لا يكاد يمرّ يوم واحد من دون أن تنفّذ فيه القوات الأمنية العراقية حملات لملاحقة وتفكيك خلايا تنظيم "داعش" الإرهابي، في محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين وكركوك وديالى، ويؤكّد عسكريون أنّ تلك الحملات لا تخلو من مخاطر الصدام مع عناصر التنظيم، وقد تسبب بعضها بسقوط قتلى وجرحى بين صفوف القوات العراقية.
ويعدّ خطر خلايا التنظيم من أكبر المخاطر الأمنية التي ما زال يواجهها العراق، على الرغم من مرور نحو عشرة أشهر على إعلان تحرير البلاد بشكل كامل، خاصة أنّ نشاط تلك الخلايا بدأ يتصاعد بشكل لافت.
وقال ضابط في قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات العراقية تنفّذ في كل يوم حملات ملاحقة لخلايا داعش أينما وجدت، في مناطق المحافظة"، مبيناً أنّ "القوات تضع خططاً عسكرية خاصة لكل عملية دهم، وتتخذ تدابير عسكرية لأي طارئ قد يحدث، إذ إنّ غالبية عمليات الدهم لتلك الخلايا تشهد صداماً واشتباكات مع عناصر التنظيم".
وأكّد الضابط عينه أنّ "عمليات مطاردة خلايا التنظيم لا تخلو من المخاطر، وقد تسببت بسقوط العديد من القتلى والجرحى، خاصة في الموصل وكركوك، إذ إنّ غالبية عمليات الدهم التي تنفذها القوات العسكرية تشهد اشتباكات، توقع قتلى وجرحى"، لافتاً إلى "غياب إحصائية لعدد ضحايا القوات العراقية الذين يسقطون خلال عمليات تفكيك تلك الخلايا".
من جهته، حذّر رئيس أركان الجيش، عثمان الغانمي، من خطورة خلايا "داعش"، داعياً القيادات الأمنية إلى القضاء عليها.
وقال الغانمي، خلال اجتماع له بقيادات عمليات صلاح الدين والموصل والأنبار، "يجب الالتزام بالتوجيهات العسكرية، والتنسيق بين قيادات العمليات، وإحكام النهايات السائبة، التي تستغلها خلايا داعش لتنفيذ مخططاتها الإجرامية".
وشدّد على "أهمية تفعيل الجهد الاستخباري، خاصة أنّ المعركة اليوم مع داعش هي معركة معلومات، بعد أن تم القضاء عليه عسكرياً"، مؤكداً "ضرورة التعاون والتنسيق مع المواطنين، كونهم يعدون المصدر الأول في الحصول على المعلومات المهمة".
في غضون ذلك، أعلن مركز الإعلام الأمني العراقي عن "تفكيك خلية إرهابية في الموصل"، وقال المتحدث باسم المركز، العميد يحيى رسول، في بيان صحافي، إنّ "مفارز الاستخبارات العسكرية في الجيش العراق فككت خلية إرهابية، في منطقة البو سيفي جنوبي الموصل".
وأوضح أنّ "الخلية كانت تخطط لتنفيذ عمليات إجرامية في المنطقة والمناطق القريبة منها"، مشيراً إلى أنّ "العملية نفذت وفقاً لمعلومات استخبارية دقيقة، وتمكنت القوات من إلقاء القبض على عناصر الخلية، وتمت إحالتهم على التحقيق".
وتعتمد القوات العراقية في الأساس، في مواجهتها خلايا "داعش"، على البعد الاستخباري، والتعاون مع المواطنين، لتحديد عناصر الخلية وأماكن وجودها، وفي بعض الأحيان تتم مهاجمتهم كأفراد، وأحياناً خلال اجتماعات لهم.
وقال ضابط في قيادة العمليات المشتركة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المعلومات التي تصلنا على مدار الساعة من قبل المواطنين، ومن قبل الأجهزة الاستخبارية، يتم اعتمادها أولاً بأول وحسب نوع المصدر، ومدى الثقة به"، مبيناً أنّ "القوات العراقية المنتشرة في كافة المناطق المحررة، وغيرها، لديها فرق خاصة جاهزة على مدار الساعة لتنفيذ الهجمات، حسب التوجيهات".
وأوضح أنّنا "وحسب المعلومة التي نحصل عليها، نوجّه إحدى الفرق الموجودة على مقربة من الخلايا المكشوفة، للتحرك تجاهها"، مبيناً أنه "أحياناً نكشف أحد عناصر الخلية، ولا نستطيع انتظار اجتماعه ببقية عناصر الخلية، فنوجه قوة تتحرك لاعتقاله، ومن خلاله نحصل على معلومات تفيدنا أحياناً في القبض على عناصر الخلية كلهم".
وأضاف "بالتأكيد عناصر داعش يواجهون في غالبية الأحيان، فهم من تنظيم إرهابي يسعى للقتل والدمار، وقد وقعت اشتباكات عدّة مع عناصر خلايا التنظيم، وسقط ضحايا بين قتلى وجرحى من الطرفين، لكن ليس بأعداد كبيرة"، مبيناً أنّ "مواجهة الإرهاب، ومحاربته، تحتاج إلى التضحية، وأنّ قواتنا الأمنية قدمت وتقدم قوافل من الشهداء في سبيل القضاء على الإرهاب".
وأشار الضابط إلى أنّه "على الرغم من استمرار العمليات لتفكيك خلايا داعش في الموصل وغيرها من المحافظات، إلا أنّ التنظيم ما زال يحتفظ بأعداد كبيرة من تلك الخلايا التي من الممكن أن تشكّل خطراً على عدد من المناطق المحررة والمجاورة لها"، مبيناً أنّ "الحكومة قدمت الدعم الكافي وسخرت كافة إمكاناتها في سبيل القضاء على هذه الخلايا".
ويؤكّد مراقبون أمنيون ضعف الخطط الأمنية الموضوعة للقضاء على خلايا "داعش"، التي تصاعد خطرها أخيراً، ونشطت بشكل ملحوظ في أكثر المحافظات، والتي استطاع التنظيم من خلالها تحقيق جزء كبير من أهدافه الإجرامية.