ويقول مسؤولون محليون في المدينة، إنّ أقل من ثلث السكان عادوا للمدينة وبشكل متذبذب فهم غير مستقرين، بسبب التنافس بين عدة مليشيات في المدينة وضعف دور الجيش العراقي في بسط نفوذه، مؤكدين أن انسحاب حزب "العمال الكردستاني" كان شكلياً، فقد ترك عناصره المحليين الذين قام بتجنيدهم يديرون شؤون المدينة وأوضاعها، حتى تحولت إلى مركز كبير لإدارة عمليات التهريب مع سورية.
وتوجد في المدينة فصائل عديدة مسلحة مختلفة الولاء والتبعية أبرزها مليشيات "وحدات حماية الأيزيديين" بقيادة حيدر ششو، وهي قريبة من حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" (الطالبانيين)، ومليشيات "بيشمركة سنجار" بزعامة قاسم ششو وهي قريبة من الحزب "الديموقراطي الكردستاني"، بزعامة مسعود البارزاني إلى جانب القوة الأبرز في المدينة وهي "وحدات حماية سنجار"، التي تعتبر الذراع العراقية لحزب "العمال الكردستاني" التركي، وتمتلك ترسانة قوية من الأسلحة وبالعادة معهم مقاتلون كرد أتراك من "العمال الكردستاني".
وبحسب عضو في المجلس البلدي لمدينة سنجار، فإنّ وجود الجيش العراقي شكلي والمدينة تدار من قبل المليشيات الكردية والعرب، رغم كونهم الثقل الأكبر بمحيط سنجار ذاتها لا أثر لهم بالمعادلة لكونهم مطرودين من مناطقهم ويمنعون من العودة.
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "مناطق في جبل سنجار لا يمكن للجيش العراقي الوصول إليها حتى الآن، بسبب اعتبارها منطقة حظر من قبل وحدات حماية سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني".
وأشار إلى أنّ "القوى التي تسيطر على المدينة قامت بتعيين عدد من الموالين لها بشكل غير رسمي لإدارة المفاصل المهمة في سنجار، دون أن تحصل على موافقة الحكومة المحلية في نينوى، أو الحكومة الاتحادية في بغداد".
وفي السياق دعا مسؤول كردي في إربيل، اليوم الخميس، إلى ما وصفه إعادة الإدارة الشرعية لمدينة سنجار، وذلك في إشارة إلى قائم مقام المدينة محما خليل الذي ترفض المليشيات عودته وقامت بتسمية بديل عنه.
وقال المسؤول عن العلاقات الخارجية في إقليم كردستان العراق، ديندار زيباري في بيان، إن المؤسسات الشرعية في سنجار لم تتمكن من العودة الأمر الذي حال دون عودة النازحين، مرحباً بطلب بعثة الأمم المتحدة في العراق بشأن "تطبيع الأوضاع في سنجار".
وأشار زيباري إلى أن "السكان في سنجار غير قادرين على العودة إلى منازلهم بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية، وانعدام الخدمات فيها، فضلاً عن الدمار الذي لحق بها على يد الإرهابيين".
وأضاف: "لا يزال القسم الأكبر من بيوتها مزروعاً بالألغام والعبوات الناسفة"، منتقداً عدم تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها ومن بينها سنجار، على الرغم من تحريرها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي".
وطالب قائم مقام مدينة سنجار محما خليل في وقت سابق، بطرد "حزب العمال الكردستاني" من سنجار، مؤكداً أن الحزب يفرض قوانين مجحفة بحق أهالي المنطقة. وشدد على ضرورة تشكيل قوة مشتركة من الجيش العراقي وقوات "البيشمركة" الكردية من أجل حماية سنجار.
وفي مارس/ آذار الماضي، قتل جنديان عراقيان على يد مسلحي حزب "العمال الكردستاني" قرب سنجار خلال محاولتهما منع عملية تهريب، وتم دهس أحد الجنود بسيارة رباعية الدفع حتى الموت. وعلى إثر ذلك، منحت بغداد مهلة ثلاثة أيام لمسلحي الحزب بتسليم قتلة الجنود العراقيين، إلا أن الحزب لم يستجب كما أن انتشاره في المنطقة ذاتها لم ينكمش.
وكان دخول مسلحي حزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، إلى مدينة سنجار، أول مرة في العاشر من أغسطس/ آب 2014 تحت غطاء قتال تنظيم "داعش"، وتحرير المختطفين الأيزيديين، قادمين من معاقلهم التقليدية في مرتفعات الحسكة السورية وجبال قنديل العراقية، وسط سكوت عراقي فهم حينها على أنه ترحيب بجهودهم في قتال تنظيم "داعش"، إلا أن المليشيات اتخذت في ما بعد المدينة وقرى تابعة لها معقلاً جديداً لها، وتقول أنقرة إنه يمارس أعمالاً عدائية ضدها انطلاقاً من مدن عراقية بينها سنجار.