يستعد رئيس الوزراء العراقي السابق، زعيم تحالف النصر، حيدر العبادي، لتشكيل نواة جبهة معارضة داخل البرلمان تتبنى نهجاً يعارض مسار العملية السياسية، وتكون مؤثرة في صنع القرار السياسي وتشريع القوانين البرلمانية، ما ينتظر أن يؤدي إلى تعقيد مهمة رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي. ومع أنّ العراق لم يشهد تشكيل كتل معارضة منذ عام 2003، لكنّ مراقبين يرون أنّ هذه الخطوة ستكون ناجعة، وسيكون للعبادي دور مؤثر في قرارات الحكومة والبرلمان، خلافاً لما كان سيحصل لو ارتضى بمنصب معين في الحكومة، خصوصاً بعد نجاحه في إقناع كتل أخرى بهذا التوجه.
في هذا السياق، ذكر نائب عن تحالف النصر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الإقصاء الذي تعرّض له تحالف النصر، من قبل حكومة عبد المهدي، والتي لم تمنحنا أي وزارة، دفع باتجاه تغيير تفكير التحالف ورئيسه (حيدر العبادي)"، معتبراً أنّ "العبادي اليوم، بدأ حراكاً فعلياً للإعداد لنواة معارضة برلمانية". وأكد أنّ "هذه المعارضة ستعمل بشكل رسمي داخل البرلمان، وتسعى لتعديل مسار العملية السياسية في البلاد، بعد أن انحرفت عن جادة الطريق"، لافتاً إلى أنّ "ائتلاف النصر بأكمله سيكون جبهة معارضة، وستنضم إلى الجبهة كتل سياسية أخرى تعرّضت للتهميش في الحكومة، إذ يتم العمل حالياً على استقطابها ومن بينها ائتلاف الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وعدد من نواب دولة القانون، وغيرهم من النواب".
وأشار إلى أنّ "جبهة المعارضة، ستكون جبهة واسعة، وسيكون لها الدور الكبير بالتأثير بشكل إيجابي في العملية السياسية، وتشريع القوانين داخل البرلمان"، مؤكداً: "ستعمل الجبهة وفق برنامج مدروس يتم إعداده حالياً، وستأخذ على عاتقها إنهاء مظاهر الفساد، والمقايضات السياسية، والابتزاز السياسي، ولن تكون جبهة انتقامية على ما لحقنا من تهميش، بل ستكون جبهة مؤسساتية، تعمل لصالح الشعب، وتمرير القوانين التي تخدمه، لا التي تخدم الطبقة السياسية".
وأضاف: "هناك خطة متكاملة لتشكيل هذه الجبهة، وهناك ترحيب من الكثير من الجهات السياسية بها، فضلاً عن أنّه لا يمكن تعديل المسار من دون وجود جبهة معارضة"، مشيراً إلى أنّ "رئيس تحالف النصر حيدر العبادي، رفض جميع الضغوط، والمحاولات لثنيه عن تشكيل هذه الجبهة، حيث عرضت عليه مناصب كنائب رئيس الجمهورية، وما زالت الضغوطات تمارس عليه لإقناعه بالقبول بالمنصب، وترك توجهه نحو تشكيل جبهة المعارضة".
وشدّد على أنّ "العبادي لن يقبل بأي منصب، وسيستمر بطريقه نحو تشكيل الجبهة المعارضة"، لافتاً إلى أنّ "هناك جهات سياسية عملت على تهميش دور العبادي وتحالفه، لكنّه يصر على أن يكون فاعلاً ومؤثراً بشكل إيجابي في العملية السياسية، وأنّ المعارضة هي الخيار الوحيد لتحقيق ذلك".
ولم يحصل تحالف النصر، وكذلك تيّار الحكمة، على أي حقيبة وزارية في الحكومة، بعد تنصّل عبد المهدي من وعوده لهما، بتشكيل حكومة توافقية، الأمر الذي أثار استياءهما بشدّة، ما دفع بالعبادي إلى التوجه نحو إنشاء الجبهة المعارضة.
من جهته، قال النائب عن تيّار الحكمة، علي البديري، في تصريح صحافي، إنّ "هناك بوادر بدأت منذ الجلسة الأولى للبرلمان، لذهاب بعض الكتل السياسية والبرلمانية نحو المعارضة"، مرجحاً أنّ "يتم تشكيل كتلة برلمانية قوية من حيث العدد داخل البرلمان". ولم يحدّد البديري الكتل السياسية التي تعتزم التوجه نحو المعارضة.
ورأى مختصون في الشأن السياسي، أنّ "العبادي يمهّد من خلال الإعداد لنواة المعارضة، لدور كبير في العملية السياسية، بخطوات ناجعة". وقال الخبير في القانون الدستوري، غزوان محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "خطوة العبادي نحو تشكيل نواة المعارضة، هي خطوة نحو المسار الصحيح، إذ سيكون لها الثقل الكبير في العملية السياسية، واستطاع العبادي أن يفيد من أخطاء عبد المهدي، الذي همّش كتلاً سياسية كبيرة في حكومته"، مضيفاً أنّ "العبادي ووفقاً لثقله السياسي يستطيع استقطاب عدد من الكتل الناقمة على عبد المهدي".
وأكد أنّ "كتلة المعارضة ستضع الحكومة والبرلمان تحت مطرقتها، وستعمل ككتلة رقابية على البرلمان والحكومة، ويمكنها أن تجبر الكتل على القبول بخياراتها، والحصول على المناصب الأخرى كوكلاء الوزراء والمديرين العامين، وتفرض سيطرتها على مؤسسات الدولة".
وأضاف: "كما ستعمل على تمرير القوانين التي تخدمها للدورة البرلمانية المقبلة"، لافتاً إلى أنها "كما ستعمل على الإفادة من أي ظرف طارئ، ففي حال سحب الثقة من حكومة عبد المهدي في أي وقت، وهذا توجه وارد، فسيكون الدور البارز في تلك المرحلة لجبهة المعارضة، وقد تمسك بزمام الحكومة، وفي أضعف الحالات فإنّها ستجبر من يشكل الحكومة بالنزول عند رغبتها والقبول بشروطها". وأكد أنّه "في كل الأحوال، إنّ جبهة المعارضة ستكون جبهة ذات تأثير كبير، وستحقق للعبادي الكثير من طموحاته السياسية، فيما لو بقي داخل البرلمان واقتنع بأحد المناصب التي يحاول عبد المهدي إقناعه بها".