يكتب ريمي بيغاغليو أن ملايين المصريين خرجوا للشوارع يوم 30 يونيو/ حزيران سنة 2013، تلبية لنداء الجيش المصري ونشطاء. أي بعد سنة من حكم الرئيس محمد مرسي. وينقل عن نائل شامة، الباحث في العلوم السياسية، أن سبب الإطاحة بالرئيس مرسي كان يتمثل في تذمّر المصريين من النقص الذي عرفته قطاعات الدولة.
القليل فقط من المصريين، حينها، كانوا يتخيلون، كما يكتب بيغاغليو، "أن بلدهم سيعرف بعد ثلاث سنوات، "أسوأ قمع عرفته مصر منذ عقود". في سنة 2014 تبنت مصر دستورا ليبراليا وتم انتخاب الماريشال السيسي رئيسا في انتخابات لم تَخلُ من اعتراضات.
ولكن القمع الذي أُطلق ضد الإخوان المسلمين توسّع، كما يرى الصحافي الفرنسي، على الفور لـ"يَشمل كل قوى المعارضة"، وهو ما يصفه نائل شامة بالقول: "إن أجهزة الأمن تجد نفسَها في منطق الخوف الرهابي والانتقام".
والحصيلة اليوم، كما يراها صحافي لاكَرْوا، هي "أن النظام أصبح يهاجم، من الآن فصاعدا، كلَّ المجتمع المدني". ويعود بنا إلى ما عرفه شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، من مرحلة قمع متصاعد ابتدأ مع اقتراب الذكرى الخامسة لثورة يناير/ كانون الثاني 2011. والهدف، كما ينقل عن نديم حوري، من منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأميركية، هو "إسكات كل الأصوات المستقلة".
ولا يَخْلو أي ميدان من القمع، سواء تعلق الأمر بـ"أطفال الشارع"، الذين كانوا يبثون فيديوهات ساخرة عن طريق الإنترنت، أو مجال الثقافة الذي دفع، بشكل خاص، ثمن هذه السياسة الرسمية.
ويذكر مثال الكاتب أحمد ناجي ومثال الصحافي والباحث إسماعيل الإسكندراني، الذي تمثَّل جُرمه في "انتقاد السياسة التي تقوم بها الدولة في سيناء". وهو اعتقال يرى فيه أحمد عبد النبي، محامي هذا الصحافي "خطابا سلبيا جدا، مُوجَّها للصحافيين، يدفعهم لممارسة الرقابة الذاتية".
وقد تلت اعتقال هذا الصحافي حملة للشرطة ضد الصحافيين، حيث قامت في مطلع مايو/أيار باقتحام نقابة الصحافيين واعتقال اثنين منهم، عمرة بدر ومحمود السقا. وفي 29 مايو/أيار، اعتقلت الشرطة نقيب الصحافيين يحيى قلاش واثنين من الأعضاء السامين، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، بتهمة إيواء الصحافيين السابقين. وسيُعرَض قلاش وزميلاه على النيابة العامة في الأيام القادمة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ، ففي 15 يونيو/حزيران، كما نقرأ في المقال، دانت عشر منظمات مصرية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان مشترك، اعتقال السلطات المصرية، منذ سنتين، لمئاتٍ من الشباب الأبرياء، تعرضوا لانتهاكات بالغة لحقوقهم أثناء مراحل التحقيق، وفي أماكن الاحتجاز، بسبب أحكام وغرامات ظالمة أو بسبب اعتقال مؤقت غير قانوني تمّ تمديدُهُ. وقد أطلقت هذه المنظمات حملة "أصوات خلف القضبان"، للدفاع عنهم.
ولكن المثير في الأمر هو أن بعض هذه المنظمات، نفسها، لم يُفلت أعضاؤها من ضغوط النظام المصري. وآخرُ ضحايا القمع، كما تقول الصحيفة الفرنسية، هي الناشطة النسوية مزن حسن، مديرة جمعية "نظرة"، التي منعت من السفر، يوم 27 يونيو/ حزيران.
ويختتم ريمي بيغاغليو مقاله عن الراهن المصري، بهذه الحصيلة: "استُخدِمَت الثورة أداةً في مجتمع مدني جنيني أثناء سنوات مبارك. ولكن في الوقت الذي يتواصَلُ فيه الإرهابُ الخفيّ والصعوبات الاقتصادية، ورغم الوعود الديمقراطية للرئيس السيسي، فإن هذا الأخير ليس مستعدا لإفساح مكانٍ للديمقراطية في مصر السيسي الجديدة".