وجهت صحيفة "واشنطن بوست"، في افتتاحيتها، اليوم الأحد، انتقادات لاذعة للسعودية، على خلفية أحكام الإعدام بحق ناشطات وناشطين بمجال حقوق الإنسان، واصفة الأحكام بأنّها "بربرية"، واعتبرت أنّ الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان، "يتصرفان كطغاة من عصر مظلم".
ولفتت الصحيفة إلى التناقض بين الصورة "اللامعة" التي رسمها محمد بن سلمان، في خطته "رؤية 2030"، عندما تعهّد بأنّ النظام الحاكم "سيتلقّى آراء المواطنين"، "ويستمع إلى كل الرؤى ووجهات النظر"، ويريد أن "يمنح الجميع الفرصة ليقولوا كلمتهم"، مشيرة إلى أنّ "الحقيقة ليست جميلة" كما تبدو.
وأضافت أنّ "ثمن التعبير عن الرأي في السعودية، الموت بقطع الرأس".
وأضاءت الصحيفة على قضية الناشطة إسراء الغمغام، (29 عاماً)، التي اعتقلت مع زوجها موسى الهاشم، في ديسمبر/كانون الأول 2015، ولا تزال محتجزة احتياطياً منذ ذلك الحين، من دون حق التمثيل القانوني.
وذكرت أنّ الغمغام كانت تقود الاحتجاجات المناهضة للحكومة، في منطقة القطيف المضطربة في شرق السعودية، منذ ثورات الربيع العربي عام 2011، للمطالبة بوضع حد للتمييز ضد الشيعة، والإفراج عن السجناء السياسيين.
وذكّرت الصحيفة بما أوردته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بأنّ الاتهامات التي سيقت ضد الغمغام، تتضمن "المشاركة في الاحتجاجات في منطقة القطيف، وكذا التحريض على الاحتجاج، وأيضاً ترديد الشعارات المعادية للنظام، إضافة إلى محاولة إثارة الرأي العام وتصوير الاحتجاجات ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي وتقديم الدعم المعنوي لمثيري الشغب".
ورأت أنّ "حكام السعودية غير متسامحين مع المعارضة ويعاقبونها بشدة"، مشيرة إلى طلب المدعي العام، في 6 أغسطس/آب الحالي، عقوبة الإعدام بحق الغمغام وزوجها وأربعة آخرين. وقالت إنّه بهذه العقوبة، وبحال تنفيذها، ستكون الغمغام أول امرأة تواجه الإعدام في المملكة بتهمة الاحتجاج السلمي، على الرغم من أنّ هذه العقوبة تستخدم في كثير من الأحيان في قضايا جرائم العنف.
ووصفت "واشنطن بوست" حكم الإعدام بحق أي ناشط حقوقي بتهمة التظاهر السلمي، سواء كان رجلاً أم امرأة، بأنّه "بربري".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ السعودية هاجمت، في الآونة الأخيرة، كندا، بسبب انتقاداتها لسجل الرياض "البائس" في مجال حقوق الإنسان، بدعوى التدخل في شؤونها الداخلية، معتبرة أنّه يستحيل غض الطرف عن مثل هذه "الممارسات من العصور الوسطى".
وفي هذا الإطار، دعت الصحيفة إلى اتخاذ موقف مماثل لموقف كندا، وقالت إنّه "سيكون مشجعاً أن تتمكّن الولايات المتحدة، أقوى ديمقراطية في العالم، من رفع الصوت عالياً ضد الانتهاكات" في السعودية.
وذكّرت الصحيفة بأنّ المملكة انخرطت في حملة مستمرة ضد المعارضة، إذ سجنت السلطات السعودية المدون رائف بدوي وأخته سمر بدوي، بسبب دفاعهما عن حقوق الإنسان، ودعوتهما لمزيد من الاعتدال في بلادهما، متسائلة "هل كانت هذه المطالبات حقاً خطيرة؟".
وكما بدأت "واشنطن بوست" افتتاحيتها، عادت لتختمها بالإضاءة على التناقض بين خطة بن سلمان "رؤية 2030"، وبين قراراته على أرض الواقع.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ بن سلمان يعد بأنّ "قيم الاعتدال والتسامح ستكون حجر أساس نجاحنا"، بينما تقول وثيقة رؤيته إنّ "مبادئ المملكة العربية السعودية تشمل الحرص على حقوق الإنسان"، خاتمة بالقول إنّه "ربما ينبغي على الملك وولي عهده قراءة كتيباتهما الخاصة والارتقاء بها، لأنّهما، على ما يبدو، يتصرفان كطغاة من عصر مظلم".