سليمان سويلو... وزير داخلية تركي ينتمي لجيل محاربة الانقلابات

01 سبتمبر 2016
سويلو أيّد استفتاء 12 سبتمبر 2010 حول الإصلاحات(مرات كايناك/الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن خطر المحاولة الانقلابية بات بعيداً، بعدما تجاوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تصريحاته التي تلت محاولة الانقلاب في منتصف يوليو/ تموز الماضي، وأكد خلالها على أنه لن يجري أي تعديلات في المناصب الحكومية. وفي خطوة تطرح أكثر من علامة استفهام لجهة توقيتها وظروفها، أقدم أردوغان، أمس، على أول تعديل حكومي، بتعيينه وزير العمل والتأمين الاجتماعي السابق، سليمان سويلو، وزيراً للداخلية، بعد الاستقالة المفاجئة للوزير إفكان آلا، الذي وصل إلى منصبه بعد التدرج في السلم البيروقراطي للدولة التركية.

كان سويلو، الذي ولد في مدينة إسطنبول عام 1969، آخر قيادات اليمين القومي التركي التي انضمت إلى حزب العدالة والتنمية، وذلك بدعوة من أردوغان، رئيس وزراء تركيا حينها، عام 2012. وبدأ سويلو حياته السياسية في عام 1987، في صفوف حزب الطريق القويم الذي أسسه رئيس الوزراء التركي السابق، سليمان دميريل. واستمر في صفوف اليمين القومي، على الرغم من الهزائم المتلاحقة التي تعرض لها، بعد تأسيس "العدالة والتنمية" عام 2002، وانضمام قطاعات شعبية واسعة إلى الحزب الأخير. ومن ثم لعب سويلو دوراً هاماً في توحيد كل من حزب الطريق القويم وحزب الوطن الأم (الذي أسسه رئيس الجمهورية السابق تورغوت أوزال)، تحت اسم الحزب الديمقراطي، عام 2007، وبات عضواً في رئاسة الحزب الجديد.

وعلى الرغم من اعتراض هذا الحزب على الاستفتاء الذي تم في 12 سبتمبر/ أيلول عام 2010، والذي تمحور حول إصلاحات دستورية وفتح الباب أمام تغييرات واسعة في عمل النظام السياسي والمؤسسات في تركيا، إلا أن سويلو اتخذ موقفاً داعماً وبشدة للاستفتاء، بل ونظّم سلسلة من الندوات في عموم البلاد تحت اسم "لقاءات ديمقراطية"، لحث المواطنين على التصويت لخيار الإصلاحات الدستورية، ما أدى إلى فصله من الحزب الديمقراطي.


ويأتي سويلو، والذي يتحدر من مدينة ترابزون على البحر الأسود المعروفة بعدائها الشديد لحزب العمال الكردستاني والتي توصف بأنها عقر دار الحركة القومية اليمينية المتطرفة، من التراث الفكري ليمين الوسط القومي المحافظ، أي من الحزب الديمقراطي التركي الذي خسر رئيسه عدنان مندريس، بعد إعدامه إثر الانقلاب العسكري عام 1960. ومن ثم تعرضت الحكومات التي شكلها اليمين التركي لعدد من الانقلابات العسكرية المتوالية، كان آخرها انقلاب 1997 ضد الحكومة الائتلافية بين حزب الطريق القويم بزعامة تانسو جيللر، وحزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان.


يمتلك أبناء هذا التيار عداءً كبيراً للانقلابات العسكرية، التي يرون فيها مؤامرات من قبل حلف شمال الأطلسي الذي يود إخضاع تركيا. من هذا المنطلق، يمكن فهم أن سويلو كان أول من أكد بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في منتصف يولو/تموز الماضي، أن"العلاقات التركية الأميركية ستتأثر"، وهو الذي بدأ، فور فشل الانقلاب، باتهام الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف وراء المحاولة، قائلاً: "تقف الولايات المتحدة وراء الانقلاب، وتم التمهيد للانقلاب من قبل بعض المجلات الأميركية منذ أشهر".
وكان سويلو، مع جموع الشعب التي توجهت إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون التركي الحكومي بعد سيطرة الانقلابيين عليها، في ليلة 15تموز/يوليو الماضي، استطاع دخول الاستوديو الذي قرئ فيه البيان الانقلابي بعد انسحاب الانقلابيين منه.

صاحب مقولة "يودون تمزيق حزب العدالة والتنمية في تركيا، يودّون إبعاد تركيا عن الشرق الاوسط"، في إشارة إلى الغرب، بدأ حياته السياسية في حزب العدالة والتنمية، بانتخابه عضواً في اللجنة المركزية للحزب. وتسلم إدارة شبيبة الحزب حتى انتخابات يونيو/ حزيران 2015، إذ تم انتخابه نائباً عن الحزب عن ولاية ترابزون. وتولى في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، إدارة التشكيلات الحزبية، التي لعبت دوراً أساسياً في الحملة الانتخابية واستعادة العدالة والتنمية للغالبية البرلمانية في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي. وتولى على أثر ذلك حقيبة وزارة العمل والتأمين الاجتماعي في الحكومة.

تطرح خلفية رجل الأعمال سليمان سويلو، خريج قسم إدارة الأعمال من جامعة إسطنبول، والمناصب التي تولاها في الحزب والدولة، الكثير من الأسئلة حول قدرته على إدارة وزارة الداخلية التركية. وتبدو علامات الاستفهام مشروعة، لا سيما أن أنقرة تشن معركة واسعة ضد حزب العمال الكردستاني على المستوى الداخلي، ومعركة أخرى مع كل من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وحزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في سورية. ويتزامن كل ذلك مع عملية إعادة الهيكلة الواسعة لعموم القطاع الأمني في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، سواء في ما يخص ضم قوات الدرك للوزارة أو المشروع المطروح حول إعادة هيكلة جهاز الاستخبارات التركي وتقسيمه إلى قسمين؛ الأول داخلي، سيكون تابعاً للدرك والشرطة، والثاني جهاز خارجي، سيتم الإشراف عليه مباشرة من قبل رئاسة الجمهورية في تركيا.