قال المقاول والفنان المصري محمد علي، الذي كشف عن القصور التي بناها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه لن يتوقف عن نشر الفيديوهات حتى تتم إزالة "الديكتاتور".
وأكد علي، في مقابلة مع موقع "ميدل إيست آي": "هدفي هو إطاحته".
وتحدث علي، الذي كشف بلقطات فيديو عن قصور السيسي من مكان سري في إسبانيا حيث انتقل هو وعائلته، مؤكداً أنه "يعمل بشكل مستقل تمامًا، من دون وجود أي شخص أو منظمة وراءه".
وأكد الممثل ورجل الأعمال أنه لا ينتمي إلى أية جماعة معارضة أو فصيل منشق داخل الجيش المصري. ودلل علي على ذلك قائلا: "لو كان هناك شيء كهذا لكان بإمكاني إطاحة الرئيس المصري".
وتسببت فيديوهات علي، التي ينشرها بانتظام على حسابه الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي عن القصور الفخمة التي بناها السيسي باستخدام أموال عامة، في ظل الاقتصاد المتدهور وإجراءات التقشف التي تنفذها الحكومة، في غضب شعبي على نطاق واسع.
وتسبب علي، الذي تعاقدت معه الحكومة المصرية والجيش منذ سنوات، في فضيحة وغضب في مصر منذ أن بدأ إصدار مقاطع فيديو في أوائل سبتمبر/ أيلول يتهم السيسي وغيره من كبار المسؤولين بالفساد.
علي قال للموقع البريطاني: "لو كانت هناك مجموعة ورائي لكانت ساعدتني، بدلاً من أن أجلس في مكان مهين، بمفردي".
وخلال يومي جمعة متتاليين، في 20 و27 سبتمبر/ أيلول الماضي، اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء مصر، وهو أهم تحدٍّ لحكم السيسي منذ سنوات.
وقابلت السلطات المصرية تلك الاحتجاجات بحملة جديدة على المعارضة، واعتقلت ما لا يقل عن 3 آلاف شخص، بمن فيهم نشطاء معروفون وصحافيون ومحامون.
وفي أشرطة الفيديو الخاصة به، شجّع علي المصريين على التظاهر. لكنه قال في حديثه لـ"ميدل إيست آي" إنه لم تظهر أي جماعة سياسية لقيادة الاحتجاجات وتحدي حكومة السيسي حقاً. مضيفاً: "هذا على النقيض من الفترة المضطربة بين ثورة مصر عام 2011 والانقلاب العسكري 2013 الذي وضع السيسي في السلطة".
وأشار موقع "ميدل إيست آي" البريطاني إلى أنه سوف يذيع أول مقابلة يجريها محمد علي مع أي من وسائل الإعلام المحلية أو الأجنبية في الأيام المقبلة.
وقال علي إنه منذ اللحظة التي ظهر فيها شريط الفيديو الأول له، حاولت الحكومة المصرية استدراجه إلى سفارتها في مدريد، على حد قوله.
ويذكر علي: "قالوا لي: المسؤولون انزعجوا مما حدث لك، وأنت رجل محترم، وأنت ابننا. أنت عزيز علينا وكل ذلك، لذا تعال إلى السفارة ودعنا نجلس معا". مضيفاً: "رفضتُ ذلك".
وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد أنه كان يمكن أن يلقى مصير الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي اغتيل في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي، كان علي "متحفظا على الإجابة". وقال "لا أعتقد أنه كان من الممكن أن يتم ذلك لي (..)، الله أعلم، بالطبع، أنا فقط أعطي تحليلات".
وأشار إلى أنه غادر مصر وقرر أن يفضح المخالفات، بعد أن فشلت الحكومة المصرية مرارا في دفع رواتب شركته مقابل العمل الذي أنجزته. وقال إن "هذه الأموال استخدمت فجأة كإغراء لإعادته إلى مصر مرة أخرى".
وقال: "قالوا لي إنهم سوف يعطونني أموالي وأكثر، بشرط أن أهدأ ولا أصنع المزيد من مقاطع الفيديو ولا أتحدث".
وقال علي إن محاولات تكميمه لم تقتصر على الرشوة، موضحًا أنه عاش تحت تهديد دائم بالاغتيال. مضيفا: "لقد تلقيت عددًا لا يصدق من التهديدات... يقولون لي: نحن نعرف أين أنت. وسنجدك ذات يوم (..)، أنا لست سبايدرمان. يمكن لأي شخص استئجار عصابة لقتلي. كنت أعرف بالفعل أنني أعرّض حياتي للخطر مع أول فيديو قمت بنشره".
وأشار الموقع البريطاني إلى أنه على الرغم من أن علي ينفي حصوله على دعم كبير في أجهزة الأمن المصرية، إلا أنه أكد أن صغار الضباط في الجيش يتعاطفون معه.
وقال "إن الضباط الصغار الذين لا يتمتعون بسلطة اتخاذ القرار، والذين لا يستطيعون حل الوضع، يتضامنون معي".
وفي مواجهة الصعوبات المالية، حيث حجبت السلطات الأموال المستحقة له، ناقش علي قضاياه مع هؤلاء الضباط الذين، حسب قوله، أعربوا عن استيائهم من إدارة السيسي للبلاد. وقال: "لكن الضابط لا يستطيع التحدث لأنه ستتم محاكمته عسكريا. لكن هل تحدّث لي جنرالات الجيش المهمون؟ لا، هذا لم يحدث بالطبع"، مضيفاً: "في البداية، عندما كنت في مصر، اعتادوا أن يقولوا لي إننا نأمل أن يختفي السيسي، لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ وعندما أتيت إلى هنا، اعتاد الضباط الصغار أن يشتكوا ويسبوه".
وقال علي إن "المتعاطفين معه في الجيش راسلوه بعد نشر أول فيديو ينتقد السيسي، ولكن عندما بدأ القبض على الناس، اختفى جميعهم".
وقال علي: "من بين المشاريع العقارية التي عملت عليها، مبنى متعدد الطوابق تستخدمه المخابرات العامة المصرية لإيواء ما أطلق عليه المقاول "جيش السيسي الإلكتروني". وقال إن مهمة هذا الجيش هي مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي".
وأضاف: "جزء من وظيفته هو أن يعلق على أشرطة الفيديو التي أنشرها والخاصة بالسيسي (..)، أحيانًا أضحك لأنني بنيت هذا من أجلهم، والآن يستخدمونها ضدي. كلما قمت بنشر شيء ما، يعلقون عليه على الفور".
وقال علي إنه يعتقد أن مئات الموظفين يعملون في المبنى، بعضهم من الضباط، ولكن معظمهم من المدنيين.
لكن علي رفض الاعتذار عن تورطه في الماضي، وقال إنه لم يكن على علم بأن الفساد كان متفشياً في الجيش في السنوات الأولى من عمله.
وأشار الموقع البريطاني إلى أن الجميع لا يرون علي بطلا. وأن كثيرا من منتقدي السيسي يقولون إنه كان يعمل متعاقدًا مع الجيش والحكومة لمدة 15 عامًا.
وذكر علي أن الجيش يتمتع بسمعة ممتازة بين الجمهور المصري، وينظر إليه كنموذج للكرامة وحسن الخلق.
وقال: "عندما بدأت العمل اكتشفت الفساد تدريجياً. لم أكتشف ذلك عندما بدأت لأول مرة، استغرق الأمر سنوات. لكن التعامل تحت الطاولة في مصر هو القاعدة".
وأضاف: "لاحظت الأمور تدريجياً حتى وصلت إلى قمة هرم الفساد، عندما بدأت في بناء قصور السيسي. ومنذ ذلك الحين بدأت أفهم الصورة الكبيرة للفساد وكيف يتخذ رئيس الدولة القرارات".