بدت الساعات التي رافقت انتهاء مهلة زعيم "التيّار الصدري" مقتدى الصدر، لرئيس الوزراء حيدر العبادي، حرجة للغاية بالنسبة للطرفين وتحالفهما "التحالف الوطني" المنقسم على نفسه، فلم يستطع العبادي حسم تقديم حكومة التكنوقراط المرتقبة، ولم يتوافق مع الكتل السياسية بشأنها. الأمر الذي يقرّب من احتمال الفشل، والذي لا يبقي أمام العراقيين سوى خيارين أفضلهما مرّ، فإما استقالة العبادي في ظل هذا الظرف العصيب، أو إقدام الصدر على تنفيذ تهديداته.
في هذا السياق، يكثّف رئيس الوزراء اجتماعاته وحواراته مع قادة التحالف الوطني مجتمعين وفرادى، محاولاً الضغط عليهم للتوصل لحلّ، في وقت يستمر فيه وزراء العبادي من كافة الكتل إعلان استقالاتهم تباعاً، فيما تُخطّط كتل "التحالف الوطني" الحاكم، للحصول على أكبر قدر من المنافع والامتيازات، مستغلين الظرف العصيب والضغوطات على العبادي، الذي وجد نفسه وحيداً في وسط هذه الأحداث المتسارعة.
من جهته، يشير نائب في "التحالف الوطني" لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "التحالف عقد اجتماعاً مساء الجمعة، بحضور العبادي لبحث حلٍّ للخروج من الأزمة السياسية"، مبيّناً أنّ "العبادي أكّد استمراره بإجراء الحوارات لتقديم حكومة التكنوقراط، وأنّ التشكيلة الجديدة تحتاج الى وقت".
اقرأ أيضاً العراق: تعزيزات أمنيّة عند بوابات الخضراء وترقب لتهديدات الصدر
كما يشير النائب إلى أنّ "العبادي أكّد لقادة التحالف، أنّ تشكيل الحكومة لا يمكن أن يقيّد بـ 24 ساعة، وإنّ ذلك يعني محاولة لإفشال كل الجهود من قبل الصدر"، لافتاً إلى أنّ "العبادي أكّد أنّ اعتماد قائمة الصدر التي قدمها لأسماء الوزراء غير ممكن، وأنّ الكتل السياسية لا تقبل بذلك، فيما سنعتمد جزءاً من تلك الأسماء كوزراء عن كتلة الصدر". واعتبر أنّ "العبادي لوّح بتقديم استقالته في حال فشل بتقديم الحكومة، أو استمرّ التضييق عليه من قبل الصدر".
ويؤكّد النائب، أنّ "قادة التحالف عجزوا عن التوصل لحل للأزمة بين الصدر والعبادي، خصوصاً أنّ الصدر لم يُبدِ تراجعاً عن شروطه"، مشيراً إلى أنّ "التحالف مستمر بعقد اجتماعاته، وسيبحث طرح العبادي لتسع وزارات فقط كمرحلة أولى لتشكيل الحكومة، وفي حال تم الاتفاق على ذلك فإنّ العبادي سيقدم اليوم الاثنين المقبل وزراءه إلى البرلمان".
من جهتها، تبحث كتلة "المواطن" المنضوية ضمن "التحالف الوطني"، تشكيل حكومة من أكثرية سياسية، في حال فشل العبادي بتشكيل "حكومة التكنوقراط". في هذا الإطار، يقول النائب عن الكتلة، محمد اللكاش، في تصريح صحافي، إنّ "الكتل السياسية لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء ما يحصل من تحركات"، مبيّناً أنّ "الكتلة تبحث تشكيل حكومة أكثرية لا تحتم مشاركة كل المكونات، كحل تلجأ إليه في حال فشل العبادي".
بدوره، يرى الخبير السياسي رافع عبد الجليل، أنّ "الانقسام داخل كتل التحالف الوطني أجج الأزمة السياسيّة". ويوضح، عبد الجليل، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "صراع الزعامات داخل التحالف تسبب بكل تلك الأزمة، وأنّ التدخّل الإيراني واضح للتسوية"، مبيّناً أنّ "طهران لا تقبل بتفكّك التحالف بكل الأحول، وأنها مستمرّة بالتشاور مع أطرافه يوميّاً، وستتمكّن خلال اليومين الأخيرين من تسوية الأزمة".
ويشير إلى أنّ "الصدر لم ينفّذ تهديداته على الرغم من انتهاء المهلة، وأنّه لن يقدم على أي تحرّك أو عمل ميداني، عدا الاعتصامات والتظاهرات، لأنّه لا يريد أن يكون سبباً بانقسام التحالف وأن يخسر تأييدهم، في وقت يطمح فيه للحصول على الامتيازات، وأن يظهر بمظهر الوطني الذي يخطط للإصلاح، لذا فإنّه سيتوافق مع الحلول المطروحة".
ويرجّح عبد الجليل، أنّ "يشهد الأسبوع الحالي نهاية هذه الأزمة بتوافق بين قادة التحالف الوطني، لتشكّل حكومة حزبية طائفية تحت مسمى التكنوقراط". وكانت مهلة الـ 24 ساعة التي حدّدها الصدر للعبادي لتقديم حكومة التكنوقراط، قد انتهت مساء السبت.
اقرأ أيضاً: المالكي يصعّد بموازاة وساطات العبادي ـ الصدر