حذرت أوساط أمنية وإعلامية في تل أبيب من تداعيات توجه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى إلغاء الاتفاق النووي أو تعديله، تحت تأثير الضغط الذي يمارسه عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
واعتبرت هذه الأوساط أن التوجه الأميركي- الإسرائيلي "غير واقعي، وسيخدم في النهاية التطلعات النووية" لطهران.
وقال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، عاموس يادلين، إن المؤسسات الأمنية في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل لا تفضلان إلغاء أو تعديل الاتفاق النووي، خشية أن يفضي هذا التطور إلى إعفاء إيران من الالتزامات التي تعهدت بها في الاتفاق، والتي أفضت إلى الإضرار بشكل كبير بالمشروع النووي الإيراني.
وفي سلسلة تغريدات نشرها على حسابه على تويتر أول أمس، وصف يادلين، الذي يرأس حاليا "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، الحديث عن لإلغاء أو تعديل الاتفاق النووي بـ"الفانتازيا" غير الواقعية، على اعتبار أن هذا الاتفاق لم يوقع بين إيران والولايات المتحدة فقط، بل مع خمس من القوى العظمى في العالم.
وشدد على أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق لا يلزم القوى العظمى الأخرى التي ستواصل الالتزام بالاتفاق، وستمضي قدما في توسيع تعاونها مع طهران.
واستدرك يادلين مشيرا إلى أن خروج واشنطن من الاتفاق النووي يمكن أن يكون مفيدا فقط في حال كان ضمن إستراتيجية واضحة تهدف إلى قطع الطريق على طهران ومنعها من تطوير برنامجها النووي مستقبلا، بعد انقضاء مدة العمل بالاتفاق، وطالب القيادة الإسرائيلية بأن تعكف على إجراء حوار شامل مع الإدارة الأميركية لدراسة سبل محاصرة التطلعات النووية الإيرانية مستقبلا، محذرا من أن استغراق نتنياهو في إلقاء الخطب حول خطورة البرنامج النووي الإيراني لن تجدي نفعا.
من ناحيته، يرى معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، ألون بن دافيد، أن إقرار المؤسسات الدولية والقوى العظمى المشاركة في الاتفاق، بوفاء إيران بالتزاماتها، يجعل من المستحيل أن تنجح الولايات المتحدة في تجنيد دعم دولي لإلغائه أو تعديله.
وفي تحليل نشرته صحيفة "معاريف" أول أمس، أشار بن دافيد إلى أن الإيرانيين حريصون على عدم تخصيب اليورانيوم بالكميات والتركيز الذي يتجاوز ما هو مسموح لهم في الاتفاق، محذرا من أنه في حال قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على إيران فإن هذا يمكن أن يدفع طهران لاستئناف تطوير برنامجها النووي.
وأضاف بن دافيد: "في حال اكتشف الإيرانيون أن التزامهم بالاتفاق لن يضمن تحسين ظروفهم الاقتصادية فسينطلقون نحو تطوير القنبلة النووية"، محذرا من أن إسرائيل ستكتشف حينها أنها وحيدة في مواجهة إيران النووية.
وجزم بأن نتنياهو لن يكون بوسعه الشروع في مواجهة عسكرية ضد إيران في حال تمكنت بالفعل من التحول إلى قوة نووية. ولفت الأنظار إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يمكنه أن "يبيد المنشآت النووية الإيرانية، لكن ليس بوسعه حرمان الإيرانيين من التقنيات والقدرات العلمية التي طوروها في المجال النووي، والتي ستمكنهم من إعادة بناء ما تم تدميره في غضون عامين، والانطلاق نحو تطوير القنبلة النووية".
وحذر من أن أي هجوم إسرائيلي يستهدف المنشآت النووية الإيرانية سيمنح طهران فقط المسوغات لتطوير برنامجها النووي وإنتاج القنابل النووية، مشددا على أن الخيار الوحيد المتاح أمام إسرائيل هو العمل على إقناع الولايات المتحدة والقوى العظمى المشاركة في التوقيع على الاتفاق بتشديد الرقابة على المنشآت النووية الإيرانية، وتجنيد واشنطن للعمل على إبعاد الإيرانيين عن الحدود الشمالية لإسرائيل.
ويتفق معلق الشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان مع يادلين وبن دافيد، ويحذر من أن حدوث انقسام بين القوى الدولية في حال انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يمكن أن يفضي إلى شلل المؤسسات الأممية التي تتدخل في حل النزاعات.
وفي تعليق نشرته صحيفة "معاريف" أول أمس، أشار الخبير الأمني الإسرائيلي، يوسي ميلمان، إلى أن بقاء اتفاقية المناخ في أعقاب قرار ترامب بالانسحاب منها يدلل على أن التحرك الأميركي ضد الاتفاق النووي لن يفضي إلى نتائج عملية.
ولفت ميلمان الأنظار إلى حقيقة أن القيادة الإسرائيلية لا تأخذ بعين الاعتبار وجود "متطرفين" في القيادة الإيرانية سيستغلون أي عقوبات تفرض على طهران من أجل تبرير الانسحاب منه، والاتجاه بسرعة نحو إنتاج السلاح النووي.