ياسين أكتاي لـ"العربي الجديد": مسامحة الانقلاب بمصر إدانة لتركيا

12 ابريل 2016
أكتاي: القضية الكردية انتهت (العربي الجديد)
+ الخط -
يرى نائب رئيس حزب "العدالة والتنمية" التركي، ياسين أكتاي، أن ارتفاع الأصوات التي تنتقد حزبه ورموزه السياسية الحاكمة دليل على مستوى الديمقراطية وحرية التعبير في البلاد، وهي الحرية التي يعتقد أنه مبالغ فيها حين تتيح لسياسيين التأييد العلني لـ"الإرهاب" الذي تتعرض له تركيا. ويتوقع أكتاي، في حوار مع "العربي الجديد"، على هامش مشاركته في مؤتمر "بين نهج الإعمار ونهج الدمار" في العاصمة الأردنية عمان، أن يُذكر الدور الروسي في سورية على اعتباره عملاً معيباً يجلب لها العار، كما يعلن التمسك بأن "الانقلاب العسكري في مصر غير شرعي وغير مقبول"، معتبراً أن مسامحة تركيا للانقلاب في مصر تمثّل إدانة لها. نص الحوار:

-تعيش تركيا اليوم جملة من التحديات الداخلية، خصوصاً تلك المتعلقة بخطر الإرهاب، ويصاحب هذه التحديات تنامي الانتقاد للقيادة السياسية التي تنتمي لحزبكم الحاكم، هل هذا يعكس تغييراً في المزاج تجاهكم؟

لا أتذكر في تاريخ تركيا أن سلطة جاءت من دون أن يُوجَّه لها النقد، لكن الصوت العالي في النقد والذي ترونه الآن يشير إلى مستوى الديمقراطية الموجودة لدينا. الناس ينتقدون رئيس الدولة ورئيس الوزراء، ليس مبالغاً القول إن 60 في المائة من الإعلام التركي يعارض الحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان ويشتم حزبنا، ومع هذا يوجد من ينتقد مستوى حرية التعبير في بلادنا، والتي أعتقد أنه توجد مبالغة في مستواها. نحن أمام ما نتعرض له من نقد وشتائم، نتسامح ونتجاوز، فدورنا أن نخدم من صوّت لنا وجاء بنا إلى السلطة وفي الوقت نفسه نحترم الآخرين، وعلى الجميع أن يقتنع أنه من غير الطبيعي أن نأتي إلى السلطة للمرة الرابعة من دون أن يكون الشعب معنا ومؤيد لنا.

-تقول إن حرية التعبير مبالغ في مستواها، كيف ذلك؟
هي كذلك عندما يوجد سياسيون شرعيون يؤيدون ويدعمون "الإرهاب" الذي تتعرض له تركيا من قِبل حزب "العمال الكردستاني" المصنف إرهابياً على مستوى العالم، فاليوم يوجد في صفوف حزب "الشعوب الديمقراطي" من السياسيين من يؤيد العمليات الإرهابية التي تُنفذ، وبعض السياسيين ذهبوا إلى بيت العزاء الذي أقيم لمنفذ الهجوم الانتحاري الذي ضرب ميدان كزلاي وسط أنقرة، وتعاملوا هناك مع الإرهابي على اعتباره بطلاً. ولا أعتقد أنه في أعرق الديمقراطيات في أوروبا وأميركا يمكن أن يُسمح لسياسي بأن يقوم بما يفعله هؤلاء في تركيا من دون مساءلة.

-ألا ترى أن تأييد بعض السياسيين لحزب "العمال الكردستاني" ناتج عن عدم الوصول إلى حل للقضية الكردية؟
لا توجد أزمة مع الأكراد، الأزمة هي فقط مع حزب "العمال" الإرهابي، النظام التركي الذين يديره حزب "العدالة والتنمية" بدأ منذ عام 2002 عملية سلام شاملة مع الشعب التركي، سابقاً كان الأكراد والمتدينون والعلويون وغير المسلمين يُستبعدون من قِبل النظام التركي، ولكن الآن يمكن القول إننا تصالحنا مع الجميع بمن فيهم الأكراد. انتهى الزمن الذي كان يُستبعد فيه الكردي، وأُزيل المنع عن اللغة الكردية، اليوم يوجد 76 مليون مواطن في تركيا متساوين، ولا تجد كردياً يقول إنه يعاني من التمييز، وهناك الكثير من الأكراد في المستويات السياسية والاقتصاد والحكم، وعليه فإن القضية الكردية انتهت.


-في الوقت الذي تتهمون فيه جماعات تركية بدعم حزب "العمال"، فإنكم تُتَهمون بدعم تنظيم "داعش"، كيف تردون على هذه التهمة التي تتردد على نطاق واسع؟

فقط نقول لهم تعالوا بدليلكم، لا يوجد لديهم دليل على أننا نؤيد وندعم "داعش"، نحن نلعن وندين هذا التنظيم، وفي الوقت نفسه ندعوهم إلى إدانة حزب "العمال". نحن نقول بصوت عالٍ إن "داعش" عدونا وعدو الإسلام والقيم التي نؤمن بها، وكل ما يفعله "داعش" هو هجوم على مصالح تركيا وتدمير أمل تركيا في تحقيق السلام في سورية والعراق. نحن نريد لسورية السلام وأن تبقى موحدة، لكن "داعش" يخدم التقسيم الذي هو لصالح حزب "العمال"، وعليه فإن موقفنا أن هذين التنظيمين إضافة إلى حزب "الاتحاد الديمقراطي"، فرع حزب "العمال" في سورية، متساوون، وهم إخوة يسيرون في المخطط نفسه. نحن نؤيد الشعب السوري والجيش الحر، و"داعش" هو عدو للجيش الحر.

-يجري الحديث عن منح الأكراد في سورية منطقة حكم ذاتي محاذية لبلادكم، ما موقفكم من ذلك؟ وهل لمستم تأييداً دولياً لهذا الطرح؟

فعلياً النظام السوري يريد إعطاء منطقة لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، وهؤلاء لا يمثّلون الأكراد، وقيادتهم مقرّبة من نظام بشار الأسد. هؤلاء هجَّروا وبدعم وإذن وتوظيف من الأسد، قرابة 500 ألف إنسان من المناطق التي سيطروا عليها، وهم اليوم يسعون لإقامة حكم ذاتي. نحن لا نستطيع أن نميّز بين "العمال الكردستاني" و"الاتحاد الديمقراطي"، فعندما يجتازون الحدود التركية يصبحون حزب "العمال" وداخل الأراضي السورية هم "الاتحاد الديمقراطي".
والحكم الذاتي يلاقي تأييداً أميركياً، وهذا يعني بالنسبة لنا أن أميركا تؤيد وتدعم نظام الأسد الذي يدعم الحكم الذاتي لـ"الاتحاد الديمقراطي"، نحن نعتقد منذ البداية أن التدخّل الأميركي في سورية لا يخدم الشعب السوري، إذ للأميركيين أجندتهم الخاصة.

-يسود توتر في العلاقات التركية-الروسية، هل يسير الأمر باتجاه الحل، وهل يوجد تواصل أو تنسيق بينكم وبين الروس؟
لا يوجد تنسيق ولا تواصل، مع أن الأصل أن يكون ذلك موجوداً. نحن لا نفهم الروس، روسيا فعلت شيئاً سيُذكر في المستقبل على أنه عيب وعار عليها لأنها تسببت في مقتل 500 ألف سوري، هؤلاء لم يُقتلوا في العمليات العسكرية التي نفذها الجيش الروسي، وربما يكون ضحايا عمليات موسكو العسكرية أقل بكثير، لكن هؤلاء قُتلوا بسبب دعم روسيا للأسد، فهي دمّرت مدناً، ولم تقم بأي جهد من أجل السلام، هي فقد جاءت لتحافظ على مصالحها، لكن هل المصالح أهم من حياة الناس؟ لا أعتقد ذلك أبداً.

-سترأس بلادكم قمة منظمة التعاون الإسلامي، وهي الرئاسة التي ستنتقل إليها من مصر، في هذا الصدد يجري الحديث عن سيناريوهات لاستغلال الحدث لعقد مصالحة تركية-مصرية، هل تتوقعون ذلك؟

لا توجد مشكلة بين الشعب التركي والشعب المصري، مشكلتنا مع الانقلاب العسكري في مصر الذي نتمسّك بأنه غير شرعي وغير مقبول. قادة الانقلاب قتلوا أكثر من 3 آلاف شخص في ميدان رابعة، وهذا أمر يستحق المحاكمة، لا أفهم كيف يمكن أن يتعامل الناس مع نظام قتل أشخاصاً غير مسلحين كان ذنبهم الوحيد الاحتجاج على الانقلاب. نحن لو سامحنا الانقلاب فإننا ندين أنفسنا وننكر قيمنا، فتركيا عانت الكثير بسبب الانقلابات في السابق ولديها حساسية تجاه هذا الأمر.

-لكن ألا تعتقد أن بناء علاقاتكم السياسية وفقاً لما تعتقدون أنها قيم إنسانية وأخلاقية، سيضرّ بمصالح الدولة التركية؟
الدول تبني علاقاتها السياسية بناء على مصالحها، لكن يمكن أن يكون سلوكنا نموذجاً جديداً، ونحن مقتنعون بأن المبادئ يجب أن تتوحّد مع المصالح، فنحن نهتم بالمبادئ، ولا نتركها من أجل المصالح، بل أحياناً نترك المصالح من أجل المبادئ. ونعتقد أن المصالح التي يتم احتواؤها في المبادئ تكفي الجميع.