وقال رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي، الفريق سيرغي رودسكوي، اليوم الإثنين: "إننا ندرك أن تنسيق جميع المسائل المتعلقة باستعادة وقف إطلاق النار في حلب قد يستغرق وقتاً طويلاً، لذلك قررنا ألا نضيع الوقت، وأن نبدأ بإعلان فترات تهدئة إنسانية، وبالدرجة الأولى لمرور المدنيين بحرية، ولإجلاء المرضى والمصابين، ولخروج المسلحين".
وجاء هذا الإعلان الروسي الذي ركز على إظهار أن الهدنة ذات طابع إنساني بعد ساعات قليلة من إدانة الاتحاد الأوروبي لروسيا، حيث ندد الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع لوزراء خارجيته الـ28، في لوكسمبورغ، اليوم الإثنين، بالضربات الجوية السورية والروسية على أجزاء تسيطر عليها المعارضة في حلب، وخصّ موسكو بالانتقاد لاستهدافها المتعمد للمستشفيات والأطقم الطبية.
واتفق وزراء خارجية الاتحاد، في لوكسمبورغ، على أنّ "الاستهداف المتعمد للمستشفيات والأطقم الطبية والمدارس والبنية الأساسية الحيوية، وكذلك استخدام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والأسلحة الكيماوية، ربما تصل إلى حد جرائم الحرب"، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز".
ودعت مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إلى وقف قصف حلب، ومواصلة المفاوضات مع مختلف الأطراف، وعن إعلان روسيا استعدادها لهدنة 8 ساعات في حلب، قالت موغيريني إنّها "بادرة جيدة لتخفيف المعاناة الإنسانية في المدينة، شرط التمكّن من إدخال المساعدات الإنسانية شرقي حلب، حيث إن الوضع لا يحتمل على الإطلاق"، لافتة إلى أنّ "المنظمات الإغاثية تؤكّد أن قوافل المساعدات تتطلب هدنة لأكثر من 12 ساعة".
من جانبها، رحبت الأمم المتحدة الاثنين بإعلان روسيا وقفاً لإطلاق النار لمدة ثماني ساعات في حلب، وقالت إنها هدنة ضرورية يحتاجها المدنيون السوريون إلا أنها ليست كافية لإدخال المساعدات الإنسانية.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك "إن أي وقف للمعارك إيجابي للسكان (..) ولكن نحتاج إلى توقف أطول من أجل إدخال المساعدات إلى المدينة التي تتعرض لقصف شديد"، وأضاف أن الأمم المتحدة كانت قد طلبت وقف القتال لمدة 48 ساعة على الأقل.
ولا يبدو أن هدنة الساعات الثماني التي أعلنت روسيا أنها ستطبقها مع النظام السوري في حلب يوم الخميس ستقدم أي جديد لمئات آلاف المدنيين بحلب، والذين يتعرضون للقصف يومياً بالإضافة إلى معاناتهم المستمرة من جراء استمرار الحصار عليهم في حلب منذ نحو شهرين ونصف شهر، خصوصاً مع تأكيد الأمم المتحدة على أن هذه الهدنة لن تسمح بإدخال المساعدات للمحاصرين.
في المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أنّ "خطة روسيا لوقف الهجمات الروسية والسورية، للسماح للمدنيين وقوات المعارضة بمغادرة المدينة محدودة ومتأخرة للغاية".
وقال المتحدث باسم الوزارة، مارك تونر، إنّه إذا كانت الخطة تؤدي إلى "توقف لثماني ساعات في المعاناة المتواصلة لأهل حلب، فإن ذلك سيكون شيئاً جيداً لكنها بصراحة محدودة ومتأخرة للغاية"، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز".
وعلى هذا الأساس لا تعدو الهدنة الروسية الجديدة أن تكون مجرد محاولة روسية للتهرب من ارتفاع مستوى الخطاب الدبلوماسي الصادر من مسؤولي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد روسيا نتيجة تورطها بالتسبب في تدهور الوضع الإنساني بحلب.
وفي السياق نفسه، ألمح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الإثنين، إلى "إمكانية مواصلة محادثات السلام السورية على غرار محادثات لوزان"، ويبدو أن الوزير الروسي تعمّد الإشارة إلى لوزان ليقول بشكل مبطن إن روسيا تفضل أن تستمر المحادثات الخاصة بسورية على غرار محادثات لوزان، التي لم تأت بأي جديد، بل إنها وصفت بأنها محادثات فاشلة بسبب التوتر الذي سادها وعدم توصلها لأي جديد بشان تطبيق وقف إطلاق نار في سورية.
ويبدو أن روسيا قررت فعلاً اتباع سياسة المماطلة ريثما تنتهي من تدمير ما تبقى من مدينة حلب، عسى أن تعلن فصائل المعارضة التي تدافع عن مناطق سيطرتها بمدينة حلب استسلامها ليسجل الروس النصر على المعارضة السورية وحلفائها الإقليميين والدوليين في مدينة حلب، التي باتت خلال السنوات الثلاث الماضية أكبر معاقل المعارضة السورية.
ولفت إلى أنّ "في حلب 275 ألف شخص محاصرين داخل الأحياء المحاصرة، وهم يعيشون في ظل أوضاع إنسانية غاية في السوء من ناحية نقص المواد الغذائية وسقوط الجرحى بشكل شبه يومي في ظل عدم توفر الرعاية الطبية اللازمة، إذ يتم استهداف المشافي والنقاط الطبية بشكل مباشر عبر الطيران الحربي".