لم يكن قرار رئيس النظام المصري الحالي، عبدالفتاح السيسي، توسيع عمل لجنة بحث أوضاع السجناء، سواء المتهمون بقضايا ولم يصدر ضدهم أحكام بعد، أو الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية، إلا من أجل الهروب من عراقيل دستورية وقانونية. ويقتصر قرار السيسي توسيع عمل اللجنة الخماسية، على قضايا النشر والرأي والتظاهر، مع استثناء المتهمين في أحداث عنف، خصوصاً من أبناء التيار الإسلامي، تحديداً أعضاء جماعة الإخوان المسلمين. لكن توجه رئيس النظام المصري والأجهزة الأمنية، الذي عبّر عنه أعضاء اللجنة، والذي يغلب عليها مؤيدو النظام الحالي، كان موضع تشكيك كبير في إمكانية إصداره عفواً بحق الشباب الموجودين في السجون بأعداد كبيرة.
ويعتبر المراقبون أن لجنة نظر أوضاع المحبوسين لا تأتي إلا لتحسين صورة النظام الحالي، خصوصاً في ظل عدم وجود نية في رفع الظلم عن عدد كبير من السجناء. ووفقاً لمصادر خاصة، تحدثت إلى "العربي الجديد"، فإن اﻷجهزة اﻷمنية وأطرافاً بالرئاسة تدخلت مرتين على اﻷقل، لمنع إفراج السيسي عن الشباب المسجونين في قضايا ولم يثبت تورطهم في العنف، أو بعض الناشطين عقب تصريحات مماثلة للسيسي. وذكرت المصادر أنه في إحدى المرات، حصل التدخل قبل تنفيذ عملية إطلاق سراح بعض الشباب، وأنه في مرة أخرى، فرضت أجهزة اﻷمن كلمتها برفض الإفراج عن أحد بدعوى أن هذه الخطوة تضر باﻷمن القومي وهي خطر على نظام السيسي، بحسب ما أوردت المصادر نفسها.
وقال محام يتابع قضايا رافضي الانقلاب، إنه لا يتوقع في أي وقت أن يتجه السيسي فعلياً لرفع الظلم الواقع على أبناء التيار الإسلامي، من غير المتورطين في أعمال عنف. وأضاف المحامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، كونه يتابع قضايا المعتقلين أمام المحاكم، أن استثناء المتهمين في قضايا عنف من أسماء الكشوف المقدمة لمؤسسة الرئاسة، أمر يمكن تفهمه في إطار رغبة النظام الحالي في تجميل الصورة، من دون تحقيق العدل ورفع الظلم عن الآلاف من الشباب في السجون. وتابع في حديثه مع "العربي الجديد" أن خصوم النظام السياسيين يتم تلفيق قضايا عنف لهم ، وبالتالي يتم استثناؤهم لأنهم يعتبرون الكتلة الحرجة التي يمكن أن تشكل خطراً على النظام. وشدد على وجود آلاف ممن لم يتورطوا في العنف، وأغلبهم تم القبض عليهم من منازلهم فجراً، ولم يتم القبض عليهم في تظاهرات أو خلال القيام بأعمال عنف، ومع ذلك يتم تلفيق التهم بحقهم، وفق المحامي نفسه.
وقال حقوقي مصري إن المشكلة لا تكمن في العفو الرئاسي أو الإفراج عن العشرات أو حتى المئات، بل في سجن أضعاف الرقم الذي من المتوقع خروجه من السجن. وأضاف الحقوقي لـ"العربي الجديد" أنه لا بد من الضغط على النظام الحالي لوقف أية أعمال أمنية تهدف إلى القبض على الشباب من منازلهم دون ارتكابهم أية مخالفة للقوانين. وطالب بضرورة تشكيل جبهة واسعة من الحقوقيين والسياسيين والشخصيات العامة، لوقوف تغول الجهاز الأمني في العمل السياسي، وعدم استغلال السلطة المخولة لهم في ممارسة انتهاكات معينة. وتابع أنه لولا موافقة السيسي على ممارسات وزارة الداخلية تحت حجة مواجهة الإرهاب والإخوان المسلمين، لما كانت الأجهزة الأمنية تجرؤ على تلك التجاوزات الفجة.
وشدد الحقوقي على أن هناك تشكيكاً كبيراً في مسألة المفرج عنهم بعفو رئاسي، لا سيما أن أغلبهم سيكون من الأسماء المعروفة، في حين هناك المئات من القضايا التي تضم مظلومين وقعوا فريسة لتجاوزات الأمن، بحسب تأكيده. ولفت إلى وجود قضايا يفشل الأمن في حلها، ويأتي بعدد من المختفين قسرياً واتهامهم فيها، وآخرهم قضية محاولة اغتيال النائب العام المساعد، زكريا عبدالعزيز، في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي في القاهرة.