أثار مجدداً التقرير الثاني، الذي قدمته مجموعة التحقيق الدولية، الأربعاء الماضي، حول أسباب تحطم طائرة "بوينغ" الماليزية شرق أوكرانيا عام 2014، تساؤلات حول الجهة المسؤولة عن هذه الحادثة التي راح ضحيتها 298 شخصاً، وكان أغلب الركاب من رعايا هولندا.
وفي الوقت الذي خرجت فيه المجموعة بنتيجة مفادها أن منظومة "بوك" التي استخدمت لإسقاط الطائرة، جاءت من روسيا ثم عادت إليها، نفت وزارة الدفاع الروسية عبور أي نظم صواريخ روسية الحدود الروسية الأوكرانية.
وسارع كونسورتيوم "ألماز-أنتيه" الذي يضم الشركات الروسية المصممة والمنتجة لوسائل الدفاع الجوي والدفاع المضاد للصواريخ، إلى تكذيب التقرير، مؤكداً أنّ ثلاثة اختبارات أثبتت أن الصاروخ أطلق من بلدة زاروشينسكويه، الخاضعة لسيطرة الجيش الأوكراني، وقت وقوع الحادثة.
بدوره، رفض وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الاعتذار عن الحادثة، وقال في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "نعتذر عن ماذا؟".
في المقابل، استدعت وزارة الخارجية الهولندية السفير الروسي في هولندا، بسبب الانتقادات الروسية للتحقيق، في حين ردت الخارجية الروسية باستدعاء السفير الهولندي في موسكو للتعبير عن رفضها لـ"تجاهل المعلومات الهامة والموضوعية التي يقدمها الجانب الروسي".
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الأوكرانية عن رضاها عن نتائج التحقيق، معتبرةً أنه "يشكل خطوة هامة على الطريق إلى الهدف النهائي المشترك، وهو مساءلة الجناة".
ووقعت كارثة الطائرة المتجهة من أمستردام إلى كوالالمبور في ظروف عسكرية صعبة، إذ كانت المنطقة تشهد في ذلك الوقت مواجهات عنيفة بين الجيش الأوكراني والمسلحين الموالين لروسيا جنوب شرق البلاد، والمطالبين بالانفصال عن أوكرانيا.
وفي هذا السياق، يشير فلاديمير كورنيلوف، وهو محلل سياسي من دونيتسك يقيم في هولندا حالياً، إلى أن نتائج التقرير الجديد كانت متوقعة، بينما سيستمر كل طرف في الإصرار على موقفه.
ويقول لـ"العربي الجديد" "لم أكن أتوقع نتائج أخرى، لأن التقرير يستند إلى أقوال من شبكات التواصل الاجتماعي وبيانات موقع "بيلينغكات"، الذي عرف بنشره معلومات غير دقيقة".
ومع ذلك، يرى كورنيلوف أن التسجيلات الجديدة التي قدمتها المجموعة، تؤكد مسؤولية السلطات الأوكرانية عما جرى بصرف النظر عمن أطلق الصاروخ، ويقول "تؤكد هذه التسجيلات أن الأجهزة الخاصة الأوكرانية كانت على علم بتوفر "بوك" لدى متمردي دونيتسك، ومع ذلك، لم تغلق الأجواء فوق هذه المنطقة أمام حركة الطائرات المدنية".
وبشأن مدى واقعية الرواية الروسية، يقول "أعلن "ألماز-أنتيه" عن روايته أكثر من مرة، ولكن مع ذكر أسماء بلدات مختلفة، وسيصر كل طرف على روايته، والحقيقة أن كلا طرفي النزاع كانت لهما منظومات صواريخ في منطقة الحادثة، ما يعني أن أيا منهما كان بإمكانه إسقاط الطائرة".
وبعد وقوع الحادثة في 17 يوليو/تموز 2014، نفى المسلحون امتلاكهم منظومات قادرة على إصابة أهداف على ارتفاع تحليق الطائرات المدنية (10 آلاف متر)، بينما وجّهت كييف والغرب اتهامات إلى موسكو بتزويدهم بمنظومة "بوك".
لكن روسيا نفت مرارا تدخلها في النزاع شرق أوكرانيا، مرجّحة أن الطائرة الماليزية أسقطت بواسطة صاروخ "جو - جو" أطلقته مقاتلة أوكرانية.
وبالتزامن مع تقديم التقرير الجديد، أكد السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، أنّ بيانات الرادارات الروسية تستبعد احتمال إطلاق الصاروخ من أراضي "جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من جانب واحد.
وكان تقرير لمجلس الأمن الهولندي صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2015 قد رجّح أن الطائرة أسقطت بواسطة صاروخ أطلق من منظومة "بوك"، بينما أشارت مجموعة التحقيق الدولية إلى أن مثل هذه الصواريخ كانت تُصدّر إلى دول كثيرة في حقبة "الحرب الباردة"، مما يزيد من صعوبة الحصول على معلومات عن الصاروخ، وتحديد الجهة التي أطلقته.