أعرب مجلس النواب المصري، الموالي لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن أسفه لقرار مجلس النواب الإيطالي بتعليق كافة العلاقات الدبلوماسية معه، حتى إكمال التحقيقات النهائية في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة، ومعاقبة المذنبين، معتبراً أن الإجراءات الأحادية "لا تحقق مصلحة البلدين، أو تخدم جهود كشف الحقيقة والوصول للعدالة".
واختفى ريجيني، الذي كان يجمع معلومات تفيد دراسته العلمية بجامعة كامبردج البريطانية، على خلفية لقائه عدداً من الناشطين في مصر، يوم 25 يناير/ كانون الثاني عام 2016 (الذكرى الخامسة للثورة المصرية)، ليتم العثور لاحقاً على جثته، وعليها آثار تعذيب شديد، وهو ما تسبب في أزمة دبلوماسية بين مصر وإيطاليا، بسبب اتهامات روما للقاهرة بالتلكؤ في التحقيقات المتعلقة بمقتله.
وامتنعت النيابة العامة المصرية عن إصدار تعليق على الحديث الذي نشرته وكالة "أنسا" الإيطالية، وعدد من الصحف الصادرة في روما، أمس الخميس، نقلاً عن مصادر قضائية بمكتب المدعي العام الإيطالي، بشأن استعدادها لإعلان قائمة بـ"المشتبه فيهم" بالتورط في قتل ريجيني، وقولها إن "قائمة المشتبه فيهم تضم عناصر شرطية واستخباراتية مصرية"، دون تحديد موعد لإعلان قائمة الاتهام الأحادية الجانب.
وشدد البرلمان المصري على "تمسكه بسيادة القانون، وعدم التأثير أو التدخل في عمل سلطات التحقيق في قضية مقتل ريجيني، ولا سيما في ضوء العلاقات التاريخية والقوية بين مصر وإيطاليا على المستويات كافة"، معرباً عن "أسفه الشديد لهذا الموقف غير المبرر من جانب مجلس النواب الإيطالي، وخاصة أنه يأتي عقب اجتماع مشترك بين النيابة العامة المصرية ونظيرتها الإيطالية لاستكمال التعاون المشترك في التحقيقات".
وأفاد مجلس النواب، في بيان رسمي صادر عنه، اليوم الجمعة، أن اجتماع الجهات القضائية بين البلدين "شهد تبادل الطرفين وجهات النظر في جوّ من الإيجابية، بدعوى أن التحقيقات تسير في إطار بنّاء، كما أكدا عزمهما على الاستمرار في التعاون المتبادل حتى الوصول إلى نتيجة نهائية، وقرار مناسب في شأن القضية، وفقاً لما تسفر عنه الجهود القضائية في المستقبل القريب".
وأعرب مجلس النواب المصري عن تمسكه بمبدأ سيادة القانون، وضرورة الحرص على سير التحقيقات بنزاهة وحيادية، وعدم تسييس المسائل القانونية، معتبراً أن ما صدر عن مجلس النواب الإيطالي يمثل تصرفاً أحادياً واستباقاً للتحقيقات الجارية، ولا يخدم مصالح البلدين، أو يسهم في الوصول إلى الحقيقة، وتحقيق العدالة، وخاصة مع وجود تعاون تام ومتميز وغير مسبوق بين النيابتين المصرية والإيطالية.
ودعا برلمان السيسي إلى "عدم القفز على الأحداث، واستباق نتائج التحقيقات، على نحو ما هو مستقر عليه في العالم، ووفقاً لما تنص عليه كافة الشرائع والقوانين"، منوهاً بأن الدولة المصرية "هي صاحبة مصلحة أكيدة في الكشف عن ملابسات واقعة ريجيني، على اعتبار أن الواقعة حدثت على أراضيها، وهو الأمر الذي أكده رئيس مجلس النواب علي عبد العال، لنظيره الإيطالي أثناء لقائهما في روما والقاهرة".
وختم مجلس النواب بيانه، بالقول إنه "يتمسك باحترام سلطات التحقيق، وترك التحقيقات تتخذ مسارها طبقاً لمبدأ سيادة القانون، من دون تأثير أو تدخل في عمل سلطات التحقيق"، مشدداً على أن عمق العلاقات المصرية الإيطالية "كان يقتضي من مجلس النواب الإيطالي عدم التسرع، واتخاذ قرارات من جانب واحد في قضية جنائية لا تزال في طور التحقيق أمام السلطات القضائية، في ظل التعاون الكامل بشأنها بين السلطات المعنية في البلدين".
ويمثل التصعيد الإيطالي خطوة عن التوتر الذي أصاب العلاقات بين الجهتين القضائيتين بالبلدين، بسبب الجمود الذي أصاب مسار التحقيقات المشتركة، تأكيداً لما نشرته "العربي الجديد" في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن تلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي من رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي "أسئلة حاسمة" عن مصير التحقيقات، وضرورة أن تقدم مصر معلومات محددة عن هوية القتلة، وعدم إهدار وقت المحققين الإيطاليين أكثر مما حصل على مدى عامين ونصف من التعاون القضائي المزعوم.
وسبق أن قالت مصادر دبلوماسية وقضائية لـ"العربي الجديد"، إن المدعي العام الإيطالي أرسل الأسبوع الماضي خطاباً للنائب العام المصري، طلب فيه تقريراً أصلياً وافياً بما أجرته النيابة المصرية في واقعة مقتل أفراد عصابة سرقة على يد الشرطة وادعاء أنهم وراء قتل ريجيني، وهو السيناريو الذي اضطر النائب العام المصري لنفيه العام الماضي، إذ أشار مدعي عام روما إلى أن هناك "أدلة دامغة على تورط قتلة أفراد العصابة في قتل ريجيني، أو التستر عليه قبل ذلك".