وفي السياق، أعلن "مجلس محافظة درعا الحرة"، في بيان رسمي له، نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، كلاً من بلدات وأحياء، اليادودة، والنعيمة، وأم المياذن، ودرعا البلد، وحي طريق السد، ومخيم درعا، مناطق منكوبة، وذلك نظراً لحملة القصف الممنهجة والمكثفة التي تتبعها القوات النظامية والمليشيات المساندة لها على هذه البلدات وتدمير البنى التحتية في درعا البلد وأحيائها وخروج المشافي الميدانية كافة عن العمل".
من جهته، قال الناشط الإعلامي، أبو محمد الحوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الطيران المروحي ألقى، أمس الثلاثاء، براميل متفجرة عدة على قرى أم الخرز، وقصر الصايغ، والجسري والثلاج، في حين استهدف الطيران الحربي قرية جدل بخمس غارات جوية، في منطقة اللجاة في ريف درعا الشمالي الشرقي". ولفت إلى أن "الفصائل المسلحة المعارضة استهدفت مطار بلي بعشرات صواريخ الغراد، في حين لم ترد معلومات عن حجم الخسائر". وأوضح أن "القوات النظامية وحلفائها تبعد اليوم عن الحدود الأردنية من جهة حي المنشية نحو كيلومترين، ومن المناطق الثانية نحو 10 كيلومترات". واعتبر أن "هناك صمت إقليمي ودولي عن تلك المعارك قد تقف خلفها مصالح أردنية بفتح المعبر الحدودي".
من جهته، قال قيادي عسكري في الفصائل المسلحة المعارضة في درعا، طلب عدم ذكر اسمه، إن "المليشيات الأجنبية والنظام فشلوا فشلاً ذريعاً، حتى أنهم اقتتلوا فيما بينهم، واعترفوا أن الصمود أسطوري، وتكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وأما نحن فالمعنويات لدينا عالية جداً". وبيّن أن "الجميع متضايق من اقتراب الإيرانيين من الحدود السورية الأردنية". كما أشار إلى أنه يوجد التفاف شعبي واسع حول فصائل المعارضة التي تخوض المعارك ضد النظام وحلفائه.
ولفت إلى أن "الفصائل المعارضة في معركة درعا، أرجعت القوات النظامية بعد أن كانت على بعد نحو 200 متر من البوابة الحدودية إلى نحو كيلومترين". ولفت إلى أن "الروس حيّدوا طيرانهم عن المعارك، وأصدروا بياناً بعدم مشاركتهم في المعارك البرية".
وكانت الفصائل المعارضة قد شكلت غرفة عمليات "البنيان المرصوص" وأطلقت معركة "الموت ولا المذلة" في 12 فبراير/شباط الماضي، حيث كان حي المنشية الساحة الرئيسية للمعركة، أولاً لموقعه الجغرافي المرتفع نوعاً ما عن باقي الأحياء، ما يجعله يطل على معظم مدينة درعا. كما أن الحي هو الطريق المفضي إلى الجمرك القديم، وهي بوابة حدودية على الحدود السورية الأردنية. ومنذ ذلك الحين، استخدم النظام وحلفاؤه مختلف أنواع الأسلحة شديدة التفجير، وبالرغم من التدمير الممنهج وتهجير آلاف العائلات، لا تزال الفصائل المعارضة تتقدم على حساب النظام وتلحق به خسائر في العتاد والأرواح.
وفي البادية السورية، لا تزال المعارك دائرة على محاور عدة في ريف السويداء وفي تدمر والسخنة، إذ أفادت "تنسيقية مدينة تدمر"، فجر أمس الثلاثاء، بأن نحو 35 عنصراً من القوات النظامية قتلوا في حين جرح آخرون، إضافة إلى تدمير مدرعات عدة وآليات نتيجة تفجير "داعش" لسيارات مفخخة قرب منطقة العباسة جنوب شرق تدمر. كما قتل 9 عناصر ودمرت دبابة وعربة مصفحة بهجوم لـ"داعش" على تلة الصوانة قرب منطقة حويسيس شمال غرب تدمر بريف حمص الشرقي.
ونفت التنسيقية، بحسب ما نشرته على موقعها الرسمي، التقاء مليشيات النظام مع مليشيات الحشد الشعبي العراقي على الحدود العراقية.
وكان النظام قد أعلن في وقت سابق "انتهاء المرحلة الأولى من العمليات العسكرية للقوات النظامية وحلفائها في البادية بالوصول إلى الحدود السورية العراقية، استعدادا لاستكمال العمليات وتطهير كامل البادية السورية من وجود إرهابيي تنظيم "داعش".
ونقلت وكالة "سانا" للأنباء التابعة للنظام، عمّن وصفته بـ"قائد ميداني" قوله إن القوات النظامية تمكنت من "تنفيذ مهامها وتنظيف نحو 20 ألف كيلومتر مربع خلال أربعة أسابيع عبر الانطلاق من المحور الأساسي وهو محور السين التنف، ومحور ثان هو محور الناصرية المحسة بصيرة العليانية جبل عش غراب أشارة الوعر. ويبدأ هذا المحور بمنطقة الناصرية شرق منطقة السبع بيار في ريف دمشق الشرقي، شرقي منطقة القلمون الشرقي، إلى المحسة في ريف حمص الجنوبي ويتجه شرقاً إلى العليانية جنوب غرب تدمر وصولاً إلى الوعر شمال شرق معبر التنف على الحدود العراقية السورية. وبين أن "المرحلة الثانية للعمليات في البادية والمراحل اللاحقة تهدف إلى الالتقاء مع القوات المتقدمة من المحاور الاساسية التالية: محور شبكة الزلف بريف السويداء، ومحور تدمر المحطة الثانية، وتدمر السخنة، ومحور باتجاه حلب مسكنة. ولفت إلى أن "جميع هذه المحاور هدفها الأساسي هو القضاء على الإرهابيين في هذه البادية الواسعة وبعد ذلك التوجه نحو عروس الفرات دير الزور وفك الطوق عن القوات الموجودة فيها".
وكانت القوات النظامية قد أعلنت في التاسع من شهر يونيو/حزيران الحالي أنها تمكنت من الوصول إلى الحدود السورية مع العراق شمال شرق التنف في عمق البادية السورية، ما يعتبر كسراً لما كان يتم تداوله من حدود لمنطقة النفوذ الأميركي، والممتدة من البوكمال في ريف دير الزور على الحدود السورية-العراقية، باتجاه الجنوب مروراً بالبادية بمحاذاة مدينة تدمر إلى السويداء فدرعا، وصولاً إلى القنيطرة على الحدود اللبنانية والأراضي السورية المحتلة من قبل إسرائيل.
وقال محلل عسكري، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الأوراق اليوم تختلط، إذ إن ما يجري في الميدان يختلف عن كل ما كان يتم التصريح به ويتداول، من التهديدات جراء الاقتراب من الحدود، إلى قصة الحشود العسكرية، ما يجعلنا اليوم نقف متسائلين هل هي خطة عسكرية بشكل أو آخر، أم أن هناك تفاهما دوليا جديدا من تحت الطاولة؟ لا جواب دقيقاً اليوم، ولكن أعتقد أن الأسابيع المقبلة كفيلة في تبين ثبات الميدان".
وتابع "اليوم قد يكون تقدم النظام وحلفائه في البادية ورقة يحاولون لعبها لتقبل بهم أميركا ضمن تحالف محاربة الإرهاب، إذ إنهم قطعوا بتقدمهم الأخير الطريق أمام الفصائل المسلحة المدعومة أميركياً وبريطانياً من التقدم إلى مدينة البوكمال وهو هدف تكلموا عنه مراراً، بالإضافة إلى أن التقدم في شرق السويداء يضيق على تلك الفصائل، التي أنفق عليها الكثير من الأموال لتكون قادرة على مواجهة داعش.