وقال مسؤول قريب من مكتب العبادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي يدرس خطوات معركته ضد الفساد بدقة وحذر، إذ إنّه وضع خطوات جدية وفعلية لهذه الحرب التي ستكون طويلة الأمد"، مبينا أنّ "اللجان التي شكلها قدمت له تقارير وافية عن حجم الفساد وأماكن نفوذه، وخطورته، وقدمت تفاصيل في الملفات التي جرى رصدها".
وأوضح المسؤول ذاته أنّ العبادي "قرر أن تكون أولى خطواته باتجاه قصور صدام حسين، والتي سيطرت عليها جهات سياسية وأحزاب، وقامت ببيعها بشكل رسمي إلى جهات أخرى"، مبينا أنّ "رئيس الحكومة وجّه بتشكيل لجنة خاصة سرية تعمل على متابعة هذا الملف وتحديد الجهات التي تقف وراءه".
وأضاف أنّ "اللجنة باشرت عملها فعليا، وهي بصدد إعداد التقارير اللازمة"، موضحا أنّ "العديد من تلك القصور تم بيعها بشكل رسمي خلال حكومة نوري المالكي وبتوجيه مباشر منه، وقد سيطر هو على الأموال المتحصلة من عملية البيع".
وأكد المتحدث ذاته أنّ "أحزابا أخرى متورطة في عملية البيع، أغلبها مرتبطة بالحزب الحاكم، وأنّ العبادي يسعى إلى جمع المعلومات الوافية والأدلة بشأنها قبل التحرك قانونيا"، مشيرا إلى أنّ "جمع المعلومات مستمر، والعبادي وعد بأن يكون التحرك بشأنها علنيا في حال استكمال عناصر الملف".
وقال النائب المقرب من العبادي، جاسم محمد جعفر، إنّ "الحرب على الفساد تتطلب تعاونا من جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية"، مؤكدا، في تصريح صحافي، أنّ "المتهمين بقضايا فساد كبيرة الذين يقصدهم العبادي لا يتجاوزون أصابع اليد، وملفاتهم تخص أموال عقود النفط والعملة، وعقود الأسلحة والكهرباء وغيرها".
وأضاف جعفر أنّ "رئيس الحكومة سيحيل الأسماء والقضايا المشتبه فيها إلى القضاء، الذي سيكون على عاتقه التحقيق في الأمر، وإعلان تلك الأسماء سيكون عبر القضاء"، مشيرا إلى أنّ "الخبراء الدوليين الذين استعانت بهم الحكومة يعملون على مراقبة الأموال في الخارج منذ عامين، ولديهم تصاريح دولية لتعقب الأموال والحسابات في البنوك والمصارف العالمية بعد أن خولتها الحكومة العراقية بذلك".
ويشكك مسؤولون في قدرة العبادي على إتمام حربه ضد الفساد، إذ إنّ "الرؤوس الكبيرة للفساد لا يستطيع العبادي أن يصل إليها، وبقاء الفساد مرهون ببقاء تلك الرؤوس".
وقال نائب عن تحالف القوى العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "خطوة العبادي تجاه القصور الرئاسية هي خطوة غير مبشرة في إطار حربه التي يتوعد بها"، موضحا أنّ "العبادي يرى رأس الفساد ولا يستطيع أن يتحرك ضدّه".
وأوضح أنّ "موضوع القصور الرئاسية جرى التحقيق فيه في السابق وأغلق من دون نتائج تذكر"، مؤكدا: "الأحزاب تقاسمتها فيما بينها".
وذكر النائب ذاته أنّه "يتحتم على العبادي في حال أراد فعلا محاربة الفساد أن يبدأ بكبار الفاسدين، وهم المتورطون بصفقات الأسلحة الروسية، وتهريب سجناء أبو غريب، وإدخال "داعش" وسقوط الموصل"، مشيرا إلى أنّ "تقارير التحقيقات جاهزة بهذه الملفات، وقد أدين بها العديد من المسؤولين، وعلى رأسهم نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي"، مبينا أنّ "معركة الفساد الحقيقية يجب أن تبدأ بتفعيل هذه الملفات قانونيا".
ويثير حديث رئيس الحكومة العراقية عن معركته المرتقبة ضدّ الفساد جدلا في الأوساط العراقية، ويوضح مراقبون أنّ "الحملة لا تعدو كونها حملة مبكرة للدعاية الانتخابية، وأنّ العبادي غير قادر على الوقوف في وجه الفاسدين".
وقال الخبير السياسي، عبد اللطيف الجشعمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "سلطة المال في العراق هي أقوى حتى من سلطة الدولة، وأنّ زعماء سلطة المال استطاعوا من خلال أموالهم ونفوذهم بناء صروح كبيرة لا أحد يستطيع أن يطاولها".
وأضاف أنّ "هؤلاء الفاسدين حصّنوا أنفسهم بأموالهم وبالمليشيات التابعة لهم، إذ إنّ جميع مؤسسات الدولة خاضعة لنفوذهم وتخشى سطوتهم"، مؤكدا أنّ "العبادي متيقن أن حملته لن تحقق شيئا، وهو بنفسه لا يريد منها سوى الحملة المبكرة والدعاية الانتخابية".
وأشار الجشعمي إلى أنّ "هذه الحملة ستبقى قائمة حتى الانتخابات، من ثم ستتلاشى شيئا فشيئا".