تفجّرت العلاقات بين الكويت والسعودية على خلفية تصريحات رئيس هيئة الرياضة السعودية، تركي آل شيخ، العدائية تجاه وزير التجارة ووزير الشباب الكويتي خالد الروضان والوفد المرافق له بعد زيارته دولة قطر ولقائه أميرها الشيخ تميم بن حمد وتقديم الشكر الرسمي له على جهود قطر في رفع الإيقاف الرياضي عن دولة الكويت، وذلك في محاولة لابتزاز الموقف الكويتي الرسمي من أزمة حصار قطر. والكويت سبق أن أعلنت رفضها الاصطفافات، داعية الدول الخليجية إلى الحوار، ما أدى إلى طرح تساؤلات حول العلاقات الكويتية السعودية المسكونة بالتوتر والقلق من جهة والوئام والوفاق من جهة أخرى.
وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الكويتية احتوت الأزمة بنجاح، ومنعت تدهور العلاقات، إلا أن الهجوم الإعلامي السعودي تواصل، وهجوم تركي آل شيخ، المصنّف على أنه أحد رجال بن سلمان المقربين، لم يحمل في طياته الانتقام من الموقف الكويتي المحايد تجاه قطر، بل أعاد إلى الأذهان تاريخاً طويلاً من العلاقات الحذرة بين البلدين المتجاورين بسب اختلاف بعض الرؤى والسياسات الخارجية والداخلية.
وبدأت الخلافات الاقتصادية بين البلدين في الظهور بعد اتفاقية العقير، حين فرض الملك عبدالعزيز حصاراً اقتصادياً برياً خانقاً على الكويت انتهى عام 1940 بعد توقيع الكويت تنازلات اقتصادية عدة لمصلحة السعودية برعاية بريطانية. وهو ما خلّف حذراً كويتياً في التعامل مع السعودية بوصفها الجارة الأكبر والأقوى للكويت آنذاك، حين قامت الحكومة الكويتية بعد الاستقلال (1961) بتبني سياسة مفتوحة في الشرق الأوسط، تشكّلت من خلال الدعم غير المحدود للقوى القومية والعربية في فلسطين ومصر بقيادة جمال عبدالناصر. وهو ما أدى إلى فتور في العلاقات السياسية بين البلدين، وذلك في إطار سعي الكويت لخلق توازن في القوى بين الدول الثلاث المحيطة بها وهي إيران والعراق والسعودية.
وعادت العلاقات إلى التوتر في ثمانينيات القرن الماضي، عقب تورط عدد من الكويتيين في تفجيرات الحرم المكي (1979) وتدخل الحكومة الكويتية للإفراج عن بعض منهم. ووصل التوتر إلى ذروته عقب قيام الكويت بوضع فرس حرب لدولة آل رشيد كتعويذة لبطولة كأس الخليج لكرة القدم المقامة في الكويت عام 1990، ما أدى لانسحاب المنتخب السعودي من البطولة التي أقيمت قبل الغزو العراقي للبلاد بأشهر قليلة.
أدى قرار السعودية إلقاء ثقلها العسكري والدبلوماسي والسياسي ومن خلفها مجلس دول التعاون الخليجي إبان احتلال نظام الرئيس الراحل صدام حسين للكويت عام 1990 إلى تخفيف التوترات الحدودية والسياسية بين البلدين، وظلّت الكويت تشعر على الدوام بالامتنان للموقف السعودي والخليجي لنصرتها. ونأت الكويت بنفسها في الأزمات العربية التي أعقبت حرب تحريرها عام 1991، مكتفية بسياسة الانزواء، مبتعدة عن طموحاتها السياسية فترة ما قبل الغزو العراقي. كذلك نأت بنفسها أيضاً في الخلافات الخليجية ــ الخليجية، خصوصاً تلك التي انفجرت بين قطر والسعودية عام 1995 وبين الإمارات والسعودية عام 2009 وبين الإمارات وعُمان في العام نفسه، واكتفت القيادة السياسية بالكويت حينها بالوساطة بين البلدان ومحاولة الحفاظ على منظومة دول مجلس التعاون.
يسود اعتقاد كبير داخل دوائر صناعة القرار في الكويت بأن الكويت لا يمكن لها أن تجابه أزمة جديدة من السعودية على الصعيد الإعلامي أو الاقتصادي، نظراً لوجود العديد من المشاكل الداخلية العالقة في البلاد وموقع الكويت الحساس بين ثلاث دول كبرى في المنطقة والحاجة الكويتية الماسة للعلاقات مع السعودية تحقيقاً للتوازن السياسي، ما يعني أن العلاقات ستستمر على هذه الشاكلة من ناحية التوتر يوماً والوفاق يوماً آخر.
ويقول الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي عبدالرحمن المطيري، لـ"العربي الجديد"، إن "مسألة العلاقات السعودية الكويتية مسألة حساسة وشائكة، فالسعودية هي أقرب حليف للكويت من إيران والعراق، لكن في الوقت نفسه تحاول الكويت الابتعاد عنها قدر المستطاع إذا ما أحست بالقرب الشديد منها، وذلك محاولةً للاستقلال بالقرار ومنع أن تصبح الكويت نموذجاً للبحرين التي لم تفلح في التوازن الداخلي والخارجي واضطرت للاعتماد الكلي على السعودية بعد احتجاجات عام 2011".