريطانيا. وفازت الحكومة في التصويت على السوق الأوروبية الموحدة على الرغم من أنّ ثلاثة نواب من حزب المحافظين صوتوا ضد حزبهم.
في المقابل، يجادل مؤيدو المنطقة الاقتصادية الأوروبية بأن هذا الخيار سيعطي المملكة المتحدة العلاقة الأقرب مع الاتحاد الأوروبي من دون أن تكون عضواً فعلياً، حيث إنّه سيتيح الوصول الكامل إلى السوق الموحدة. لكن المنتقدين يقولون إنّ ذلك سوف يتطلّب من المملكة المتحدة الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي، من دون أن يكون لها رأي في هذا الأمر، ولن يكون ذلك متماشياً مع نتائج الاستفتاء لعام 2016.
وينتمي جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية، بالإضافة لدول من الخارج هي النروج وأيسلندا وليختنشتاين. لذلك، فإنّه مقابل الوصول إلى الأسواق، تلزم الأخيرة بتقديم مساهمة مالية وقبول غالبية قوانين الاتحاد الأوروبي، التي تنطبق عليها الحركة الحرّة للأشخاص في المنطقة، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي.
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، إنّ بريطانيا قد تبقى في الاتحاد الأوروبي، وإنّ فرص التغلّب على خيار 17.4 مليون شخص تزداد في الواقع. ولفت إلى أنّ "المركز السياسي لأوروبا" يتم الضغط عليه من كلا الجانبين، وكذلك من "العمالقة" الأجانب بما في ذلك الصين.
وفي حديثه لصحيفة "شتيرن" الألمانية، قال بلير إن "المركز السياسي لأوروبا مهدّد من قبل اليسار واليمين". وأضاف أنه "سيكون لدينا ثلاثة عمالقة، الصين والهند والولايات المتحدة. إن كنت لا تريد أن تسحق من قبل هؤلاء، فإنّ التحالفات وحدها هي التي ستساعد"، بحسب ما أوردت "ذا ديلي إكسبرس".
وتجنّبت تيريزا ماي، يوم الثلاثاء الماضي، بشكل واضح، الهزيمة حول مشروع قانون الانسحاب الأوروبي، بعدما وعدت 15 شخصاً بأنّهم سيحصلون على فرصة للتعبير عن آرائهم في حال عدم التوصّل إلى اتفاق مع بروكسل.