انسحبت كتلتان برلمانيتان تونسيتان، اليوم الخميس، بسبب مواصلة هيئة "الحقيقة والكرامة" لأعمالها رغم قرار البرلمان إنهاء أعمالها في مايو/أيار الماضي، احتجاجا على عدم تحرك رئيس الحكومة يوسف الشاهد لتوقيف نشاطها، الأمر الذي عطل عمل مجلس الشعب.
وانسحبت كتلتا "نداء تونس" و"الحرة لمشروع تونس" من الجلسة العامة وأعلنتا عن عدم مشاركتهما في المصادقة على القوانين الصادرة من الحكومة بسبب عدم تنفيذ رئيس الحكومة لقرار مجلس الشعب الذي رفض التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة بسنة اضافية.
من جانبها، احتجت كتلتا "الائتلاف الوطني" و"الولاء للوطن" على مواصلة هيئة الحقيقة والكرامة لنشاطها "وتحويلها لمسار العدالة الانتقالية إلى عدالة انتقامية ومحاكمات سياسية وبثها الفتنة داخل المجتمع في وقت يحتاج فيه التونسيون إلى مصالحة وتحقيق وحدة وطنية".
وقال رئيس كتلة "الائتلاف الوطني"، مصطفى بن أحمد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "قرار المجلس واضح في رفض التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة، ولكن المنسحبين من الجلسة صوتوا لميزانية الهيئة".
وبين بن أحمد أن "الحكومة قامت بدورها في تطبيق القرار، ولكن رئيسة الهيئة سهام بن سدرين، تعتبر نفسها فوق القانون وفوق مؤسسات الدولة وفوق البرلمان والقرار"، مشيراً إلى أنها "سبب فشل العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة في البلاد"، بحسب قوله.
من جهته، قال القيادي بحزب "نداء تونس"، الفاضل بن عمران، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "كتلة نداء تونس قررت الانسحاب وتعليق نشاطها بسبب عدم التزام الحكومة بتنفيذ قرار مجلس نواب الشعب، بل وأبرمت محضر اتفاق وقع عليه وزير الهيئات الدستورية مع رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة مددت لها في أعمالها إلى نهاية السنة".
وحمّل بن عمران رئيس الحكومة يوسف الشاهد مسؤولية مواصلة الهيئة لأعماله، والتي سبق أن قامت بمحاكمة الوزير السابق أحمد فريعة، ثم يأتي الشاهد ويستقبله في مكتبه لمؤازرته.
في السياق، أعلن حسونة الناصفي، عن كتلة "الحرة لمشروع تونس"، أن كتلته قررت تعليق أعمالها إلى حين توقيف نشاط هيئة "الحقيقة والكرامة".
وتحولت أعمال الجلسة العامة المخصصة للإعلان عن الهياكل الجديدة للبرلمان إلى جلسة محاكمة، تبادل فيها النواب الاتهامات وإلقاء المسؤوليات، فمن جهة، حمّل عضو مكتب البرلمان المكلف بالهيئات الدستورية والنائب عن حركة "النهضة"، الحبيب خضر، رئيس البرلمان محمد الناصر، مسؤولية خرق النظام الداخلي لدى مناقشة قرار التمديد لهيئة "الحقيقة والكرامة"، معتبراً أن "الجلسة باطلة والقرارات الصادرة عنها باطلة أصلاً".
واتهمت النائبة عن الكتلة الديمقراطية سامية عبو، رئيس البرلمان بمخالفة الإجراءات القانونية وبتجاوز صلاحياته في ما يخص ملف العدالة الانتقالية بتعمد المرور إلى التصويت على قرار هيئة "الحقيقة والكرامة".
كما اتهمت النواب المنسحبين بمحاولات إخفاء الحقيقة وطمس الجرائم المرتكبة من خلال تعطيل عمل هيئة "الحقيقة والكرامة".
وأثارت محاكمة وزير الداخلية السابق أحمد فريعة من قبل الدوائر المتخصصة في العدالة بعد تقديم هيئة "الحقيقة والكرامة" جملة من الاتهامات والإدانات رفضاً غير مسبوق من قبل أحزاب سياسية وكتل برلمانية، اعتبرت ذلك محاكمة انتقائية وسياسية في قضية حفظها القضاء العسكري وبرأه فيها.
في المقابل، نفت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين في مداخلتها عبر قناة "التاسعة"، أن يكون وزير الداخلية الأسبق أحمد فريعة قد تعرض لمظلمة بسبب القضايا المرفوعة ضده.
وقالت سهام بن سدرين "أحمد فريعة ظل في وزارة الداخلية 16 يوماً وليس 48 ساعة كما يتصور البعض".
وتابعت سهام بن سدرين "حسب القانون الذي صادق عليه الباجي قائد السبسي عندما كان رئيساً للحكومة، فإن أحمد فريعة يتحمل مسؤولية وفاة 87 شخصاً فترة توليه الداخلية، من بينهم الأستاذ الجامعي حاتم بالطاهر".
وقالت سهام بن سدرين إنه "في الليلة الفاصلة بين 14 و15 يناير/كانون الثاني تعرض العشرات من الرجال والنساء للاغتصاب في أقبية الداخلية".
بينما شدد الوزير على أنه لم يتحمل تلك المسؤولية إلا لمدة 48 ساعة، وأنه سبق أن حوكم في هذه القضايا وبرأه القضاء فلم تُعَد محاكمته من جديد، وقال معارضون بارزون للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، من بينهم أحمد نجيب الشابي، إن فريعة حاول منع تدهور الأوضاع صبيحة 14 يناير 2011 وكان يخشى سقوط ضحايا.