وأمس الجمعة، خلّصت هذه الغارات، تنظيم "داعش" من قائد "جيش الإسلام" زهران علوش، الذي قاتل التنظيم بحزمٍ، وأنهى وجوده في الغوطة الشرقية، ومناطق متاخمة لها، خاصة حيي برزة والقابون (شمال شرق دمشق)، وشنّ ضده معارك في مناطق القلمون الشرقي. وكان فصيله يعتبر الأبرز بين تشكيلات المعارضة السورية، في عدم وقوفه على الحياد من "داعش" منذ بدايات ظهور التنظيم.
كما كان لافتاً، أن التنظيم أحرز تقدماً خلال هذه الغارات، في ريف حمص الجنوبي الشرقي (سيطر على مهين وصدد بداية الشهر الماضي)، ثم عقد صفقاتٍ مع النظام، انتقل فيها العشرات من مسلحيه من جنوب دمشق، نحو مناطق سيطرته في البادية السورية وصولاً للرقة، قبل أن يمروا بمناطق خاضعة للنظام وفي مرمى الطائرات الحربية الروسية.
وفيما قالت موسكو، أول أمس، وعلى لسان رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة الروسية، إنّ طائراتها الحربية، نفّذت "منذ 30 سبتمبر/أيلول 5240 طلعة قتالية في سورية، بما في ذلك 145 طلعة قامت بها قاذفات وحاملات صواريخ من سلاح الجو الاستراتيجي بعيد المدى"، فإن المعطيات الميدانية كانت تشير بكل وضوح، إلى أن كثافة هذه الهجمات الجويّة، استهدفت مناطق المعارضة في ريفي حمص وحماه الشماليين، وكذلك ريف اللاذقية الشمالي، وحلب الجنوبي والغربي والشمالي، ومناطق متفرقة في ريفي إدلب ودرعا، وغوطة دمشق الشرقية، وكل هذه المناطق خاليةٌ من أي وجود لتنظيم "الدولة الإسلامية".
وبينما تقول روسيا إنها ماضيةٌ بحربها على "الإرهاب" في سورية، بالتزامن مع إطلاق العملية السياسية، فإنّ عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني عبد الرحمن الحاج، يؤكّد أن "العملية السياسية هي مجرد وقت، تريد من خلاله موسكو الاستمرار في استراتيجية القضاء على كل صوتٍ معتدل في الثورة السورية، وهي استكمالٌ لاستراتيجية النظام الذي سعى عبرها لإخماد الثورة".
وقال الحاج، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "النظام ومنذ خروج التظاهرات ضده عام 2011، تعمّد قتل وقصف المدنيين بشكل وحشي وممنهج، لأن هذا سيولد تطرف الثورة بالضرورة، وأطلق عدداً كبيراً من السجناء السلفيين بالتزامن للوصول إلى هذا الهدف، وبالتالي فإن حشر الثورة باتجاه التطرف، يمنحه شرعية القضاء عليها أمام المجتمع الدولي".
وتابع المسؤول في المعارضة السورية: "لكنّ بقاء قوة الجيش السوري والمعارضة السياسية حاضرة، صَعّبَ الأمر على النظام لأنّه أراد أن يبقى على الأرض هو وداعش فقط، وبالتالي سيختاره المجتمع الدولي كونه أهون الشرين"، مشيراً إلى أنّ "تداعي قوة النظام عسكرياً أمام المعارضة في هذه السنة تحديداً، جعل روسيا تأتي بقوتها العسكرية لتتابع الاستراتيجية ذاتها التي كان يعمل عليها النظام، وهي القضاء على المعارضة المعتدلة التي يمكن أن تكون بديلاً للأسد".
واستشهد السياسي السوري على ذلك بـ"الصفقة الخيالية وغير المسبوقة بين النظام وداعش في جنوب دمشق أخيراً"، والتي سينتقل خلالها مئات من مقاتلي التنظيم إلى مناطق سيطرته، معتبراً إياها "خطيرة جداً، فالعملية قد تكون مبعث ارتياح للمجتمع الدولي كونها ستُبعد داعش عن دمشق، لكن هي تؤكّد رواية المعارضة بوجود عمليات تبادل أدوار واستلام وتسليم مناطق بين النظام والتنظيم".
واعتبر الحاج ما يجري بمثابة "فضيحة لروسيا التي تدعي أنّها جاءت للقضاء على داعش، بينما تُبين هذه الصفقة بأنها تحمي مسلحي التنظيم".
وأخيراً، فقد أكّد عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني، أن "تقدم النظام ميدانياً على حساب المعارضة في بعض المناطق يبقى محدود جداً، على الرغم من الغطاء الجوي الكثيف الذي تقدمه روسيا، لأن ما ثبت حتى الآن أن ما يجري هي معارك كر وفر، كانت خسارة النظام البشرية فيها كبيرة جداً وغير مسبوقة في فترة زمنية قصيرة، وهذا يعني أن لا إمكانية للحديث عن انتصارات للنظام في مناطق المعارضة، فالنظام لم يحقق تقدما يذكر بعد الغارات الروسية إلا في مناطق سيطرة داعش بريف حلب الشرقي (تحديداً في مطار كويرس)".
اقرأ أيضاً: روسيا تصفّي زهران علوش تمهيداً للقضاء على المعارضة السورية