لم تنجح بعد إجراءات الحكومة المركزية في العاصمة الإسبانية مدريد، في وقف استعدادات استفتاء انفصال كتالونيا، المقرر يوم غد الأحد 1 أكتوبر/تشرين الأول، رغم القرارات القضائية المتلاحقة وحملات مداهمة 30 بلدية في الإقليم، ومقارّ صحف انفصالية، ومصادرة 10 ملايين بطاقة اقتراع و1.5 مليون ملصق انتخابي، واعتقال 14 من قادة الانفصال ثم إطلاق سراحهم. لم ينجح ذلك، قبل ساعات قليلة من موعد مفترض لفتح صناديق الاقتراع في إقليم كتالونيا، في وقف خطوات الإقليم في مناسبة قد تكون الأكثر حساسية في تاريخ إسبانيا الحديث، والأكثر إزعاجاً للاتحاد الأوروبي في الأعوام الأخيرة. في الخطوات الميدانية لعملية الاقتراع، تبدو حكومة الإقليم، جاهزة نظرياً لليوم الطويل مع أن الحكومة في مدريد، جزمت، عصر أمس الجمعة، بأنه "لن يحصل استفتاء يوم الأحد في إقليم كاتالونيا". كلام رد عليه مسؤولو الإقليم من رئيسه كارليس بيغدمونت في حوار مع وكالة "رويترز" أمس، ونائبه أوريول خونكيراس في تصريح نقلته "أسوشييتد برس"، وكلاهما جزما بأن الاستفتاء حاصل يوم الأحد.
وعلى الرغم من محاولات مدريد منع الاستفتاء، إلا أن حكومة كتالونيا، نجحت بإخفاء صناديق الاقتراع، التي ستُنشر في 2700 مركز للتصويت. ورفضت شرطة الاقليم ضرب عملية التصويت، محجمة عن تنفيذ قرار المحكمة العليا في وقف العملية برمّتها. وحسم المتحدث باسم الحكومة الكتالونية جوردي تورول، الوضع بقوله إن "كل التركيز ينصب في اتجاه إجراء الاستفتاء، والتهديدات باعتقال رئيس كتالونيا (كارليس بيغدمونت) محض هراء. والاستفتاء سيُجرى في موعده"، وذلك رغم إصرار رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي مراراً على أن الاستفتاء لن يحدث، وأن حكومته والسلطة القضائية في البلاد قد اتخذتا إجراءات عدة في محاولة لمنع المضي قدماً في إجراء الاستفتاء.
وعلى الرغم من محاولات مدريد منع الاستفتاء، إلا أن حكومة كتالونيا، نجحت بإخفاء صناديق الاقتراع، التي ستُنشر في 2700 مركز للتصويت. ورفضت شرطة الاقليم ضرب عملية التصويت، محجمة عن تنفيذ قرار المحكمة العليا في وقف العملية برمّتها. وحسم المتحدث باسم الحكومة الكتالونية جوردي تورول، الوضع بقوله إن "كل التركيز ينصب في اتجاه إجراء الاستفتاء، والتهديدات باعتقال رئيس كتالونيا (كارليس بيغدمونت) محض هراء. والاستفتاء سيُجرى في موعده"، وذلك رغم إصرار رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي مراراً على أن الاستفتاء لن يحدث، وأن حكومته والسلطة القضائية في البلاد قد اتخذتا إجراءات عدة في محاولة لمنع المضي قدماً في إجراء الاستفتاء.
ومع ذلك، فإن التظاهرات والصوت القوي للانفصاليين في كتالونيا، لا يعني بأنهم يُشكّلون أكثرية مرجّحة في تحقيق انفصال الإقليم عن إسبانيا. بيغدمونت يدرك ذلك، بقوله في مقابلة مع محطة "فرنسا إنتر" الإذاعية، إنه لا يستطيع تأكيد "ما إذا كانت غالبية الكتالونيين يؤيدون استقلال الإقليم"، لكنه لا يزال "واثقاً" من أن 80 في المائة من الناخبين سيكونون على استعداد للتصويت.
في هذا السياق، يقول أحد الناخبين الكتالونيين، لويس فيلغويراس، المعارض للانفصال، لوكالة "فرانس برس" إن "الانفصاليين يدّعون أنه بعد الاستقلال كل شيء سيصبح جميلاً، لكنني أعتقد بأن الوضع سيغدو أكثر تعقيداً، لأنه سيترتب علينا المزيد من الإنفاق. وسوف نرى تأثير ذلك على الاقتصاد، والشركات، ورواتب التقاعد". ويشير فيلغويراس، الذي يقطن منطقة تاراغونا في كتالونيا، إلى أنه "هناك الكثير من الأشخاص الذين يشاركونني الرأي لكنهم لا يجرؤون على التعبير عن ذلك".
بدوره يبدي العمدة الاشتراكي روك مونيوز، الذي ترأس منطقة تاراغونا لمدة 20 عاماً، اعتقاده بأن "الناس لديهم ما يكفي من الصراع الذي استمر منذ عام 2012"، لافتاً في حديثٍ لوكالة "فرانس برس" إلى أن "الناس هنا لا يؤيدون ذلك. ولدينا وضع اقتصادي نحسد عليه، والمواطنون لا يحتاجون إلى مغامرات ولا إلى كتالونيا العظيمة والمستقلة". وعلى غرار العديد من رؤساء البلديات الاشتراكية الذين يعارضون الاستفتاء، يرفض مونيوز تخصيص مبان رسمية كمراكز اقتراع. مع ذلك تستمر التظاهرات الصاخبة للانفصاليين، وسط صمت المعارضين في الإقليم.
في المقابل، فإن استفتاء كتالونيا سيُشكّل "فاتحة" ربما، لسلسلة طويلة من الصخب الاسباني الداخلي، مع دعوة رئيس إقليم الباسك الإسباني إينيو أوركولو، الحكومة الإسبانية إلى "الاعتراف بسكان كتالونيا والباسك، والسماح لهما بإجراء استفتاء تقرير المصير، وفق نموذجي اسكتلندا وكيبيك"، داعياً إلى الحوار انطلاقاً من أن "نقطة البداية هي الاعتراف بوجود شعبين وهما الباسك وكتالونيا يريدان أن يقررا مصيرهما ديمقراطياً وبحرية". ولم يكد أوركولو ينهي كلمته، حتى دخلت جماعة "إيتا" الانفصالية الباسكية، على خط الأزمة، منددة بما أسمته "ردّ مدريد على طموحات مؤيدي استقلال كتالونيا".
واعتبرت الجماعة أن "الدولة الإسبانية هي سجن للشعوب حين تنفي الهوية الوطنية لبلاد كتالونيا". ورأت "إيتا"، التي يُنسب إليها مقتل 829 شخصاً، على الأقل، خلال حربها من أجل استقلال الباسك ونافار، أن "الأزمة، التي افتعلتها إسبانيا بسبب الاستفتاء، تثبت أن لديها مشكلة هيكلية، فبعد أربعة عقود، كشف نظام 1978، تاريخ تبني الدستور، عن وجهه الحقيقي".
المعادلة نفسها تسري على استفتاء كتالونيا، كما سرت سابقاً على استفتاء اسكتلندا 2015. في غلاسكو، رفض الاسكتلنديون بنسبة 52 في المائة في مقابل 48 في المائة الاستقلال عن بريطانيا، ما أدى في حينه إلى وقف الاندفاعة "الاستقلالية" لعددٍ من الدويلات القومية في القارة. اليوم، تنتظر تلك الدويلات مآل استفتاء كتالونيا، للإقدام أم الإحجام، عن القيام بخطواتها. ومن هذه الدويلات، جزيرة كورسيكا الفرنسية، واسكتلندا بالذات، على خلفية الرغبة في العودة إلى الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا. وأيضاً بعض مناطق البلقان، كالأقلية الصربية في البوسنة والهرسك، الراغبة في الانفصال كما كوسوفو ومونتينيغرو. ومن شأن الخطوة أيضاً أن تهدّد مصير الأراضي الأوكرانية، في حال انفصال الشرق، تحديداً لوغانسك ودونيتسك، عن كييف.
مهما كانت نتيجة يوم الأحد، فإن كتالونيا ستكون معياراً لمرحلة أوروبية جديدة، تدخل معها القارة مرحلة مستقبلية بقيادة ألمانية ـ فرنسية مشتركة، تضع حداً لنفوذ روسي متنامٍ في الشرق، وتعرقل التمدّد الأميركي بقيادة دونالد ترامب من جهة الغرب باتجاه البلطيق. كما ستكون نتيجة الاستفتاء، فرصة لقوميات أوروبا، للعدول عن اتخاذ المزيد من إجراءات الانفصال أو الاستمرار في الاتحاد الأوروبي، الذي تجاوز مخاطر اليمين الصاعد، متجهاً إلى تأمين الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والأمني لدوله.