وشملت القائمة من الكيانات اليمنية، جمعية "الإحسان الخيرية"، ومؤسستي "الرحمة" و"البلاغ" الخيريتين، وثلاثة من المشايخ السلفيين من قادة هذه المؤسسات، وهم الشيخ عبدالله محمد اليزيدي، والشيخ أحمد علي أحمد برعود، والشيخ محمد بكر الدباء، وجميعهم من الناشطين في محافظة حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية، شرقي البلاد.
ووفقاً لمصادر سلفية لـ"العربي الجديد"، فإن المستهدف الأبرز من هذه العقوبات، كان جمعية "الإحسان الخيرية"، التي تعد ثاني أكبر الجمعيات السلفية الخيرية وإحدى مؤسستين تمثلان السلفية الحركية في اليمن، والأخرى هي جمعية "الحكمة اليمانية الخيرية"، وتتمتع "الإحسان" بحضور قوي، في المحافظات الجنوبية والشرقية للبلاد على وجه خاص.
واعتبرت المصادر، أن التصنيف من قبل التحالف، يحمل "بصمة إماراتية"، حيث جرى استهداف جمعية الإحسان، ورئيسها عبدالله اليزيدي، الذي كان قد اعتقل عام 2016، على أيدي ما يُعرف بـ"قوات النخبة الحضرمية"، التي تأسست العام الماضي بدعم وإشراف من أبوظبي، أثناء العملية العسكرية التي انسحب على إثرها مسلحو تنظيم "القاعدة"، من مدينة المكلا، شرقي البلاد، وبعد سبعة أشهر من الاعتقال، أُفرج عنه بعد أن أثار اعتقاله استياءً واسعاً في الأوساط الحضرمية.
ويعد اليزيدي من مواليد مديرية غيل باوزير في حضرموت عام 1957، درس فيها وأكمل تعليمه الجامعي في الكويت، ويشغل رئيس جمعية الإحسان، ويمثل واحداً من أبرز شيوخ السلفية الحركية في اليمن ومن أهم رجال العمل الخيري في حضرموت، فيما يأتي ثاني أهم اسم في القائمة إلى جانبه، الشيخ أحمد برعود، والذي عمل مديراً لـ"مؤسسة الرحمة الخيرية"، المصنفة بالاتهامات بالتعاون مع "القاعدة" (وسبق أن صنفتها واشنطن بقائمة المتهمين بتمويل الإرهاب التابعة لوزارة الخزانة الأميركية).
وتقول مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن التهم الموجهة لليزيدي وبرعود بالتعاون مع تنظيم "القاعدة"، لا تبتعد عن كونها "كيدية" في إطار الصراع مع قطر، لكنها توضح أن أبرز دوافع هذه الاتهامات، مشاركة اليزيدي وبرعود، بتأسيس "المجلس الأهلي الحضرمي"، وهو المجلس الذي دعم تنظيم "القاعدة"، تأسيسه من قيادات ومكونات محلية عديدة في حضرموت، أثناء سيطرته على مدينة المكلا، والتي استمرت منذ أبريل/نيسان 2015 وحتى الشهر نفسه من العام الذي يليه، وجاء اتهام الاسم الثالث، وهو الشيخ محمد بكر الدباء لكونه من أبرز مسؤولي "جمعية الإحسان الخيرية"، في حضرموت.
ومن خلال الأسماء، وباعتبار أن الثلاثة من محافظة حضرموت، واثنان منهما كانا في سجون القوات القريبة من الإمارات لشهور، يبدو واضحاً أن أبوظبي، كان لها تأثيرها الأساسي بالقائمة المعلنة، وكان من اللافت، في التناول الإعلامي، الذي يتحدث عن المتهمين، أنه يستند إلى تقارير صحافية، تشير إلى أن اليزيدي وبرعود والدباء دشنوا في العام 2016، مشاريع خيرية، بدعم من مؤسسة "عيد الخيرية" القطرية وكذلك "قطر الخيرية"، وهي أنشطة موثقة بالصور، كغيرها من المشاريع التي تنفذها جمعيات خيرية متعددة الخلفيات، ولم توضح التناولات الرابط بين تلك المشاريع، وبين الاتهامات بالإرهاب.
وفي حضرموت، نفت مصادر محلية الأنباء التي تحدثت عن قيام سلطات الأمن في المدينة، باعتقال اليزيدي وبرعود.
من جانب آخر، يعد تصنيف "جمعية الإحسان"، في قوائم الإرهاب من قبل الدول الأربع، تطوراً مثيراً، يمكن أن تكون له آثاره، على أحد أكبر التيارات السلفية في اليمن، إذ إن الجمعية تأسست عام 1992 وتتبنى أعمالاً خيرية في مختلف المحافظات، كما تضم في إطارها شخصيات سلفية بارزة، بعضها يتمتع بعلاقة جيدة مع الرياض. ويعد حزب "الرشاد" السلفي، الذي كان أول حزب للسلفيين في اليمن وتأسس منذ سنوات، من المحسوبين على هذه الجمعية، وسبق أن اتهمت واشنطن الأمين العام للحزب عبدالوهاب الحميقاني، بدعم الإرهاب، ورفضت الحكومة اليمنية هذه الاتهامات، قبل أن يُعلن اسمه في قائمة الـ59 للدول الأربع الشهر الماضي، على الرغم من وجوده في السعودية.
ويضع هذا التطور، قطاعاً كبيراً من التيار السلفي والجمعيات الخيرية المختلفة، أمام تهديد ضمها لاحقاً لقائمة هذه الدول، ومن أبرز الجمعيات المهددة، جمعية "الحكمة اليمانية"، أكبر الجمعيات السلفية ويليها "الإحسان". ولطالما نشط السلفيون في اليمن، دون عوائق كبيرة، لكنهم بعد هذا الإجراء، قد يجدون أنفسهم في معركة وجودية، توجه إليهم تهمة خطيرة وهي "الإرهاب".
ولا يستبعد أن تطاول لاحقاً جمعيات محسوبة على حزب التجمع اليمني للإصلاح (المحسوب على الإخوان المسلمين)، وتتهم أبوظبي الأخير بـ"الإرهاب"، واعتقلت قيادات في الإصلاح إلى جانب قيادات "الإحسان"، في حضرموت، بوقت سابق.