قضت محكمة العدل الأوروبية، الأربعاء الماضي، بإبقاء حركة حماس على لائحة الاتحاد الأوروبي للمنظمات "الإرهابية". ويبدو أن وثيقة "المبادئ والسياسات العامة" التي اعتمدتها "حماس"، في مايو/أيار الماضي، وتضمنت قبول الحركة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، لم تكن كافية لإقناع قضاة محكمة العدل الأوروبية بـ"حسن سير وسلوك" حركة حماس، التي كانت تأمل بالعودة إلى الساحة الدولية، وتحسين صورتها في أوروبا.
لا يُلام الأوروبيون على موقفهم، وإن ظلموا حماس، فوثيقة الحركة، وما تضمنته من تحولات سياسية في برنامج الحركة السياسي، لم تُقنع حتى دولاً عربية مُسلمة، مثل السعودية، بنزع صفة "الإرهاب" عن حركة تُعرف عن نفسها بأنها "حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها"، كما ورد في البند الأول من وثيقة "المبادئ والسياسات العامة" للحركة. فقد طالب "ذوو القربى" دولة قطر، خلال الأزمة الراهنة، بنبذ حركة حماس "الإرهابية" وطرد قياداتها من الدوحة. وقبل ذلك طالب وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، المسؤولين القطريين "أن يغيروا سياستهم"، و"يكفوا عن دعم المجموعات المتطرفة، وبينها حركة حماس". وبعد ذلك وصف السفير السعودي في الجزائر، سامي بن عبد الله الصالح، صراحة، وفي بث تلفزيوني مباشر، حركة حماس "بالإرهابية". وبمقارنة القرار الأوروبي، بحملات التحريض العربية ضد حماس، لا تُلام "العدل" الأوروبية، إذ تظلم الحركة من الأشقاء، و"ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند".
وربما لا نظلم أحداً بطرح السؤال حول مُبررات القرار الأوروبي الجديد، الذي وصفته حماس بـ"المُسيس"، ومدى تأثر القرار الأوروبي بالمواقف السعودية المُسيسة جداً؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، لا ينبغي أن يغفل ما كشف عنه تقرير أوروبي بعنوان "مستشارو العلاقات العامة والموظفون الرسميون في الاتحاد الأوروبي: كيف تُبيض شركات العلاقات العامة الأوروبية الأنظمة القمعية"، وجاء فيه أن نحو 2500 وكالة علاقات عامة، ومجموعة ضغط، تعمل في العاصمة البلجيكية، بروكسل، حيث المقر الرئيسي للاتحاد الأوروبي، تتلقى تمويلات من أنظمة قمعية وديكتاتورية من جميع أنحاء العالم، مقابل تنظيم حملات لتلميع صورة هذه الأنظمة، وتشويه سمعة معارضيهم وخصومهم.