قال عاطف أبو بكر، القيادي السابق في تنظيم "فتح المجلس الثوري"، في الجزء الثاني من حديثه لبرنامج "وفي رواية أخرى" على شاشة التلفزيون العربي، إنّ زعيم التنظيم صبري البنا "أبو نضال" "رفع شعار الكفاح المسلّح والتحرير الكامل وشعارات براقة أخرى، للتغطية على نشاطه، وكان محظوراً عليه كل شيء إلا الدم الفلسطيني".
وتناول القيادي السابق في "فتح المجلس الثوري"، وهو تنظيم فلسطيني مسلّح منشق في فترة السبعينيات والثمانينيات، عدداً من الاغتيالات التي نفذها "أبو نضال" ضد فلسطينيين، منهم ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لندن سعيد حمامي، وممثل المنظمة في باريس عز الدين القلق، والسفير الفلسطيني في الكويت علي ياسين، وسفير فلسطين في باكستان غازي درويش، وممثل منظمة التحرير في لشبونة عصام السرطاوي.
وقال أبو بكر، سفير فلسطين الأسبق في يوغسلافيا وتشكوسلوفاكيا والمجر، إنّ "أبو نضال حاول اغتيال صلاح خلف (أبو إياد) خمس مرات، لأنّه كان أكثر قادة فتح جدية في إنهاء ظاهرة أبو نضال".
وذكر أنّ "أبو نضال كان رجلاً انتقامياً ودموياً إلى أبعد الحدود، وكان يغطّي جرائمه بما يشاء من ذرائع سياسية نابعة من خياله"، مضيفاً أنّ "أبو نضال مثّل ظاهرة لتشويه النضال الفلسطيني في أوج الاعتراف الدولي به، حيث بدأ الإرهاب يلصق بنا لأول مرة، ومعه بدأت أول سابقة للاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني".
وأوضح أبو بكر أنّه "من خلال التمعّن في مسار الأحداث، وطبيعة عمليات أبو نضال، نستنتج أنّه كان صنيعة إسرائيلية، ونفّذ العديد من العمليات خدمة لمصالح إسرائيل مباشرة، منها محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن عام 1982 حيث شكلت ذريعة لاجتياح لبنان".
وقال إنّ "إسرائيل كانت تهيّئ علناً لاجتياح جنوب لبنان تحت شعار (سلام الجليل) وكانت تنتظر مبررات، وقد قال قائد جبهة الشمال حينها: لو أطلقت رصاصة ضد إسرائيل في لندن سنصل بيروت"، مشيراً إلى أنّ "جماعة أبو نضال وفّروا الغطاء للاجتياح باستهداف السفير الإسرائيلي في لندن".
"أبو نضال" ممثلاً لفتح في العراق
وتناول القيادي السابق في تنظيم "فتح المجلس الثوري" بدايات إيفاد "أبو نضال" إلى العراق، لتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، قائلاً إنّ "قيادة فتح عقدت الأمل على انتماء أبو نضال البعثي لتعزيز علاقاتها بالعراق".
وتابع أبو بكر "رافقتُ أبو نضال بسيارته من عمّان إلى بغداد، ليتسلّم منصب معتمد فتح في العراق، ومدير منظمة التحرير الفلسطينية عام 1970"، مضيفاً أنّه "لو كان أبو نضال قد عُيّن في مكان غير العراق، لما استطاع تكوين مجموعة بعد الانشقاق عن فتح".
وأضاف أنّ "الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن البكر استقبل عام 1971 وفداً من منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة صلاح خلف (أبو إياد)، ومحمود عباس وأبو داود، ورافقهم أبو نضال في اللقاء، وفي معرض دفاع البكر عن وقوف الجيش العراقي مع الأردن، في أحداث أيلول الأسود، انحاز أبو نضال إلى موقف البكر، على نقيض أعضاء الوفد، ما أدى إلى وقوع مشادة كلامية بينه ومحمود عباس بعد اللقاء".
وتابع أبو بكر "وضع أبو نضال محمود عباس على لائحة القتل بسبب تلك المشادة، وقد حاول اغتياله عام 1974، لكنّ العملية أخفقت، وقد فصلت قيادة حركة فتح أبو نضال من الحركة، بعد محاولته اغتيال محمود عباس".
وذكر أبو بكر أنّ "أبو نضال كوّن مجموعة تحت اسم (فتح المجلس الثوري) بعد فصله من حركة فتح، وأنّ بغداد وضعت كل الدعم المخصص للقضية الفلسطينية تحت تصرف أبو نضال بعد انشقاقه من فتح".
وتابع أنّ "أبو نضال نفّذ عمليات متعددة ضدّ سورية، لصالح النظام العراقي، منها محاولة اغتيال وزير الخارجية السوري الأسبق عبد الحليم خدام عام 1977 في مطار أبوظبي، وعمليات أخرى ضد عدد من السفارات السورية، وخطوط الطيران السورية في الخارج".
جبهة الرفض
تناول أبو بكر تشكيل "جبهة الرفض" عام 1974، بعدما أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني إقامة الدولة الفلسطينية على أي جزء من فلسطين، وذلك كجزء من برنامج النقاط العشر الذي اعتمده المجلس أساساً للبرامج السياسية المرحلية المقبلة.
وذكر أنّ تكتّل "جبهة الرفض" عارض سياسة البرنامج المرحلي، ورأى أنّ الكفاح المسلّح هو الأساس للتحرير الكامل لفلسطين التاريخية.
وقال أبو بكر إنّ "القراءة كانت موضوعية، لكنّ الإشكالية كانت هي أنّ جبهة الرفض لم تكن فلسطينية خالصة وعرفت تدخلاً من العراق وسورية".
المعسكر الشرقي السابق
تناول أبو بكر تجربته في تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في يوغسلافيا، وبعدها في تشيكوسلوفاكيا ثم المجر، قائلاً إنّ "المعسكر الاشتراكي كان يشكّل نقطة توازن دولي بالنسبة للفلسطينيين، مقابل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، ولم يكن لإسرائيل تواجد في ذلك المعسكر".
وأوضح أنّه "بانهيار المعسكر الاشتراكي خسرنا غطاء دولياً كبيراً، إذ تحوّلت الكثير من عواصم المعسكر الاشتراكي إلى ساحة لأدوار إسرائيل، خلافاً للفترات السابقة".
وذكّر بأنّ منظمة التحرير الفلسطينية كانت لديها دورات أمنية وعسكرية في يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، وكان كثير من الوفود الفلسطينية يتردّد باستمرار على دول شرق أوروبا.