قُتل مدير سجن "صيدنايا العسكري" سيىء الصيت، العميد الركن محمود أحمد معتوق، في ظروف غامضة أمس السبت، حيث لم تتوفر معلوماتٌ دقيقة عن ملابسات مقتله.
وأعلنت عائلة معتوق مقتله أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ينحدر من قرية فديو في ريف اللاذقية. كما أكدت صفحة قرية "فديو" على "فيس بوك" مقتل معتوق، وقالت إنه سيتم تشييعه اليوم الأحد.
وكتبت منال معتوق، وهي شقيقة العميد المتهم بضلوعه في عمليات تعذيب وتصفية معتقلين، في منشورٍ على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنّه "قُتل خلال أداء واجبه الوطني"، دون ذكر تفاصيل أكثر.
وتحدّثت بعض الصفحات الموالية للنظام السوري، أن معتوق قتل خلال مشاركته في معركة "كسر الحصار عن إدارة المركبات" في مدينة حرستا بريف دمشق، غير أن نشطاء سوريين اتهموا النظام بقتله لإخفاء أسرار خطيرة حول "المسلخ البشري"، وهو الاسم الذي أطلقته "منظمة العفو الدولية" أمنستي على سجن صيدنايا، إضافة لاسم "أسوأ مكان على وجه الأرض".
وتسلّم معتوق منصبه لإدارة سجن صيدنايا، في شهر مايو/أيار 2013، بعد مقتل مدير السجن السابق اللواء طلعت محفوظ، إثر كمين نفّذه "الجيش السوري الحر" في مدينة التل بريف دمشق.
ولدى محفوظ شقيق يقاتل مع قوات النظام برتبة ضابط، كان قد قُتل سابقاً خلال هجوم النظام السوري على محافظة دير الزور شرق سورية.
وكانت منظمة العفو الدولية "أمنستي" قد أكّدت أن قوات النظام أعدمت 13 ألف معتقل داخل سجن صيدنايا، تم شنقهم سرّاً على مدار السنوات الخمس الماضية.
وسجلت في سجن صيدنايا حالات اختفاء ومقتل عشرات آلاف المعتقلين، بحسب إفادات منظمات حقوقية وإنسانية ومعتقلين سابقين فيه، كان آخرها ما نشرته منظمة العفو الدولية في تقرير لها، في فبراير/شباط العام الماضي، تضمن حديث المنظمة عن قيام النظام السوري بتنفيذ إعدامات جماعية سرية شنقا بحق 13 ألف معتقل، غالبيتهم من المدنيين المعارضين، في سجن صيدنايا، خلال خمس سنوات منذ بداية الثورة في سورية.
وقالت المنظمة الحقوقية في تقريرها تحت عنوان "مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا"، إنه "بين 2011 و2015، كل أسبوع، وغالبا مرتين أسبوعيا، كان يتم اقتياد مجموعات تصل أحيانا إلى خمسين شخصا إلى خارج زنزاناتهم في السجن، وشنقهم حتى الموت".
وتشير المنظمة إلى أنه خلال هذه السنوات الخمس "شنق في صيدنايا سراً 13 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين الذين يعتقد أنهم معارضون للنظام".
وتفيد تقارير بأن السجن معد لاستيعاب نحو 5 آلاف سجين، وفي حالة الازدحام الشديد قد تصل قدرته الاستيعابية إلى 10 آلاف سجين، لكن عقب بداية الحراك السوري عام 2011، وصل عدد المعتقلين فيه إلى 15 ألف معتقل، في وقت تنفذ عشرات الإعدامات داخله بشكل أسبوعي.
ويقع سجن صيدنايا العسكري قرب بلدة صيدنايا الجبلية الواقعة بالقرب من مدينة التل على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة السورية، دمشق، دخل السجن الخدمة عام 1987، وعرف خلال ثلاثين سنة من عمره بأنه أسوأ سجون النظام السوري العسكرية، فالسوريون يقولون إن "الداخل لسجن صيدنايا العسكري مفقود والخارج منه مولود".
ويتألف سجن صيدنايا العسكري من مبنيين، المبنى القديم ويُعرف بالمبنى الأحمر، وهو الأشد خطراً على حياة المعتقلين جراء التعذيب وسوء الرعاية الصحية، وهو مخصص للمعتقلين السياسيين والإسلاميين، والمبنى الأبيض وهو مخصص للعسكريين، المرتكبين مخالفات عسكرية كالفرار أو عصيان الأوامر وغيرها من قضايا العسكريين، وهو أيضاً يُعتبر من أقسى السجون العسكرية.
أما المبنى الرئيسي لسجن صيدنايا فيتألف من ثلاثة طوابق، يُقسم كل طابق إلى ثلاثة أقسام، في كل قسم 20 مهجعاً جماعياً، طول الواحد منها 8 أمتار بعرض 6 أمتار، في حين يحتوي الطابق الأرضي على مائة زنزانة منفردة، لا تزيد مساحة الواحدة منها عن أكثر من متر مربع واحد. المبنى المكون من ثلاثة أبنية، تجمع بينها ساحة تسمى "المسدس"، ويتوسط الأجنحة الثلاثة برج مرتفع، ويتبعه مبنى يُسمّى "مبنى القيادة"، وتوجد فيه مكاتب الضباط المسؤولين عن السجن، في حين يتألف المبنى الأبيض، وهو بناء مستقل مستطيل الشكل، من أربعة طوابق، وهو أصغر من المبنى الرئيسي القديم.
ويوزع المعتقلون في المبنى الأحمر منذ افتتاحه، حسب انتماءاتهم والتهم الموجّهة إليهم، إذ ضم السجن معتقلين إسلاميين من "الإخوان المسلمين" منهم من اعتُقل منذ ثمانينيات القرن الماضي، ومن حزب "التحرير الإسلامي"، ومعتقلين من جنسيات عربية على رأسهم لبنانيون وفلسطينيون، إضافة إلى معتقلين سياسيين شيوعيين وأكراد، إضافة إلى العسكريين.