وقالت مصادر محلية إن فصائل المعارضة ما زالت تحاصر إدارة المركبات وتقطع عنها جميع طرق الإمداد، مع استمرار الاشتباكات في محيط مبنى الأمن الجنائي، ومبنى محافظة ريف دمشق وفرعي المرور والمواصلات والرحبة 411، كما تسيطر الفصائل على أحياء العجمي والحدائق ومنطقة الفرن الآلي وتجمّع المدارس.
وأوضحت المصادر أن النظام طلب تعزيزات كبيرة من الفرقة الرابعة والفرقة العاشرة وقوات الحرس الجمهوري ومليشيات محلية، مثل الدفاع الوطني و"درع القلمون"، ونشر راجمات صواريخ ومنصات هاون وصواريخ أرض-أرض من نوع "جولان"، في منطقة البعلة بحي القابون المقابل لجبهة المعارك، بينما تتواجد التعزيزات العسكرية على طول الطريق الدولي وصولاً لحاجز سيرونكس وكراجات العباسيين شرق دمشق، تخوفاً من هجوم آخر للمعارضة من جهة كراجات العباسيين.
وتشير بعض المصادر إلى أن عدد عناصر النظام المحاصرين في أبنية إدارة المركبات يبلغ نحو 350 عنصراً، وتحاول قوات النظام فك الحصار عنهم، من خلال شبكة من الأنفاق، وتعزيزات عسكرية.
وردّاً على تقدّم فصائل المعارضة، كثفت قوات النظام قصفها للمنطقة، وشنت الطائرات الحربية عشرات الغارات الجوية، ما أدى إلى مقتل 4 مدنيين من عائلة واحدة في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، بينما أسفر القصف على مدينة عربين عن سقوط قتيلين والعديد من الجرحى.
من جهتها، قصفت فصائل المعارضة بقذائف الهاون منطقة "ضاحية الأسد" الموالية للنظام شمال العاصمة.
وكانت فصائل المعارضة قد بدأت، قبل يومين، هجوماً جديداً على مواقع قوات النظام في محيط الإدارة، وقامت بتفجير نفق لتلك القوات على محور مدينة عربين من طرف المحلق، وأصيب إثره مدير الإدارة، اللواء حسن الكردي، ومرافقه العقيد محسن بعيتي.
من جهة أخرى، أعلن "جيش الإسلام" أنه صد هجوماً لقوات النظام والمليشيات الأجنبية الموالية له، على جبهة الزريقية بالغوطة الشرقية، مشيراً إلى تمكّن مقاتليه من عطب دبابة من طراز "T72" ، كما نشر فيديو لـ"عملية إنزال عسكري نفَّذتها قوات النخبة خلف خطوط العدو على جبهات شرق الغوطة".
وفي الغوطة الغربية، تمركزت قوات النظام والمليشيات المساندة لها في منطقة التلول الحمر على الحدود مع الجولان المحتل بريف القنيطرة، للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية.
واعتبرت وسائل إعلامية تابعة للنظام وشخصيات مقربة من الأخير، أنها أفشلت خطة الاحتلال الإسرائيلي، وأنهت أحلامه في إنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري، حسب وصفها. وتربط منطقة التلول الحمر بين قرى جبل الشيخ ومنطقتي جباتا الخشب ومشاتي حضر بريف القنيطرة، فيما بثّت الوسائل صوراً قالت إنها لانتشار قوات النظام في المنطقة.
يأتي هذا بعد الاتفاق الذي أدى، قبل أيام، إلى ترحيل مقاتلي المعارضة إلى محافظتي إدلب ودرعا، عقب معارك دامت نحو أربعة أشهر في المنطقة، وانتهت بسيطرة قوات النظام على كامل الغوطة الغربية.
النظام يغلق المعبر الوحيد جنوب العاصمة
في غضون ذلك، يسود التوتر والقلق منطقة جنوب العاصمة بعد قيام قوات النظام، أمس الثلاثاء، بإغلاق المعبر الوحيد لدخول البضائع إلى المنطقة التي عقدت مصالحة مع النظام، على خلفية تضييق الفصائل ووجهاء بلدة ببيلا على أنصار مسؤولي ملف المصالحة مع النظام.
وقد استهدفت قوات النظام ومليشيا "شارع نسرين" الموالية لها بصواريخ شديدة الانفجار، الأبنية السكنية في حي التضامن قبل منتصف ليل أمس، كما قصفت بقذيفة هاون حي ببيلا صباح اليوم، إضافة إلى استهداف خطوط التماس بين فصائل المعارضة وتنظيم "داعش" في حي التضامن.
وأغلقت قوات النظام معبر ببيلا ـ سيدي مقداد أمام حركة دخول البضائع ومرور المدنيين، ما أدى إلى خلو أسواق ببيلا من المواد الغذائية وانقطاع الخبز والخضروات، حيث يعتمد التجار على إدخال كميات محدودة من البضائع بشكل يومي من خلال المعبر.
وجاء إغلاق المعبر على خلفية اعتقال أنصار الشيخ المقرب من النظام أنس الطويل، والذين تسببوا بمقتل وجرح مدنيين ومقاتلين قبل يوم في البلدة، بينما تمكن الطويل من مغادرة المنطقة مساء الأحد الماضي.
وكان أنصار الطويل أطلقوا الرصاص بشكل عشوائي، يوم الاثنين الماضي، ما أدى لمقتل شخصين وجرح ثلاثة آخرين، ما دفع فصائل المعارضة للقيام بحملة ملاحقة واعتقالات ضدهم، كما أصدرت قراراً بمنع الطويل من دخول المنطقة بشكل نهائي.
وقال بيان للفصائل في المنطقة إنها ما زالت ملتزمة باتفاق وقف اطلاق النار واتفاق "خفض التصعيد" الذي أقر في استانة نهاية العام الماضي.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن المشكلة بدأت منذ أيام على خلفية اجتماع نظمه الطويل، بهدف إقناع الشبان في منقطة ببيلا بتسليم أنفسهم لقوات النظام والانخراط في صفوفه.
وخلال اجتماع عقده الطويل يوم الجمعة الماضي، مع مئات الشباب في أحد مساجد المنطقة، حثهم فيه على "المصالحة" مع النظام، و"تسوية أوضاع" المنشقين والمتخلفين عن الخدمة، فيما وزع أنصاره استبياناً لمعرفة رأي شباب البلدات الثلاث بـ"المصالحة" و"التسوية".
ويدعو الاستبيان إلى تحديد مصير المنشقين ورافضي الخدمة في صفوف قوات النظام، وحدد لهم موعداً لتسليم أنفسهم هو يوم أمس الثلاثاء.
وقالت المصادر أن الطويل الذي خرج الأحد للاجتماع مع العميد طلال العلي رئيس "فرع الدوريات" التابع للأمن العسكري في دمشق، لم يعد إلى المنطقة، حيث كان يعلم بما ستؤول إليه الأمور بعد الاحتقان المتصاعد لدى الفصائل من تصرفاته التي استهدفت تسليم المنطقة للنظام من دون أي عملية تفاوضية.
ومع إغلاق معبر ببيلا ـ سيدي مقداد، فإن بلدات جنوب دمشق ستخضع مجدداً للحصار الذي عادة ما يستخدمه النظام كوسيلة ضغط من أجل مزيد من التسويات في محيط دمشق.
وتسيطر بعض فصائل المعارضة وهي: جيش الأبابيل، جيش الإسلام، فرقة دمشق، الاتحاد الاسلامي لأجناد الشام، ألوية الفرقان، ألوية سيف الحق، على بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم والقدم التي تعيش في ظل هدنة مع النظام منذ سنوات، وكانت انضمت إلى اتفاق "تخفيف التصعيد"، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد دخول الجانب المصري كطرف راع.
كما يسيطر تنظيم "داعش" على مناطق مجاورة لهذه المناطق وخاصة مدينة الحجر الأسود ومعظم مخيم اليرموك، إضافة إلى أجزاء من حيي القدم والتضامن، وهي مناطق تخضع لحصار محكم من جانب قوات النظام منذ سنوات، وكانت تعتمد بدورها على ما يصلها من مواد غذائية شحيحة من المناطق المجاورة التي عقدت مصالحة مع النظام.
... و"داعش" يضيق على الأهالي
من جهة أخرى، قام عناصر تنظيم "داعش" بمنع خروج اللاجئين الفلسطينيين من أماكن سيطرته إلى مناطق سيطرة مجموعات "هيئة تحرير الشام"، وذلك بعد أيام قليلة من سماحه بتحرك الأهالي بين المنطقتين.
ويأتي ذلك في ظل استمرار عناصر "داعش" بالتضييق على الأهالي ومنع حركتهم، بالإضافة إلى التدخل بجميع تفاصيل حياتهم بحجج متعددة. وكان التنظيم سيطر على المخيم بدعم ومساندة عناصر "جبهة النصرة" مطلع إبريل/نيسان 2015، قبل أن ينشب خلاف بين الجانبين.
أما في شمال البلاد، فتتعرض قرى وبلدات ريف إدلب لحملة قصف مكثف من قبل الطيران الحربي الروسي، شملت خاصة الأطراف الشمالية الغربية لمدينة معرة النعمان والأطراف الغربية لمدينة سراقب وأطراف النيرب وجرجناز وحرش بينين وتل مرديخ ومعرشورين. وكان الطيران الحربي استهدف، مساء أمس، أطراف مدينة سراقب، وبلدة أبو الظهور بريف إدلب الشرقي.
كما طاول القصف الجوي والمدفعي مناطق في مدينة أريحا وبلدة اورم الجوز في القطاع الجنوبي من ريف إدلب، في حين قصفت قوات النظام قرية الزكاة وبلدة اللطامنة الواقعتين في الريف الحموي الشمالي المحاذي لريف إدلب الجنوبي.
قوات النظام تتوغّل بريف إدلب
وتأتي حملة القصف بالتزامن مع استمرار الاشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة، في محيط قريتي الزرزور وشم الهوى، في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، في محاولة من الفصائل استعادة السيطرة على المنطقة، فيما تسعى قوات النظام إلى تحقيق مزيد من التقدم، وسط أنباء عن تمكن الفصائل من معاودة الدخول إلى قرية أم الخلاخيل التي سيطرت عليها قوات النظام قبل ساعات.
وتحاول قوات النظام والمليشيات المساندة لها، بقيادة العميد في قوات النظام سهيل الحسن، التوغل في ريف إدلب الجنوبي، وتمكنت، في الأيام الأخيرة، من السيطرة على المزيد من القرى، ليبلغ مجموع ما سيطرت عليه، منذ انطلاق هجومها في 22 من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، 65 بلدة وقرية ومنطقة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتقول مصادر النظام إن قوات الأخير باتت على بعد 5 كيلومترات فقط عن بلدة التمانعة، و8 عن خان شيخون، و13 عن جرجناز في ريف إدلب الجنوبي.