وأعقبت الزيارة موجة من الشائعات تتحدث عن مشروع إيراني يهدف إلى اقتطاع مدينة سامراء من محافظة صلاح الدين، وجعلها محافظة لوحدها، وإلحاق بلدات الدجيل وبلد وذراع دجلة فيها، باعتبارها "محافظة مقدسة لوجود مراقد دينية فيها". ونقلت وسائل إعلام عن "مصادر" مجهلة الهوية قولها إن "إيرج مسجدي يُشرف على إنشاء محافظة جديدة، وتجزئة محافظة صلاح الدين إلى محافظتين، على أن تبدأ حدود المحافظة الجديدة من ناحية دجلة جنوب تكريت وتنتهي عند حدود العاصمة بغداد".
وحول ذلك، قال مسؤول عراقي في حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إن "تلك التقارير لا تستحق الرد عليها، كونها غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ومن يسرب تلك المزاعم يحاول أن يخلق فتنة داخل البلاد"، مطالباً "الشارع بعدم الاستماع لمثل هذه الترهات". وأضاف المسؤول، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "القانون العراقي النافذ يوجب استحداث محافظة جديدة في حال صوت مجلس المحافظة الأم بأغلبية أعضائه على ذلك، بعد وصول طلب قانوني من مجالس الأقضية التي ترغب بهذا الأمر، وبأغلبية الثلثين، ويُرفع الأمر للبرلمان ثم الحكومة العراقية ثم لرئيس الجمهورية. وقد يصار إلى تنظيم استفتاء شعبي في بعض الأحيان، وسامراء ذات غالبية عربية سنية مطلقة ولا يمكن تجاوز حقيقة رفضهم مثل هذه التوجهات". وأوضح أن "الهدف من زيارة مسجدي إلى محافظة صلاح الدين هو بناء علاقات جديدة مع أبناء المنطقة، لأن إيران تشعر حالياً بعزلة كبيرة". وتابع أن "اقتصاد إيران في انهيار مستمر، وفكرة دعم اجتزاء مناطق من محافظة لجعلها محافظة صعبة، بل إنها أقرب إلى المستحيل في هذا الوقت، وربما إذا تمكنت إيران من ذلك فإنها ستدعم هذا الأمر". ولفت إلى أن "جميع دول الجوار لا تريد تقسيم العراق طائفياً أو عرقياً بأي شكل من الأشكال، لأن هذه الدول تعرف أنه إذا تقسم فإن هذا معناه أن الحروب والنزاعات في المنطقة لن تتوقف".
من جهته، أشار عضو المجلس المحلي في صلاح الدين، علي فاضل الدجيلي، إلى أن "نواباً ومسؤولين من مدينة سامراء كانوا قد زاروا رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، في الأعوام الماضية، وطرحوا عليه فكرة استحداث محافظة جديدة، لكن المقترح رفض". وقال الدجيلي، لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي مدن محافظة صلاح الدين، وسامراء خصوصاً، متفقون على أن تبقى محافظتهم واحدة، ولا نقبل استحداث أو اجتزاء أي منطقة من أجل تحويلها إلى منطقة دينية أو طائفية. وبصراحة لم يتطرق أي أحد خلال زيارة السفير الإيراني إيرج مسجدي للمحافظة مع المسؤولين المحليين والقادة الأمنيين بما يتعلق باستحداث محافظة، ولو تم طرح مثل هذا الأمر، فإنه كان سيتم رفضه في الحال".
وقال عضو مجلس قضاء سامراء، محمد الدراجي، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن إنكار وجود حساسية من الزيارة وانقسام داخل أعضاء مجلس سامراء في استقباله ورفض المشاركة في الاجتماع الذي عقده مسجدي، لكن مثل هذا الطرح لم يتم التطرق له، على الأقل خلال هذه الزيارة". وأضاف "بعض أعضاء الحكومة المحلية في تكريت رفضوا لقاء مسجدي بمسؤولين محليين في سامراء، وطالبوا بمحاسبة الجهات التي مهدت لذلك كونها خرقا للدستور والبروتوكول"، مشيراً إلى وجود حساسية كبيرة من هذه الزيارة، موضحاً أن "لمدينة سامراء، التي تضم مراقد دينية، خصوصية كبيرة لا بد من الحفاظ عليها، لا سيما أنها المكان الذي تسبب باندلاع الفتنة الطائفية في العراق بين العامين 2006 و2007". وأضاف أن "المعترضين على الزيارة يخشون من احتمال التعامل مع سامراء على أنها منطقة ذات وضع خاص تمهيداً لاقتطاعها من صلاح الدين في المستقبل، وتحويلها إلى محافظة مستقلة، وهذا، على ما أعتقد، هو سبب انتشار تقارير ومخاوف اقتطاع سامراء وتحويلها إلى محافظة. لا أصل للموضوع، على الأقل بالظاهر حالياً عندنا".
من جانبه، رأى المراقب للشأن المحلي، عبد الله الركابي، أن "الأوضاع في سامراء مستقرة من الناحية الأمنية والاجتماعية، ولا توجد أي مبررات لأي قلق طائفي، والحديث عن مخاوف من تحوّل سامراء إلى موصل ثانية بعيد عن الواقع، مع العلم أن انتهاكات وقعت في مدينة سامراء خلال فترة احتلال داعش لمناطق صلاح الدين، ولكن انتهت مع إمساك الجيش والشرطة المحلية زمام أمنها. إن التفكير باستحداث محافظة على أساس ديني أو طائفي سيُدخل أهالي صلاح الدين في دوامة من التوتر، وقد يظهر بعض المتطرفين من أجل استغلال الأوضاع وتنفيذ مخططات إرهابية". وانتقد رئيس حزب "المستقبل الدستوري" العراقي، انتفاض قنبر، زيارة السفير الإيراني إلى سامراء، واضعاً هذه الزيارة في "إطار مشروع لتقسيم العراق على أسس طائفية في محافظة صلاح الدين ومناطق أخرى". ورفض "تدخلات إيرج مسجدي في الشؤون الداخلية العراقية، وآخرها زيارته إلى سامراء"، معتبراً، في تصريح صحافي، أن "ما يحدث هو إعادة تقسيم لمحافظة صلاح الدين". ووصف قنبر تحركات السفير الإيراني في سامراء بـ"الخطرة"، متهماً نواب عن صلاح الدين "بالتواطؤ معه".