في خطوة نادرة، ظهر القائد الفعلي لقوات "الحزام الأمني"، المدربة والممولة إماراتيا، الشيخ السلفي عبد الرحمن شيخ، يوم الأربعاء، على الأرض في عدن جنوب اليمن بالتزامن مع حملة التمرد التي يقودها حلفاء الإمارات والتي تركزت على استهداف قصر المعاشيق (مقر الرئاسة والحكومة)، بعد سنوات قضاها الرجل بعيداً عن الأضواء.
أهمية ظهور شيخ بالتزامن مع حملة التمرد المستمرة الخميس لليوم الثاني على التوالي، لا تنطلق فقط من كونه عضواً في هيئة رئاسة "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يعد من مؤسسيه، أو لكونه فقط من يدير أكثر التشكيلات الأمنية التابعة للإمارات بطشاً وإثارة للجدل، أو لكونه من المؤسسين لمقاومة الحوثيين في عدن ومحافظات عدة.
فالعارفون بشيخ، الذي يوصف بأنه رجل الظل الإماراتي في عدن، يدركون خطورة الأدوار التي يؤديها للأخيرة منذ سنوات، ولذلك يبدو صعباً عدم ربط وجوده على الأرض بالتزامن مع حملة التمرد الجديدة بوجود غطاء من أبوظبي للتصعيد ليس فقط ضد الشرعية، بل أيضاً ضد الرياض، وهو الأمر الذي ردت عليه الأخيرة بطرق عدة بما في ذلك فتح الهواء في وسائل الإعلام المحسوبة عليها لمهاجمة تمرد عدن وغض الطرف عن الانتقادات التي كانت توجه على الهواء للإمارات مع تجنب تسميتها.
وظهر شيخ الأربعاء على الأرض، وهو يتنقل ليشرف على انتشار قواته، فيما بدا واضحا حرص وسائل الإعلام المدعومة من الإمارات على إبراز صورته، إلى جانب نائب رئيس المجلس الانتقالي الانفصالي الشيخ السلفي الآخر هاني بن بريك.
وظهر الاثنان في البيان المختصر والمتلفز الذي تولى فيه بن بريك إلقاء بيان النفير العام ضد الحكومة الشرعية والدعوة إلى إسقاطها، فيما كان لافتاً غياب قيادات بارزة مثل رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي (ألوية الصاعقة وجبل حديد) ومدير أمن عدن واللواء شلال علي شائع.
وبدا لكثيرين أن ظهور شيخ إلى جانب بن بريك هو دفع للجناح الديني المتشدد والمتطرف، ورجال الإمارات الأبرز والذين تعتمد عليهم الأخيرة في مناطق جنوب اليمن، وهو ما قد يشير إلى أن الإمارات قد تذهب بعيدا لإسقاط الحكومة الشرعية وتمكين حلفائها من الحكم في الجنوب.
وكان عبد الرحمن شيخ ابتعد عن الأضواء طوال السنوات الأربع الماضية، لكنه كان المحرك والمؤسس لقوات الحزام الأمني، ويشرف عليها ويؤثر في كل ما يجري على الأرض، وغالبا ما يتنقل بين عدن وأبوظبي ويمضي أغلب وقته في مقر قيادة القوات الإماراتية، وإذا أراد اي شخص أو طرف أن يقابل الإماراتيين يجب أن يمر على شيخ للتوسط.
وتقول مصادر عدة تواصل معها "العربي الجديد" إن محاولات الرجل البقاء بعيداً عن الأضواء تعود إلى رغبته في أن "يكون قادراً على تنفيذ ما يتم التخطيط له"، مع العلم أن الاتهامات تلاحقه في ما يتعلق بالاستهدافات التي طاولت رجال دين ومعارضين للإمارات. ومن بين الاتهامات الموجهة إليه كذلك الوقوف، إلى جانب ضباط إماراتيين، خلف المداهمات التي نفذت في مناطق جنوبية، عدة بما في ذلك عدن على مراحل متفاوتة.
كما تشير المصادر إلى أنه وراء انسحاب تنظيم "القاعدة" من عدن ومدن جنوبية أخرى، إذ تربطه علاقات مع بعض قيادات الجماعات المتطرفة. ولم تستبعد المصادر نفسها أن يكون من يقف خلف إشراك بعض شباب "أنصار الشريعة" في شبوة ومحافظات أخرى، ضمن قوات "الحزام الأمني" و"النخبة الشبوانية"، والتي تحدثت عنها وسائل إعلام غربية في فترات سابقة.
مصادر أخرى كشفت لـ"العربي الجديد" أن شيخ سافر إلى عدة دول عربية وإسلامية في محاولة للتقرب من قيادات ميدانية هربت من عدن خوفاً من التصفية الجسدية التي طاولت قيادات ورجال دين معارضين للإمارات وموالين للشرعية.