وبدأت تنتشر مفاعيل هذه الفوضى لتصل إلى وسائل الإعلام المنحازة برسالتها الإعلامية إلى الثورة السورية وثورات الربيع العربي بشكل عام، فبدأت بعض المجالس المحلية في بعض مناطق الشمال السوري تصدر البيانات التي تمنع بموجبها بعض وسائل الإعلام من التغطية من داخل مناطقها. وبدأت تلك البيانات ببيان أصدره المجلس المحلي في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، منذ نحو أسبوع، يمنع قناة "سورية" من التغطية ضمن منطقة إعزاز، ليتبعه بيان يوم أمس عن المجلس المحلي في مدينة الأتارب يمنع التعامل مع قناة "سورية" ومع قناة "حلب اليوم"، ولأسباب تبدو بعيدة كل البعد عن المنطق، وتعبّر عن وجهة نظر شخصية من مصدر البيان.
وقد تبيّن بعد البحث في الأسباب الحقيقية خلف تلك البيانات أن خلفها نشطاء إعلاميين لم يتم قبولهم في العمل لدى تلك الوسائل، فبدأوا بتحريض رؤساء المجالس المحلية في مناطق وجودهم على أخذ موقف عدائي من تلك الوسائل، التي وُجدت أساساً لأداء دور إيجابي في نقل واقع تلك المناطق وتثقيف جمهورها وتعريفه بكل ما يحصل في محيطه وفي تفنيد روايات النظام الكاذبة عن الثورة السورية.
قد يكون مفهوماً ومنطقياً عمليات منع الصحف التي تمت في فترات سابقة من قبل الفصائل الإسلامية المتشددة، التي كانت لديها حساسية من نشر أية معلومة تروج لفكر الثورة أو تطاولها بالنقد، إلا أن المؤسف وغير المنطقي في هذا الوقت أن تحارب بعض الجهات، المحسوبة على الثورة السورية، خصوصاً الجهات المدنية، وسائل الإعلام التي تقوم بدور مكمل وداعم لدورها المدني في شمال سورية، لأسباب منها ما يتعلق بمواقف شخصية تتعارض مع الهدف العام لعمل تلك الوسائل، ومنها ما يتعلق بتصفية حسابات كيدية لا تخدم مصلحة السوريين في شمال سورية، وإنما تساعد إعلام الطرف الآخر المعادي للثورة، على تسويق وجهة نظره وتسويقها.