وفي ما يتعلق باللقاء الأخير بين الرئيسين المصري والجيبوتي، أوضحت المصادر أن القاهرة تقدمت بطلب لمعرفة تفاصيل المباحثات بين السعودية وجيبوتي بشأن إقامة القاعدة العسكرية هناك، نظراً لانعكاس هذا الأمر بشكل مباشر على مصر وإمكانية تأثيره في حركة الملاحة والتسبب في توتر الأوضاع في المنطقة التي ترتبط حركة الملاحة فيها بقناة السويس. وأشارت المصادر إلى أن مصر طالبت جيبوتي بضرورة التمهل في أي خطوات بشأن إقامة قواعد عسكرية في المنطقة قبل دراسة الأمر بشكل جيد.
وكانت المصادر نفسها قد كشفت لـ"العربي الجديد"، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الحالي، عن تحركات بدأتها مصر لوقف الاتفاق بين السعودية وجيبوتي لإقامة قاعدة عسكرية للمملكة على مدخل خليج عدن. وأشارت المصادر إلى أن القاهرة "ترفض هذا الاتفاق بشكل كامل، على اعتبار أن تلك المناطق محسوبة على نفوذ دبلوماسي مصري، يقع في نطاق أمنها القومي، باعتباره عمقاً استراتيجياً مصرياً في أقصى الجنوب".
وكان وزير الخارجية الجيبوتي، محمود علي يوسف، قد أعلن عن ترحيب بلاده بوجود عسكري سعودي على أراضيها، قائلاً إنه "جرت زيارة استكشافية لقيادات عسكرية سعودية إلى بعض مناطق جيبوتي، التي ستستضيف الوجود العسكري السعودي"، مضيفاً "نحن طبعاً وافقنا على ذلك مبدئياً، ونتوقع أنه في القريب العاجل سيتم التوقيع على هذه الاتفاقية".
وتتزامن هذه التطورات مع توتر تشهده العلاقات المصرية السعودية بسبب خلافات عدة في المواقف ووجهات النظر بِشأن العديد من القضايا الإقليمية، إضافة إلى ملف جزيرتي تيران وصنافير وسط مطالبة الرياض بتسلمهما في أسرع وقت.
في غضون ذلك، أوضحت المصادر، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، أن القمة المصرية الجيبوتية جاءت بشكل مفاجئ، ولم تكن كرد مصري على الزيارة التي قام بها أحمد الخطيب، مستشار العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، إلى إثيوبيا وموقع سد النهضة أخيراً. على الرغم من ذلك، أكدت المصادر أن الرئيس المصري طلب من نظيره الجيبوتي أداء دور في تخفيض حجم التوتر بين مصر وأديس أبابا، إذ ترتبط جيبوتي بعلاقات قوية مع إثيوبيا. وكان التوتر بين القاهرة وأديس أبابا قد تصاعد أخيراً في ضوء اتهامات إثيوبيا لمصر بدعم مجموعات معارضة إثيوبية، والإضرار بالأمن الداخلي.
وشهد قصر الاتحادية المصري قمة ثنائية مصرية جيبوتية تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات على المستوى الاقتصادي، والصحي والتعليمي، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة قناة السويس وهيئة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي في إطار التعاون المشترك بين البلدين.
في غضون ذلك، قال خبير سياسي متخصص في الشأن العربي، تحدث لـ"العربي الجديد"، إن زيارة مستشار العاهل السعودي إلى إثيوبيا أو عقد قمة بين مصر وجيبوتي في القاهرة يأتيان في إطار المكايدة السياسية، وتبادل أوراق الضغط بين مصر والسعودية، في ظل العلاقات المتدهورة بين الطرفين. وتوقع أن الرفض المصري لإقامة القاعدة العسكرية السعودية في جيبوتي لن يستمر طويلاً وأنه يأتي فقط لمجرد وجود خلافات بين الطرفين، وبمجرد حلها لن تكون لدى القاهرة أي أزمة في هذه الجزئية.