وبحسب الاستطلاع، فإن 77 في المائة من الروس على علم بالحرب في أفغانستان (1979 - 1989) التي راح ضحيتها نحو 14 ألف جندي وضابط سوفييتي، فيما قرأ 25 في المائة عنها، واستمع 43 في المائة إلى شهود عيان.
ومع ذلك، أعرب 42 في المائة عن قناعتهم بأنه لم تكن هناك ضرورة لإرسال قوات سوفييتية إلى أفغانستان، مقابل 31 في المائة أيدوا التدخل، علماً أن نسبة المعارضين للتدخل تزيد عن 50 في المائة بين سكان شمال القوقاز والشرق الأقصى الروسي، بينما ترتفع نسبة المؤيدين إلى 48 في المائة بين الشباب بين الـ18 والـ24 من العمر.
إلى ذلك، رفعت وزارة الدفاع الروسية في ذكرى الانسحاب السرية عن بعض الوثائق المتعلقة بالحرب في أفغانستان، بما فيها تلك التي تتضمّن معلومات عن الكتائب المشاركة في أعمال القتال وتاريخها وتوغلها في العمق الأفغاني، وأسماء من نالوا أوسمة الاتحاد السوفييتي.
دروس راسخة
واتخذت القيادة السوفييتية قرار إرسال قوات إلى أفغانستان في ديسمبر/ كانون الأول 1979 لتقديم دعم عسكري للحكومة الأفغانية، بدافع عدم السماح بسقوط النظام الحاكم وانتقال الاضطرابات إلى جمهوريات آسيات الوسطى.
ورغم أن المهام المعلنة للقوات السوفييتية كانت تتلخص في حراسة أهم المواقع الصناعية وعناصر البنية التحتية ودعم الجيش الأفغاني، إلا أنها اضطرت لشن عمليات قتال حقيقية ومواجهة "المجاهدين"، وسط تورط موسكو في حرب متكاملة تسببت لها في أزمات دولية كبرى وعجلت انهيار الاتحاد السوفييتي.
وتجاوزت الحرب الأفغانية حين ذاك نطاق المواجهات السياسية والعسكرية في حقبة "الحرب الباردة"، بل وصلت حتى إلى مجال الرياضة، وسط مقاطعة دولية واسعة للألعاب الأولمبية في موسكو عام 1980.
وبعد تفكّك الاتحاد السوفييتي عام 1991، انشغلت روسيا بأزماتها الداخلية، وسط تراجع السياسة الخارجية على سلم أولويات الرئيس الراحل بوريس يلتسين، قبل أن تعود إلى الساحة الدولية مرة أخرى بتدخلاتها العسكرية في جورجيا (عام 2008) وأوكرانيا (2014) وسورية (2015).
إلا أن التجربة الأفغانية المريرة تبقى، على ما يبدو، راسخة في عقول الحكام الروس، في ظل تجنبهم أي تورط بري واسع النطاق لقوات الجيش في سورية، بل الاعتماد على القوات الجوية وعناصر الشركات العسكرية الخاصة على الأرض.