في مخيم عين الحلوة يتبدى "مشغل التراث الفلسطيني" واحة فرح ضمن المخيم المشغول بالسياسة والعسكر. فهو يهتم بالتراث الشعبي الفلسطيني بخصائصه كلها. فلكلّ بلدة فلسطينية "قطبتها"، مثلما تقول المسؤولة في المشغل جميلة الأشقر.
تعمل في هذا المركز 25 امرأة فلسطينية، ممن يعانين من ظروف اجتماعية صعبة ولا يجدن من يعيلهنّ. يعملن في التطريز الذي يعدّ أحد أبرز الفنون التراثية الفلسطينية، وكل قطبة منها ترتبط بقصّة من مدينة فلسطينية.
تروي إحدى النساء العاملات في المركز: "تراث لباسنا الفلسطيني يشتريه العدو الصهيوني بأغلى الأثمان، لتلبسه مضيفة الطيران الإسرائيلية وتتباهى به، وتعلن كذباً: إنّه تراث إسرائيل. ونحن نتحدّى أيّ امرأة إسرائيلية أن تعرف كيف تغرز هذه الغرز الفلسطينية بصبر".
تحوك سيّدة أخرى عباءة فلسطينية وتقول: "نوجّه من خلال التراث الفلسطيني رسالة حضارية وثقافية تتكامل مع نضالنا الوطني من أجل تحقيق هدفنا بتحرير وطننا والمحافظة عليه، فأينما وُجد الزي الفلسطيني وجدت القضية الفلسطينية".
وتشير مسؤولة معرض التراث الفلسطيني إلى أنّ "الاهتمام بالتراث الفلسطيني وبإقامة معارض كان فاعلا قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان، لكنّه تراجع كثيراً بعد الاجتياح بسبب تدمير مركزنا، وبالطبع تدمير مؤسساتنا الفلسطينية جميعها".
تضيف: "بعد انسحاب العدو الصهيوني من لبنان بدأنا العمل على إعادة بناء المركز، والعمل على مشروع التطريز على الثوب والشرشف والحقيبة وغيرها، لإقامة معرض تراثي فلسطيني، وأوّل معرض أقمناه بعد الاجتياح كان هنا في مخيم عين الحلوة، كان جداً ناجحاً ومردوده كان مهماً بالنسبة لنا، وانطلقنا منه للإعداد لمشروع متكامل".
وتؤكد أنّ "أهم ما كان في المعرض، إضافة إلى قضية الحفاظ على التراث وترسيخه في عقول الشباب، هو أنّ اللواتي يعملن في المركز هنّ نساء أرامل أو مطلقات أو نساء لا معيل لهنّ، والعمل يؤمن لأسرهن مردوداً يقيهنّ العوز وسؤال الناس".
هي رسالة بوجهين: محاربة النسيان من خلال تذكّر فلسطين، ومحاربة الفقر للمحافظة على كرامة من لا معيل لهنّ؟ وتختم الأشقر: "التراث الفلسطيني هو هويتنا وحريتنا، ولن نسمح لأحد بأن يشوهه أو ينسبه إلى نفسه".