تسببت معلومات نشرها موقع "ديلي بيست" بشأن تورط رئيس الوزراء العراقي الأسبق، رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ونجله وصهره بالفساد، بإثارة موجة جدل واسعة داخل الشارع العراقي، قابلها حزب "الدعوة" الذي يتزعمه المالكي بهجوم مقابل على الموقع، وعلى من يروج لتلك المعلومات التي وردت.
وأورد "ديلي بيست"، في تقرير نشره أمس الخميس، أن وزارة العدل الأميركية تجري تحقيقاً مع شركة تعاقدات عسكرية زعمت تقديم رشاوى لمسؤولين عراقيين، بينهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ونجله أحمد المالكي وصهره ياسر المالكي، للظفر بعقود أمنية استثنائية، موضحة أن تحقيقاً استقصائياً أجرته بيّن أن شركة التعاقدات العسكرية "ساليبورت غلوبال سيرفيسز" لعبت دوراً في رشاوى للمالكي وأقاربه.
كما بينت علاقة المالكي مع شركة تدعى "آفاق" قامت ببيع حق وصول وتسهيلات عدد ضخم من عقود عسكرية أميركية، عن طريق متعاقدين عسكريين أميركيين أفشوا بما لديهم على الرغم من كون ذلك يشكل خطراً عليهم.
وأشار "ديلي بيست" إلى لقاء أجراه مع مع 30 مصدراً، من ضمنهم متعاقدون يعملون في الحقل التجاري بالعراق طلبوا عدم ذكر أسمائهم خشية تعرضهم لردود فعل محتملة.
وأضاف أن "شركة (ساليبورت) تدير منشآت عسكرية في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لكن باكورة أعمال الشركة تقع في قاعدة بلد الجوية، وهي قاعدة في شمال بغداد، تضم طائرات أف 16 يتم تمويلها من الحكومة الأميركية"، لافتاً إلى أن العام 2014 شهد حصول الشركة على عقد من القوة الجوية العراقية من أجل توفير خدمات دعم وتدريب وحماية أمنية للقاعدة (بلد)، ومن ضمنها خدمات مثل توفير الطعام والطاقة الكهربائية، إذ تلقت الشركة مبلغاً مالياً يفوق المليار دولار أميركي مقابل خدماتها بالقاعدة.
ونقل الموقع عن مصادر في شركة "ساليبورت" قولها إن شركة "آفاق" الكويتية شريك، ووعدت مسؤولين عراقيين بتقديم أموال مقابل تسجيل الشركة الأميركية كمتعاقد في قاعدة بلد، مبينة أن 10 أشخاص ممن تم التحقيق معهم أكدوا تورط المالكي وأن له "هيمنة كاملة على شركة آفاق".
وأكد "ديلي بيست" أن وزارة العدل الأميركية تجري تحقيقات بشأن خروقات للقوانين من خلال ممارسات فساد خارجية ارتكبتها شركة "ساليبورت" تتحدث عن تقديم رشاوى لمسؤولين عراقيين.
وتسبب التقرير بموجة من الجدل الواسعة داخل العراق، حيث تعالت أصوات سياسية مطالبة بفتح ملفات الفساد المالي بأثر رجعي منذ عام 2006 وهو عام تولي المالكي للسلطة بالعراق والتي استمرت لأكثر من ثماني سنوات
وفي هذا السياق، قال عضو التيار الصدري في محافظة البصرة سعد العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم فتح ملفات الفساد يعني أننا فاسدون كطبقة سياسية بالعراق"، وفقا لقوله، مبينا أنه "لا أحد يستغرب من التحقيق الأميركي، فكلنا نعلم أن المالكي وعائلته نهبوا العراق، لكن الاستغراب في اتخاذ الحكومة وضع الصامت المتفرج، من دون التعليق على الموضوع أو الإعلان عن مباشرتها بالتحقيق في ملفات الفساد".
بدوره، أكد عضو الحزب الشيوعي العراقي علي الدراجي، أن التقرير يكشف عن ضرورة ملحة لتطهير العملية السياسية بالعراق كما يتم الآن تطهير أجهزة الأمن من العناصر الفاسدة، مبينا أن "المقلق هو أن القضاء متورط في عملية الصمت المطبق على تهم الفساد تلك ويشارك السياسيين في هذا الملف بشكل كامل وواضح".
في المقابل، اتهم القيادي بحزب الدعوة الإسلامية، سعد المطلبي، شخصيات عراقية لم يسمها بدفع أموال لـ"ديلي بيست" من أجل "تسقيط" المالكي، معتبراً خلال تصريح صحافي، أن "الموقع المذكور ليس رصيناً، ويرتبط بعلاقات مع شخصيات وجهات سياسية عراقية".
وفي السياق، أكد مصدر مطلع مقرب من ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، أن الائتلاف سيتحرك لإقامة دعوى قضائية ضد الموقع. ووفقا للمصادر ذاتها التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المالكي كلف فريقا قانونيا بالرد على التحقيق وتفنيده، والذي اعتبره متعمداً وينطوي على تهديد لائتلاف دولة القانون كونه من أشد الرافضين للوجود الأميركي في العراق.